شدد رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، على أن الحوار الذي سيتم إطلاقه من الآن، ستقوده شخصيات وطنية مستقلة تحظى بالشرعية، مؤكدا الالتزام بأن الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا فيه، كما أعلن عن مستجدات جديدة مقبلة على رأسها مراجعة قانون الانتخابات. أكد بن صالح في خطاب وجهه للأمة نهاية الأسبوع المنصرم عشية الاحتفال بالذكرى المزدوجة لعيد، الاستقلال والشباب، أن "الحوار أضحى أمرا مستعجلا يتعين على بلادنا اللجوء إليه و في أسرع وقت ممكن لاستعادة سجيتها السياسية والمؤسساتية، مضيفا أن مسار هذا الحوار الذي سيتم إطلاقه من الآن، ستتم قيادته وتسييره بحرية وشفافية كاملة من قبل شخصيات وطنية مستقلة ذات مصداقية". وستكون هذه الشخصيات المعنية بتسيير مسار الحوار، مثلما أكده رئيس الدولة، " بلا انتماء حزبي أو طموح انتخابي شخصي،كما أنها تتمتع بسلطة معنوية مؤكدة وتحظى بشرعية تاريخية أو سياسية أو مهنية تؤهلها لتحمل هذه المسؤولية النبيلة وتساعدها على حسن قيادة هذا الحوار". وبغية " إبعاد أي تأويل أو سوء فهم، أكد بن صالح الالتزام بأن "الدولة بجميع مكوناتها، بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار"، حيث ستكتفي فقط بوضع الوسائل المادية واللوجستية تحت تصرف الفريق المسير. وفي معرض تقديمه لمختلف الضمانات التي توفرها الدولة لهذا المسعى، أشار بن صالح إلى أن المشاركين في هذا الحوار سيكون لهم حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاستحقاق الرئاسي المقبل والتطرق لكل الجوانب التشريعية والقانونية والتنظيمية المتعلقة به، بما في ذلك الرزنامة الخاصة به والميكانزيمات ذات الصلة بمراقبة هذا الموعد الانتخابي والإشراف عليه. كما عاد رئيس الدولة للتأكيد على أن هذه الانتخابات "تبقى الحل الديمقراطي الوحيد والواقعي والمعقول"، مسجلا قناعته بكون، "رئيس الجمهورية المنتخب بشكل ديمقراطي لا جدال فيه، هو وحده الذي سيتمتع بالثقة والشرعية اللازمتين وكذا بالصلاحيات الكاملة التي تمكنه من تولي تحقيق هذه الرغبة العميقة في التغييري وتلبية المطالب الشعبية المشروعة والقيام بالإصلاحات الجذرية المنشودة". وتابع مؤكدا في هذا السياق بأن ما تم اقتراحه يعد "مقاربة عقلانية وسليمة، والسبيل الوحيد الذي يكفل للمواطنين تجنب المقترحات المحفوفة بالمخاطر وإفشال المخططات المريبة التي تهدف إلى جر البلاد نحو الفراغ الدستوري وتغييب دور الدولة والزج بها في دوامة الفوضى واللااستقرار". وتضمن خطاب رئيس الدولة الإشارة إلى جملة من المستجدات التي سيفضي إليها إنشاء الهيئة التي سيعهد إليها تنظيم ومراقبة العملية الانتخابية المقبلة. فبعد أن ذكر بأن مسار الحوار الذي يدعو إليه، سيكون هدفه الاستراتيجي الأوحد هو تنظيم الانتخابات "التي يتعين أن تجرى في أقرب الآجال الممكنة"، أوضح رئيس الدولة بأن السلطة أو الهيئة التي ستوكل إليها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها عبر كافة مراحلها ستكون في صلب هذه النقاشات، من خلال تحديد كيفية تسييرها و مهامها وصلاحياتها و كذا اختيار الشخصيات التوافقية التي ستسيرها. ومن بين ما سيتمخض عن إنشاء هذه السلطة، تكييف النظام التشريعي والتنظيمي القائمي خاصة قانون الانتخابات، الذي أكد بأنه" يحتاج (...) إلى مراجعة قصد توفير الضمانات الكفيلة بتأمين شروط الحياد والشفافية والنزاهة المطلوبة". كما سينجر عن ذلك أيضا، إعادة النظر في تشكيلة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي ينص عليها الدستور, من أجل التوفيق بينها وبين السلطة التي سيتم إنشاؤها. كما أكد بن صالح تصميم الدولة على تنفيذ مسار التطهير ومحاربة الفساد، وفقا لقوانين الجمهورية ودون المساس بحقوق العمال أو إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني. واغتنم رئيس الدولة الفرصة للإثناء على الشعب الجزائري " لما أظهره من نضج و وعي كبيرين في هذه المرحلة الحساسة بالذات"، وهذا من خلال تصرفه الحضاري المثالي.