يجدد عضو المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني المكلف بالاتصال قاسة عيسي في هذا الحوار الذي أدلى به ل»صوت الأحرار« تمسك قيادة الحزب بدعوة الغاضبين إلى الاحتكام للجنة المركزية كإطار وحيد لطرح كل الخلافات والانشغالات، مؤكدا بالقول إن ما سمي إعلاميا بحركة التقويم والطريق الثالث كلاهما يقود إلى الطريق المسدود، وأن الهدف من هذه التحركات هو إضعاف الحزب العتيد لمصلحة المنافسين والخصوم لحساب استحقاقات 2012 و2014. *تنعقد الدورة الثالثة للجنة المركزية في ظرف خاص جدا بسبب ما يعرف من خلافات بين القيادة ممثلة في المكتب السياسي وبعض الغاضبين، ما الذي ستحمله هذه الدورة، وهل ستتمكن من تسوية الخلافات؟ **الدورة عادية تنعقد تطبيقا لنصوص الحزب والنظام الداخلي وفي وقتها وهو دليل على حرص القيادة على احترام هيئات الحزب ونصوصه، وهي دورة عادية أيضا من حيث جدول الأعمال الذي تتضمنه ممثلا في التقرير الأدبي للأمين العام الذي يتضمن حوصلة لكل نشاطات الحزب منذ الدورة الثانية للجنة المركزية في أفريل الفارط وهي فترة عرفت عديد من النشاطات سواء على المستوى المركزي أو في المحافظات وحتى في المهجر، وهذه الحصيلة تعكس بوضوح خروج الحزب قويا من المؤتمر التاسع وأنه تمكن من توحيد الصفوف وتجاوز عقبات وتراكمات تعود إلى 20 سنة ماضية. كما سيكون في جدول الأعمال تحليل الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد بحكم أننا نمثل الأغلبية في البرلمان وفي المجالس المحلية المنتخبة وفي الحكومة ولنا دور أساسي في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، كما سنناقش بعض القضايا النظامية على غرار العملية المفصلية التي انطلقت مطلع جوان وهي تجديد مكاتب القسمات وما تمثله من أهمية في الحزب مع التطرق للظروف التي جرت فيها العملية، إلى جانب عرض حال لميزانية 2010 وضبط ميزانية 2011 وبطبيعة الحال لن نتجاهل ما يعرفه الحزب في الفترة الأخيرة وسيكون في صلب النقاش. *المؤتمر الثامن الملغى بقرار قضائي فجر أزمة في صفوف الحزب العتيد استمرت لأشهر وتطلبت مؤتمرا جامعا لتجاوزها وللم الشمل وتوحيد الصفوف، كيف ترون تأثير الخلافات الحاصلة حاليا؟ قبل أن تعود الخلافات مجددا إلى الحزب مع المؤتمر التاسع، أين الخلل من وجهة نظركم حتى تتحول مؤتمرات الأفلان إلى مصدر أزمات وصراعات وانشقاقات؟ ** الحديث عن الأزمات في الحزب يقودنا إلى العودة إلى الوراء والقول إن ولادة الأفلان في حد ذاتها كانت نتيجة لأزمة، الأزمة التي عرفتها الحركة الوطنية في الخمسينيات من القرن الماضي، ويمكن الجزم أن قوة الأفلان تكمن في تجاوز الأزمات فقد ساير الحزب ظروف الأزمات وكان مصدر قوته هو الدعم الشعبي الذي يحظى به، فما يحدث اليوم لا مجال لمقارنته بما عاشه الأفلان بعد سنة 1988 ومع ذلك ظل صامدا بفضل مناضليه والتأييد الشعبي إلى أن استرجع شرعيته وقوته من خلال الاستحقاقات الانتخابية. وإذا كان ما تعتبرونه اليوم أزمة، فإن العودة إلى أرشيف الصحافة الوطنية خلال ال20 سنة المنقضية لا نجد دورة للجنة المركزية إلا وكانت مسبوقة بقرع طبول الحرب وبالحديث عن التناطح والصراعات، هذا لا يعني أني أتهم الصحافة بافتعال واختلاق هذه الخلافات لأنها كانت موجودة فعلا رغم اختلاف الأهداف والواجهة. * الأمين العام للحزب عبد العزيز بلخادم ربط صراحة بين ما يجري في الحزب والحسابات السياسية لاستحقاقات 2012 و2014، هل المقصود أن الأيادي التي تحرك هذه الأزمة من خارج الأفلان؟ ** المؤكد أن الهدف من هذه التحركات هو إضعاف الأفلان وردا على سؤالك أقول»من المستفيد من ما يجري في الأفلان؟«، في البداية كان حديث البعض عن موضوع معين، وهو تركيبة المكتب السياسي المقترحة من قبل الأمين العام والتي زكيت بالإجماع في الدورة الثانية للجنة المركزية تلك التركيبة لم تكن من وجهة نظر هؤلاء في المستوى المطلوب أو وفقا لتطلعاتها وانتظاراتها، لم نستغرب ما بدر من بعض القيادات بل اعتبرنا الأمر عاديا فعلى مرّ الزمن لا توجد قيادة نالت الرضا المطلق، فهناك من يقول لماذا الآخر وليس أنا، الطموح مشروع لكن قواعد اللعبة واضحة وتنص على أن القانون الأساسي للحزب يخول للأمين العام باختيار تشكيلة المكتب السياسي وعرضها على اللجنة المركزية لتزكيتها وهذا ما تم بالفعل، وإذا كان هناك رأي آخر نحن مستعدون كقيادة ومكتب سياسي لتقديم الحساب إلى اللجنة المركزية وكل قرار يأتي داخل هذا الإطار النظامي فنحن نرحب به. وأضيف هنا أن انتقادات هؤلاء أخذت مجرى آخر، ولم تتوقف عند المكتب السياسي وإنما امتدت إلى اللجنة المركزية وبدأ الحديث عن 20 ثم 40 عضوا لا يستحقون من وجهة نظر هؤلاء أن يكونوا في اللجنة المركزية، والمشكل أن البعض ينسى ما صرح به، وراحوا مؤخرا يتحدثون من مائة عضو لا تتوفر فيهم الشروط ليكونوا في اللجنة المركزية. من باب التحليل لنفترض أن كلامهم صحيحا وكما يدّعون، اللجنة المركزية تضم 351 عضوا بإسقاط المائة عضو الذين يتحدثون عنهم ويعتبرونهم دخلاء وغير صالحين، يفترض أن 250 من أعضاء اللجنة المركزية هي من العناصر الصالحة إذن الأغلبية، ما الذي يمنعهم إذن من المجيء إلى اللجنة المركزية ويكونوا مدعمين بالعناصر التي يعتبرونها صالحة ويطرحوا وجهات نظرهم وعتابهم ويكون لهم في هذه الحالة إمكانية ليس التشخيص فحسب وإنما التغيير، ثم إنهم لم يتوقفوا عند الطعن في المكتب السياسي ثم اللجنة المركزية بل تجاوزوا الأمر إلى الطعن في مؤتمر الحزب بل حتى في المؤتمر الثامن الجامع. والتساؤل المطروح في هذا المقام هو ما القصد من هذه المحاولات والتحركات؟ هل هو تصحيح الأمور أم محاولة تقديم خدمات إلى تيارات ومصالح أخرى غايتها النهائية إضعاف الحزب؟. *بما أنكم تقولون إن الهدف من هذه التحركات هو إضعاف الحزب بطريقة أوضح هل تتهمون أطرافا من خارج الأفلان بتحريك وافتعال الأزمة؟ **الإجابة واضحة، من المستفيد من ما يجري؟ هذا التحرك جاء في وقت خرج فيه الأفلان من المؤتمر التاسع بتوجه صريح وهو ضرورة الانتشار واستقطاب كل فئات المجتمع والتركيز أساسا على الشباب لعدة اعتبارات في مقدمتها الوزن الديمغرافي لهذه الفئة في المواعيد الانتخابية سواء تعلق الأمر باستحقاقات 2012 أو2014، فضلا عن أن غاية الأفلان هو تسليم رسالة أول نوفمبر للشباب وهو ما جاء في وثيقة رسالة نوفمبر لإحدى لجان المؤتمر التاسع والتي ترأسها عبد الرزاق بوحارة، وهو ما ترجمته القيادة في دورات تدريبية عرفت مشاركة ما يزيد عن 3500 شاب في سبع ملتقيات، مع الاهتمام بشكل خاص أيضا بالعنصر النسوي لأن المرأة نصف المجتمع و63 بالمائة من الطلبة في الجامعات فتيات فضلا عن تواجد المرأة كقوة اقتصادية في كل المجالات ودون أن نتجاهل المادة 31 مكرر من الدستور والتي تنص على ضرورة ترقية المشاركة السياسية للمرأة. وأوضح هنا أن هذه التوجهات هي تطبيق لتوصيات ولوائح اللجنة المركزية في دورة أفريل الفارط والنشاطات التي بادر بها الحزب في جميع المجالات وآخرها الملتقى الدولي للغاز الجاري التحضير له، هو دليل واضح أن هذا التوجه صحيح والنتائج الأولية تؤكد ذلك، ويكفي أن نقول أن هذه النشاطات طبعت الحياة السياسة للبلاد لأنه معروف أن الأفلان مفروض عليه تاريخيا أن يكون القاطرة التي تقود وتجر إلى العمل الجاد في البلاد. * لكن في المقابل، هناك أصوات نادت بمقاطعة أشغال اللجنة المركزية ألا تتخوفون من فشل الدورة؟ **هي مبادرة للتواجد خارج الإطار النظامي، هل المقاطعة أسلوب لمعالجة المشاكل أو الخلافات؟ فمن جهة هذه الأطراف تنادي وتقول نحن نخبة العقلاء والراشدين وذوي الخبرة والممارسة الحزبية العالية وفي المقابل أول قرار تتخذه هو الطعن في النصوص التي ساهمت في انجازها ووضعها، ما الذي يمنع هؤلاء أن يكونوا في مكانتهم الشرعية والحقيقية كأعضاء لجنة مركزية وأن يأتوا ويقدموا مقترحاتهم وخاصة »الحلول السحرية« التي في جعبتهم لمعالجة المشاكل المتراكمة منذ عشرين سنة في هياكل الحزب من منعهم، لماذا لا يقنعوننا بطرحهم و»لكل داوود يأتي بزابوره«. *ولو تحدثنا عن الطرح الذين قدمه من يسمون أنفسهم الطريق الثالث والذي يمثله عبد الرزاق بوحارة، كيف ستتعاطون كقيادة مع ما حملته مبادرتهم، خاصة وأنهم أعلنوا بدورهم عن مقاطعة اللجنة المركزية؟ **التصريح الذي تتحدثين عنه والذي نشرته الصحافة الوطنية هو ملخص لرسالة وجهت إلى أعضاء المكتب السياسي والأمين العام للحزب سنتوقف عند بعض النقاط الواردة فيها: أولا: المبادرة تطعن في شرعية اللجنة المركزية الحالية بسبب وجود بعض الأعضاء فيها، لكن التسجيلات موجودة وتؤكد أن هؤلاء لم يسجلوا اعتراضهم على تركيبة اللجنة المركزية في المؤتمر التاسع. ثانيا: ماذا يقترحون ؟ اختيار عناصر لتشكيل فوج عمل لتحضير دورة استثنائية للجنة المركزية، السؤال المطروح من يكون في فوج العمل هذا الذي يتحدثون عنه وبأي طريقة سيتم الاختيار؟ وما هو الهدف من هذا العمل؟ ما الذي ستحمله الدورة الاستثنائية للجنة المركزية ولا تحمله الدورة العادية؟ كما أنهم يتحدثون عن تحديد قائمة اللجنة المركزية خارج إطار المؤتمر، أتساءل من أين جاءت هذه البدعة القانونية؟ مع العلم أن سؤال كهذا طرح سنة 1964 عندما قيل آنذاك»من يصفي من؟« وعلى أي أساس؟ ثالثا: يقترحون تقديم نتائج الدورة الاستثنائية التي يتحدثون عنها في ندوة وطنية لإطارات الحزب، أي مرة أخرى يجري الحديث خارج الأطر الحزبية، السؤال المطروح ما طبيعة هذه الندوة؟. هذا الطرح يقود إلى تساؤلات حول صلابة ومنهجية التحليل وسلامة الأهداف وأكثر من هذا،من خوّل من أن يكون وصيا أو مرجعية ذاتية للأفلان الذي يتجاوز عدد مناضليه 350 ألف مناضل؟. *التيار الذي يمثله بعض القياديين الغاضبين ألقى بالمسؤولية عليكم كقيادة وأنكم لم تتعاطوا بايجابية مع محاولاتهم للفت الانتباه إلى ما يعتبرونه تجاوزات وخرق للقانون الأساسي للحزب، ما ردكم؟ **هذا غير صحيح منذ البداية تعاملنا معهم بايجابية ودعوناهم إلى الحوار والنقاش داخل أطر الحزب وهيئاته، لكنهم رفضوا ذلك، لأنهم يفضلون على ما يبدو الحوار عبر الصحف، وأقول هنا إن سوق التصريحات لا تجدي نفعا والمستفيد منها هو بعض العناوين الصحفية التي رفعت مبيعاتها من وراء الاستثمار في ما يجري في الأفلان، ثم إن ما يقومون به هو طعن في رغبة الشباب الذي يسعى للانضمام للحزب بتسويق صورة سيئة عن الأفلان. والسؤال المطروح من المستفيد من كل هذا؟ وأجيب بالقول إن المستفيد هم المنافسين والخصوم وإذا كانوا يعتقدون أنهم سيلعبون دورا قياديا فإنهم أخطأوا في الإطار والوسائل بينما إذا كانت رغبتهم الحوار فمرحبا في اللجنة المركزية والرد من جهتنا سيكون بصفة مسؤولة وأخوية ولدينا كل الوسائل لحسم الاختلاف في الرأي أما من وضع نفسه خارج الإطار فهناك مثل شعبي يتحدث عن رمي الماء خلف الخطوات ليعود أصحابها وبما أن هذه طقوس جاهلية لا تنفع وبدون شك لن تنفع مثل هذه التصرفات والسلوكات. * المؤكد من وجهة نظر المتتبعين أن اللجنة المركزية وفي ظل إصرار ما يسمى بحركة التقويم والتأصيل وكذا أصحاب مبادرة الطريق الثالث على المقاطعة، لن تقود إلى تسوية للخلافات التي يشهدها الحزب، السؤال المطروح، هل كقيادة هل لديكم مقترحا لتجاوز هذه الوضعية مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية ممثلة في تشريعيات ومحليات 2012 التي أصبحت على الأبواب حتى لا يخوضها الحزب مشتتا؟ ** أعود وأكرر أن الأزمات لا تخيفنا في الأفلان سنتجاوزها لأننا نطرحها في إطارها السليم والقانوني ولدينا إرادة لتجاوزها من خلال الحوار والحجة والحسم بالعودة إلى القانون الأساسي، لهدف واحد وأساسي هو أن يحافظ الأفلان على مكانته كقوة سياسية أولى في البلاد في الاستحقاقات المقبلة سواء تشريعيات 2012 أو رئاسيات 2014، وحتى وإن بدت هذه الأخيرة بعيدة نوعا ما لكن التفكير فيها مشروع. كما أشير هنا إلى ضرورة اليقظة فليس كل من هو جالس إلى جانبنا هو بالضرورة معنا، نكون معا عندما تكون نظرتنا في اتجاه واحد، أما المصير الشخصي لكل منا فأعود هنا لمقولة الراحل محمد شريف مساعدية النضال دوام والمسؤولية أعوام وأضيف إليها أنه لا توجد زعامات في الحزب الزعامة الوحيدة هي أن تحظى بالثقة ورضا المناضلين أما المسؤولية فهي عقد مؤقت ومحدود يعطى ويؤخذ والذي صعد في الدرج لا ينتظر المصعد لينزل.