قال المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، الذي أطاح بنظام الرئيس حسني مبارك بعد 18 يوما من المظاهرات والاعتصامات. وجاء ذلك بعد وقت قصير من الإعلان عن أن الرئيس حسني مبارك تخلي عن منصب رئيس الجمهورية. وأكد المجلس -الذي كلفه الرئيس المخلوع بإدارة شؤون البلاد- أنه يتدارس الخطوات المقبلة لتحقيق آمال الشعب المصري لإحداث تغييرات جذرية، ووصف هذه اللحظة بأنها "تاريخية فارقة". وتوجه المجلس في بيانه الثالث »بكل التحية والإعزاز لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم فداء لحرية وأمن بلدهم ولكل أفراد شعبنا العظيم«، في إشارة إلى أكثر من 300 مصري استشهدوا في الثورة الشعبية التي اندلعت منذ يوم 25 جانفي الماضي. وأكد المجلس أنه سيصدر لاحقا بيانات »تحدد الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع«، وتقدم »بكل التحية والتقدير للسيد الرئيس محمد حسني مبارك على ما قدمه في مسيرة العمل الوطني، حربا وسلما، وعلى موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن«. وقبيل هذا البيان قال عمر سليمان نائب الرئيس المصري -في بيان مقتضب عبر التلفزيون المصري- إن الرئيس حسني مبارك قرر التخلي عن »منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد«. ووفقا لسليمان فإن هذه الاستقالة جاءت »في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد«. وفور إعلان سليمان قرار مبارك تنحيه عن السلطة لوح ملايين الثوار المصريين بالأعلام وغنوا »الشعب أسقط النظام« وبكوا وهتفوا وعانق بعضهم بعضا في هذه اللحظة التاريخية من تاريخ مصر والعالم العربي. وتأتي استقالة مبارك بعد تظاهرات عارمة قدرت بالملايين جابت شوارع مصر وميادينها العامة يوم الجمعة، في حين طور الثوار أساليبهم بمحاصرة مؤسسات حيوية كبرى، ومنها قصر العروبة الرئاسي بمصر الجديدة والتلفزيون الحكومي وقصر رأس التين بالإسكندرية. وكان الثوار قد أحكموا قبضتهم منذ يومين على رئاسة الوزراء ومجلسي الشعب والشورى. كما جاءت الاستقالة بعد وقت قصير من الإعلان عن أن الرئيس المخلوع وأفراد أسرته غادروا القاهرة إلى وجهة مجهولة رجحت جهات كونها شرم الشيخ. وكانت حالة غضب شديد سيطرت على المعتصمين بميدان التحرير البارحة وفي مختلف أنحاء مصر بعد سماعهم مساء الخميس خطاب مبارك الذي أعلن تفويضه عمر سليمان صلاحياته الرئاسية، وإلغاء حالة الطوارئ »عندما تسمح الظروف الأمنية«، دون أن يقدم استقالته من منصبه كما توقع المصريون أول أمس. كما رفضوا بشدة بيانا لعمر سليمان -جاء بعد خطاب مبارك بوقت قليل- ودعا فيه الثوار إلى العودة إلى »ديارهم«. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر الخميس الماضي بيانه رقم واحد الذي أشار فيه إلى التزامه بالدفاع عن مطالب الشعب المشروعة وبقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة في حال انعقاد. وصدر صباح الجمعة بيان ثان للمجلس الأعلى قال فيه إنه سيضمن الانتقال إلى الديمقراطية بما فيها تنظيم انتخابات رئاسية »حرة«، ورفع حالة الطوارئ بمجرد أن تسمح الظروف الحالية وضمان إجراء انتخابات رئاسية وصفها بالحرة. وتعهد الجيش ب»ضمان« إصلاحات تعهد بها مبارك والفصل في الطعون الانتخابية وإجراء التعديلات التشريعية اللازمة. وعزا إصدار هذا البيان إلى »التطورات المتلاحقة للأحداث الجارية التي يتحدد فيها مصير البلاد وفي إطار المتابعة المستمرة للأحداث الداخلية والخارجية وما تقرر من تفويض لنائب الرئيس من اختصاصات«. وأكد الجيش في البيان أنه سيلتزم برعاية مطالب الشعب والسعي لتحقيقها من خلال تنفيذ الإجراءات في التوقيتات المحددة لضمان انتقال سلمي للسلطة. ونزل الجيش لأول مرة إلى الشوارع يوم 28 جانفي 2011 بعد اندحار قوات الشرطة والأمن المركزي أمام الثوار المطالبين بتنحية مبارك. وتأتي هذه التطورات المتلاحقة في وقت أعلن فيه الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم مصر حسام بدراوى استقالته من منصبه بعد أقل من أسبوع من تعيينه. وأبلغ بدراوي قناة الحياة التلفزيونية بأنه قدم استقالته احتجاجا على الطريقة التي أدار بها النظام ما أسماه الأزمة السياسية الأخيرة.