شيع مئات الآلاف من الأتراك نجم الدين أربكان رئيس الوزراء التركي الأسبق ومؤسس التيار الإسلامي السياسي التركي في مدينة إسطنبول. وتقدم المشيعين الرئيس التركي عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وكبار ضباط الجيش وممثلون لأكثر من ستين دولة. وقد أغلقت معظم شوارع مدينة إسطنبول الرئيسية بسبب ازدحامها الشديد بالمشاركين في الجنازة، وذكرت بعض وسائل الإعلام أن عددهم فاق المليونين. وأقيمت صلاة الجنازة في مسجد الفاتح الذي شيد في القرن الخامس عشر الميلادي، بينما هتف المشيعون »الله أكبر«. وشارك جمع غفير في الصلاة على أربكان يتقدمهم أردوغان وغل -وهما من تلاميذه- وممثلون لأكثر من ستين دولة بينها مصر والهند وباكستان وإندونيسيا. وتوفي أربكان إثر أزمة قلبية الأحد الماضي عن عمر يناهز 85 عاما، وهو رائد الإسلام السياسي في الدولة العلمانية المسلمة، ومهّد الطريق لنجاح حزب العدالة والتنمية الذي رأسه أردوغان في فترة لاحقة. بلغ أربكان ذروة النجاح عام 1996 ليصبح أول سياسي ذي مرجعية إسلامية يتولى رئاسة وزراء تركيا في العصر الحديث على رأس حكومة ائتلافية عقب فوز حزبه في انتخابات 1995. وبعد عام عاصف في الحكومة أجبره الجيش الذي أغضبه ما اعتبره الجنرالات محاولة تقويض النظام العلماني وتشكيل تحالفات في العالم الإسلامي، على الاستقالة. بعدها حظرت أعلى محكمة تركية حزب الرفاه الذي أسسه أربكان في جانفي 1998 بدعوى عدم احترام الدستور وصادرت أصوله، ومنعت أربكان وعددا آخر من أعضاء الحزب من ممارسة العمل السياسي لخمس سنوات. لكن دعم الحزب الذي كان يضم أكثر من أربعة ملايين عضو لم يذهب سدى، وفتح الحظر المفروض على أربكان الطريق لصعود نجم أردوغان لرفع راية حزب جديد أكثر تنظيما تحاشى الكثير من مفردات حزب الرفاه. وتولى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان السلطة عام 2002 بعدما حقق فوزا ساحقا، ويتوقع على نطاق واسع أن يفوز بولاية ثالثة على التوالي في انتخابات جوان المقبل.