تعقد اليوم اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني دورتها العادية الأولى، من بعد الدورة التي تلت انعقاد المؤتمر التاسع، والتي كانت بمثابة التتويج والنقطة الفاصلة، بين ما قبل المؤتمر التاسع وما بعده... الدورة الحالية للجنة المركزية دورة حاسمة في مسيرة حزب جبهة التحرير الوطني، لكونها تنعقد في ظل تجاذب ولغط، تجاوز في أحيان كثيرة الحدود المعهودة للخلاف، وتطور إلى ما يشبه التحرش بالقيادة، وإلى حد تهديد وحدة الحزب وضرب تماسكه وانسجامه. إن انعقاد دورة اللجنة المركزية العادية في الآجال القانونية، يؤكد فيما يؤكد استعداد القيادة والأعضاء لتقبل النقاش والحوار، وتحمل المسؤولية كاملة أمام هذه الهيئة السيدة فيما بين المؤتمرين، وذلك التزاما بالأطر والقوانين الضابطة للعمل الحزبي، وهو الأمر الذي يفسر إلى حد كبير التوازن والتحفظ، الذي طبع ردود فعل القيادة العليا للحزب، التي أبت الانجرار إلى الملاسنات والتصريحات الصحفية المستهدفة للحزب وللأشخاص. ويتوقع أن تطرح القيادة العليا للحزب، وعلى رأسها أمينها العام، أمام أعضاء اللجنة المركزية، الحصيلة الكاملة لنشاط مختلف الهيئات المنبثقة عن المؤتمر التاسع، وأن تدافع بكل موضوعية عن الخطوات العملية الميدانية التي باشرتها، إن على المستوى القاعدي للحزب، أو على مستوى النشاطات باتجاه التنظيمات الجمعوية والخارجية• وبذات الوقت، ينتظر من قيادة الحزب، الواثقة من شرعية مبادراتها وصواب ممارساتها، أن تكون أذنا صاغية وقلبا مفتوحا، لمن يختلف معها في التطبيق ولا يتفق معها في التنفيذ، والاحتكام في كل ذلك إلى الضوابط الحزبية وإلى المناضلين، الذين لا تعوزهم الحكمة والتجربة والروح النضالية، في التفريق بين المهم والأهم... بين مصلحة الحزب والوطن، ومصلحة الأفراد والأشخاص. إن المنطق الذي تقوم بموجبه الأحزاب، والآلية التضامنية بين المناضلين، تستوجب من كل مناضل مؤمن بما يفعل، صادق فيما يسعى إليه، أن يلتزم أول ما يلتزم بأخلاقيات الحياة الحزبية وبالضوابط التي تحددها، وعلى رأسها وفي مقدمتها، أن يكون على استعداد كامل، وله الشجاعة الكافية في طرح خلافه واعتراضه ضمن الأطر الشرعية القانونية التي ترسمها القوانين الأساسية... ومن حق ومن واجب القيادة في هذه الحال، أن تستمع إليه، وتقدم التفسير والشرح والتبرير، وإذا ثبت أن الغاضب المتظلم على حق، فله أن يطلب المراجعة والاعتذار... عدا هذه المقاربة الحزبية، وبغير هذه المنهجية النضالية، فكل اعتراض أو غضب، إنما هو من قبيل اللانضال واللاحزبية، إن لم يكن ضربا من الانتقام والتقسيم وتحطيم الحزب ذاته. إن الموعد الذي ضربته اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني اليوم في زرالدة، ليس مهما فحسب، وإنما هو حاسم أيضا، لتصفية القلوب وإعادة بناء أواصر الأخوة النضالية بين مناضلين، بما يختلفون في تقييم الأشياء والرجال، وربما لا يتفقون على السبل والمناهج، ولكنهم بالتأكيد موحدون في تحديد الأهداف، وفي حتمية تصدي حزب جبهة التحرير الوطني لتحقيقها، استكمالا لمسيرته المضفرة في تحرير الجزائر وفي بنائها.