الرئيس اليمني يريد أن يبقى في الحكم إلى آخر لحظة من عمره، وقد بدأت عملية تعديل الدستور تتأكد فعليا للسماح لعلي عبد الله صالح بالترشح مرة أخرى سنة 2013 عندما تنتهي ولايته الحالية، ولأن الرئيس والمحيطين به مصرون على بلوغ هذا الهدف فقد وصل الأمر بمسؤول في الحزب الحاكم الذي يسمى المؤتمر الشعبي العام إلى الرد على دعوة وزارة الخارجية الأمريكية لتأجيل هذه التعديل والتوجه إلى التفاوض مع المعارضة بالقول إن الأمريكان يعلمون جيداً أن البرلمان اليمني محكوم بنصوص دستورية وقانونية وأن إرادة الشعوب لا تقرر بالرغبات الخارجية، وأضاف هذا المسؤول الحزبي قائلا إن مضمون طلب إرجاء التعديلات الدستورية لم يرق إلى مستوى المسئولية والتعامل الدبلوماسي ويفتقد الحصافة، ويعتبر مساساً بالسيادة الوطنية وتدخلاً في الشؤون الداخلية للشعوب. لا نعرف على وجه التحديد رأي الشعب اليمني في هذه المهزلة لكن النتائج ماثلة أمامنا، يمن علي عبد الله صالح يسير على طريق التمزيق، فالحرب على الحوثيين أوقعت البلاد في كمين الطائفية، والسعي إلى إرضاء أمريكا، التي يلومها المسؤول الحزبي على افتقاد الحصافة واللامسؤولية، جعل اليمن تنزلق في هاوية الحرب على الإرهاب التي لم تراع خصائص المجتمع ولا تركيبته القبلية، والفشل الاقتصادي المريع هو الذي جعل الانفصال الخيار الأفضل بالنسبة لأعداد كبيرة من اليمنيين الذين يلتفون اليوم حول ما يسمى الحراك الجنوبي ويرفعون مطلب الانفصال علنا. ما الذي يغري اليمنيين بقبول بقاء صالح في منصبه إلى آخر عمره؟، من الناحية المنطقية لا شيء، ولو كان للمنطق والعقل مكان لحوسب صالح حسابا عسيرا غير يسير، لكن الرجل مصمم على البقاء حيث هو لاعتقاده بأن اليمن من دونه سيتعرض للخراب وسيكون مصيره الزوال وكأن البقاء في السلطة سيضمن له الحياة لسنوات طويلة أخرى تكفي لإخراج البلاد من الحالة المزرية التي وصلت إليها. سيبقى صالح في منصبه للإجهاز على ما بقي من اليمن، وسيكون رحيله بداية لتفتيت بلد عربي آخر جنى عليه حكامه المستبدون.