جدّدت اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان المطالبة بضرورة إيجاد حلّ اجتماعي لمشكلة تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وأكدت على لسان رئيسها المحامي فاروق قسنطيني بأن الحل القضائي سوف لن يكون له أية فائدة لإرغام الشباب على العزوف في المغامرة من أجل العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، مستدلا باستمرار عمليات التوقيف التي تطال عشرات الشباب. حذّر رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، من خطورة تفاقم وضع الشباب »الحراق« في الفترة المقبلة، وأرجع ذلك بالأساس إلى الارتفاع النسبي في نسبة محاولات الوصول إلى الضفة الشمالية من حوض المتوسط في الفترة الأخيرة، وهو الأمر الذي دفع به إلى مطالبة السلطات العمومية بضرورة مراجعة سياستها في التعامل مع هذه الظاهرة الاجتماعية، وكان قصد قسنطيني من هذا الكلام »إعادة النظر في التدابير القانونية التي اتخذتها الحكومة في هذا الإطار«. وإذا كان التقرير السنوي الذي أعدّه فاروق قسنطيني قد أولى اهتماما بالغا بمسألة تنامي الهجرة غير الشرعية إلى جانب كونه تضمن توصيات بهذا الخصوص، فإن ذلك لم يمنعه كذلك من الإشارة إلى أن هذه الظاهرة ستبقى مستمرة في حال لم يتم الاهتمام أكثر بمشاكل وانشغالات الشباب، وحصر هذه الانشغالات في جانبين أساسيين ويتعلق الأمر بالشغل والسكن، ومن دون هذين الشرطين فإن المتحدّث لا يرى أي طائل من الاكتفاء بإقرار إجراءات ردعية. إلى ذلك جدّد فاروق قسنطيني في تصريح هاتفي ل »صوت الأحرار« المطالبة بإلغاء العمل بعقوبة السجن في حق كل الموقوفين عبر ما أصبح يسمى ب »قوارب الموت«، حيث قال في إجابته على سؤال بهذا الشأن »حان الوقت للتفكير بشكل جدي في حدّة هذه الظاهرة واتخاذ تدابير من شأنها تحسين ظروف معيشة الشباب حتى يتجاوزوا فكرة المغامرة بحياتهم من أجل الوصول إلى بلدان أوروبا«، وعلى حدّ تعبير مُحدّثنا فإن »المطلوب هو تقديم علاج اجتماعي وليس الاعتماد على علاج قضائي..«. وُمقابل ذلك اقترح المتحدث الاكتفاء بإقرار عقوبة تنحصر فقط في فرض غرامة مالية على كل من يثبت في حقهم جُرم محاولة الهجرة بشكل غير شرعي. وليست هذه المرة الأولى التي يُبدي فيها قسنطيني معارضته الشديدة للتدابير التي جاء بها آخر تعديل في قانون العقوبات خاصة المادة 175 مكرر واحد التي تم فيها تحديد عقوبة في حق المهاجرين غير الشرعيين »الحراقة« تتراوح بين شهر إلى ستة أشهر حبسا نافذا مع غرامة تصل حتى 6 ملايين سنتيم. وتزامنت تصريحات رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان مع تزايد أعداد الشباب الذين يحاولون »الحرقة« خاصة في ولايات الشرق الجزائري التي تأتي في مقدمتها ولاية عنابة، كونها سجلت أرقاما قياسية في الفترة الأخيرة، وقد تحوّلت إلى ملاذ مفضّل لشبكات دعم الهجرة غير الشرعية رغم التضييق الذي فرضته قوات مراقبة السواحل لصدّ »الحراقة«.