فتح قطاع التكوين السياسي واستقطاب الكفاءات لحزب جبهة التحرير الوطني ملف الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الجزائر وكيفية الخروج منها وذلك باقتراح الحلول العملية للتخلص من التبعية لمداخيل المحروقات والبحث عن بدائل وموارد أخرى تمكن الجزائر من اجتياز الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تدني أسعار النفط منذ 2014 احتضن مقر حزب جبهة التحرير الوطني سهرة أول أمس الخميس ندوة فكرية اقتصادية ترأسها عضو المكتب السياسي المكلف بالتكوين السياسي واستقطاب الكفاءات السعيد بدعيدة ونشطها الخبيرين الاقتصاديين مصطفى مقيديش وعبد المجيد قادري، بحضور أعضاء المكتب السياسي، وزراء كل من الأشغال العمومية والنقل بوجمعة طلعي، عبد السلام شلغوم وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، غنية إداليا وزيرة العلاقات مع البرلمان، بالإضافة إلى نائبي رئيس المجلس الشعبي الوطني بهاء الدين طليبة وسليم شنوفي وأعضاء اللجنة المركزية، أساتذة وخبراء في الاقتصاد. وأكد عضو المكتب السياسي السعيد بدعيدة أن الأفلان ومن خلال تشريح الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، ارتأى أن يقف عند الحلول الواجب اتخاذها لتجاوز هذه الأزمة التي ستدخل عامها الثالث بعد انهيار أسعار النفط نتيجة لعوامل عديدة، يضيف بدعيدة أنه بالرغم من تراجع مداخيل الجزائر نتيجة لهذا الانهيار إلا أنها استطاعت أن تواجه الأزمة بفضل برنامج رئيس الجمهورية الذي يرتكز على الأمن والاستقرار الاقتصادي. وشدد بدعيدة على ضرورة الاستعداد أكثر لمواجهة الأزمة وإيجاد بدائل عن النفط وموارد أخرى تكون قادرة عن تعويض الفارق وتوجيه الاقتصاد الوطني ليكون اقتصادا منتجا ومنافسا وقادر على خلق الثروة، داعيا إلى إجماع اجتماعي وسياسي للخروج مستقبلا من الأزمة التي تعيشها الجزائر، مؤكدا أن الأمين العام للأفلان يدعو جميع الكفاءات والقدرات مهما كانت انتماءاتهم وتوجهاتهم إلى المساهمة في إيجاد الحلول الناجعة من خلال تقديم مقترحاتهم ومساهماتهم في جميع الميادين. وأضاف بدعيدة أن أبواب الأفلان مفتوحة للعمل والاستشارة وأن سياسة الأمين العام ترتكز على استقطاب الكفاءات الوطنية والتعاون والتشاور لتجنيب الجزائر الوقوع في الأزمات مهما كان نوعها أو مصدرها، مؤكدا أن مقر الأفلان هو فضاء للخبراء والإطارات والمختصين لإثراء النقاش حول مختلف المواضيع التي تهم الرأي العام والجزائر وأن الأولوية في برنامج الحزب هو إيجاد الحلول الكفيلة بمجابهة تراجع عائدات النفط. وفي ذات السياق، أوضح بدعيدة أن الجزائر استطاعت أن تطوق الأزمة الاقتصادية من خلال توظيف صندوق ضبط الإيرادات للحفاظ على وتيرة التنمية، معتبرا أن البدائل المطروحة تعتمد على ترشيد النفقات ومراجعة سياسة الدعم وتوجيه الاقتصاد، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الجزائر تمتلك الوقت الكافي لتجاوز المرحلة الصعبة لكن من خلال إيجاد البدائل المتمثلة أساسا في تطوير القطاع الفلاحي، وتشجيع الاستثمار الصناعي، وتطوير ومرافقة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتكون تنافسية. الدكتور قدي: يجب تفعيل القطاعات الإستراتجية والتركيز على الأمن القومي دعا الدكتور قدي عبد المجيد، مدير مخبر العولمة والسياسات الاقتصادية ? جامعة الجزائر3، إلى تفعيل القطاعات الإستراتجية والتركيز على الأمن القومي لمواجهة الازمة الاقتصادية، فيما أكد أن الاقتصاد الجزائري تعرض إلى العديد من الصدمات الخارجية 1986، 1994،2008، 2014 والتي كان مصدرها دوما التقلبات في أسواق النفط التي تحكمها العوامل الجيوسياسية أكثر من العوامل الاقتصادية، فضلا عن تحولها إلى أسواق مشترين بعد أن كانت أسواق بائعين. أوضح الدكتور قدي خلال المحاضرة التي ألقاها، أول أمس، خلال ندوة فكرية نظمها حزب جهبة التحرير الوطني، حول الأزمة الاقتصادية لتواجهها الجزائر، أن الصدمات التي تعرض لها الاقتصاد الوطني أدت إلى حالة من الاضطراب في الاقتصاد الجزائري ومصدر أزمة ظهرت تجلياتها على المستوى المالي خاصة على مستوى المالية العمومية ولعل من أبرز مؤشراتها تفاقم عجز الموازنة العمومية، تراجع حجم ادخارات صندوق ضبط الموارد، تراجع مستويات الإنفاق الاستثماري الحكومي، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى عجز الحساب الجاري وكذا التدهور المستمر في قيمة الدينار. وأضاف المتحدث أنه رغم أن الصدمة الأخيرة لم تؤثر بشكل مباشر على مستوى النمو الاقتصادي الذي بقي محافظا على مستواه السابق في سنة 2015، إلا أن هذا المستوى للنمو الاقتصادي يبرز وجود أزمة هيكلية يعاني منها الاقتصاد الجزائري بالنظر أن متوسط معدل التراكم الخام للأصول الثابتة بالنسبة للناتج المحلي الخام طوال الفترة 2010-2014 يساوي 33.7% في حين أن متوسط المعدل بالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هو 24% وأن المعدل العالمي هو 21%. والمفارقة بالنسبة للدكتور قدي تكمن في أن معدل الاستثمار في الموارد البشرية كان يسير تقريبا بنفس الوتيرة مع الإنفاق الاستثماري المادي، وهذا ما يظهره الموقع المتقدم للجزائر على مستوى مؤشر التنمية البشرية في العالم وهو ما يعكسه مركز البلد ضمن مؤشرات التنمية البشرية، حيث تحتل الجزائر المركز ال 93 من 180 دولة، وهذا ما يعني أنه ليس هناك ارتباط بين معدلات النمو ومعدلات التراكم ويعود ذلك إلى ضعف الإنتاجية الكلية للعوامل. وفي سياق متصل، أوضح المتحدث، أن الوفرة المالية قد ساعدت في الفترات السابقة للصدمة البترولية الخارجية في تغطية بعض جوانب الهشاشة في الاقتصاد الجزائري والتي يمكن إبرازها في اقتصار النفط على أداء الوظيفة المالية والطاقوية دون الوظيفة الإنتاجية، ارتكاز نموذج النمو على الثنائية، ضف إلى ضخامة القطاع الموازي مما يجعل السياسات الاقتصادية غير فعالة لعدم قدرتها على الانتقال إلى هذا القطاع. واستطرد ذات الخبير قائلا، كان لهذا لواقع ارتدادات على عدة مستويات منها عدم قدرة الخزينة العمومية على الاستمرار في تمويل ودعم الاستثمار العمومي وانعكاسات ذلك على القدرة على استيعاب العمالة، عيش المواطن الجزائري في مستويات تفوق دخله وأداءه، ولادة بؤر للفساد والتبذير، عدم القدرة على الاستمرار في المحافظة على السلم الاجتماعي بشكل مستدام، إلى جانب صعوبة استقراء واستشراف المؤشرات الاقتصادية الكلية. وفي تقدير الدكتور قدي، فإن الحل لمواجهة الأزمة الاقتصادية يمر عبر مجموعة من المسارات على غرار إعادة تعريف الدولة ? المهام، الحجم الاقتصادي، أدوات التدخل، آليات توزيع الريع، كما أن النمو المستهدف لابد أن يكون ذكيا في إطار الاقتصاد المعرفي، مستوعبا خلق مناصب العمل، مستداما، وكذا مراجعة النموذج الاقتصادي بالتحول من نموذج (دولة / نفط) إلى نموذج ( مبادرة خاصة/ تنوع)، وضمن هذه المسارات-يقول الخبير-يمكن تصور عدد من التدابير مثل تقييم مناخ الاستثمار انطلاقا من رضا رجل الأعمال المحلي عن الواقع وانخراطه في المبادرات وليس بتعداد الإجراءات التشريعية، إعطاء الأولوية في الاهتمام بالقطاعات ذات الصلة بالأمن القومي ( الغذاء، الدواء، المعلومات، الماء) والقطاعات ذات الارتباطات الأمامية والخلفية القوية، إلى جانب الاهتمام بوضع سياسات قطاعية لأن السياسات الكلية وحدها غير كافية، كما تم الابتعاد عن ردات الفعل في اتخاذ القرارات، حيث لابد من أخذها على ضوء تصورات مستقبلية واضحة. عضو اللجنة المركزية بشير شارة: الجزائر تعاني من مشكل تسيير المشاريع تطرق عضو اللجنة المركزية بحزب جبهة التحرير الوطني بشير شارة خلال الندوة الاقتصادية التي نظمها الأفلان أول أمس حول الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الجزائر إلى مشكل الاستثمار وتسيير المشاريع في الجزائر وكيفية متابعتها. وأوضح شارة خلال النقاش الذي أداره خبراء في الشؤون الاقتصادية أن الاستثمار في الدول المتقدمة يعتمد على رأس المال البشري، مضيفا أن كلفة الاستثمار في هذه الدول أقل بكثير مما هو عليه الحال في الجزائر، مشيرا إلى أن المستثمر ينفق دولار في مشروع يجني من خلال 9 دولارات كأرباح، معتبرا أن الاستثمار في الجزائر هو عكس ذلك. وأكد شارة أن مشكل الاستثمار في الجزائر يطرح تساؤلا على الاقتصاد الوطني يتعلق بالإبقاء على السياسة القديمة للاستثمار أو ضرورة مراجعة هذه السياسة بما يمكنها من خلق ثروة بديلة عن النفط، مشددا على ضرورة متابعة تنفيذ المشاريع مستدلا بالطريق السيار شرق غرب والفضائح التي شهدها المشروع. واعتبر عضو اللجنة المركزية أن الإشكال المطروح يتعلق بالتسيير داخل المؤسسات ومدى متابعة ومعاينة المشاريع ومرافقة المؤسسات الاقتصادية الوطنية منها والأجنبية.