لا تعتبر زراعة الخرّوب في الجزائر أمرا جديدا على الجزائريين، فقد اعتاد أجدادنا أن يغرسوا الخرّوب بشكل روتيني خاصة في المناطق الجبلية والمرتفعات، فإلى غاية سنة 1962 كانت الجزائر عبر الإدارة الفرنسية تصدر أطنان من مادة الخرّوب لكن هذا الإنتاج تراجع بشكل كبير مع مرور السنوات خاصة بعد الثورة الزراعية وكانت ذروةالانهيار في العشرية السوداء بسبب تخلي »الجبايلية« عن أراضيهم في الغابات والجبال ونزوحهم إلى المدن بالإضافة إلى الحرائق التي أتت على الكثير من المساحات الغابية وحتى عند إعادة تشجير الغابات يتم غرس أنواع عدة ويهمل الخرّوب. يعتبر حوض المتوسط موطنا أصليا للخرّوب لكن مع عودة القرويين إلى قراهم وأراضيهم تخلوا عن هذه الزراعة لصالح أشجار مثمرة أخرى أهمها المنافس التاريخي للخرّوب في أراضي المتوسط «الزيتون»، حيث أوعز الكثير من المزارعين سبب التراجع عن غرس أشجار الخرّوب إلى مشكل التسويق بالدرجة الأولى رغم أن شجرة الخرّوب تعدّ شجرة معمّرة ولا تتطلب عناية خاصة وتتحمل الظروف المناخية القاسية ولا تحتاج لريّ كثيف، لكن مشكل تسويق هذه المادة أبعد المزارعين عن هذا الإنتاج المحلي. يستخدم مسحوق الخرّوب كمادة بديلة للكاكاو كما يحتوي الدقيق المعد من القرون والبذور على نسبة عالية من الألياف مما يعطيه قيمة غذائية عالية أصبح الإقبال عليها في تصاعد في أوروبا وشرق آسيا في حين تستخدم متبقيات دقيق البذور بعد فصل المادة اللائكة في صناعات النشاء والسكريات الحرة كما تحتوي هذه المتبقيات علي أكثر من 60 في المائة بروتين بينما تخلط البذور في كل من ألمانيا وأسبانيا ببذور البن لإعداد القهوة، وتستعمل الدرجات المنخفضة من الصموغ في صناعات الورق والنسيج والدرجات المتوسطة في أعمال الصيدلة وإنتاج مستحضرات التجميل، أما الدرجات العالية الجودة فتستخدم في الصناعات الغذائية المختلفة كمادة حافظة بالإضافة إلى استعمال دقيق بذور الخروب الناتج الثانوي عند تصنيع الصمغ في إنتاج العلف البروتيني كما تعتبر أشجارها دائمة الخضرة ومظللة يمكن زراعتها في أي مكان . هذه الفوائد جذبت اهتمام عدة دول منتجة للخرّوب وأعطت دفعا لهذه الشعبة حيث تعتبر اسبانيا ، المغرب ، إيطاليا والبرتغال دولا رائدة في إنتاج وتصدير الخرّوب عالميا يدرّ عليهم عملة صعبة هامّة ويتراوح سعر مسحوق الخروب بين 20 و 30 يورو للكيلوغرام الواحد، ويحاول شكيب لوبلنزة وهو أحد المستثمرين القلائل في هذه الشعبة في الجزائر دفع السلطات إلى الاهتمام أكثر بزراعتها حيث اختير سنة 2017 كأحسن مصدّر في الجزائر أين استطاع جمع وتحويل الخروب إلى مسحوق و قام بتصدير منتجه إلى 30 بلدا عبر 5 قارات أهمها ألمانيا ممّا فتح بعض الشهية للمنتجين لزيادة إنتاجهم في هذه المادة بوجود محوّل في الجزائر ويصل سعر شراء القنطار الواحد إلى 6000 دج ما دفع وزارة الفلاحة والتنمية الريفية إلى إدراج الخروب كشعبة مستقلة معترف بها. لكن يبقى الإنتاج بعيدا عن المطلوب فحسب الجمعية الوطنية لتطوير قطاع الخروب تنتج الجزائر حوالي أربعة آلاف طن سنويا في مقابل 50 ألف طن في المغرب الذي يعتبر ثاني أكبر منتج عالميا وهو الذي تتشابه ظروفنا المناخية معه، وقامت الجمعية بتحديد هدف زرع مليون شجرة خروب على مساحة 16 ألف هكتار في السنوات الثلاث المقبلة من أجل رفع الإنتاج إلى اكثر من 20 ألف طن وتتطلع وزارة الفلاحة لرفع سقف الإنتاج من أجل جعل الجزائر من أهم الدول المصدّرة لهذا الكنز في إطار البحث عن مصادر دخل بديلة عن المحروقات خاصة في قطاع الفلاحة خاصة مع تأكيد الحكومة في كل مرة على أهمية الزراعات الصناعية.