قال رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إن المرحلة الراهنة تتطلب تعزيز مسار المصالحة الوطنية وتعميقه، مؤكدا قناعته "الصلبة" بهذا المسار الذي التفت حوله الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري، وانتقد في المقابل "تهور الشباب" في التعبير عن انشغالاتهم باستعمال العنف، داعيا هؤلاء إلى عدم الانسياق وراء المغالطات التي قد تروجها أطراف تبتغي التشويه والفتنة اللعينة وتحركها أياد خبيثة تحاول التلاعب حتى بالرشوة بأحلام الشباب والعبث باستقرار البلاد. تأكيد رئيس الجمهورية جاء في مضمون الخطاب الذي ألقاه أمس بمقر وزارة الدفاع الوطني بمناسبة الذكرى ال 46 لعيدي الاستقلال والشباب، حيث أوضح بأن "المرحلة الراهنة تتطلب تعزيز مسار المصالحة الوطنية وتعميقه"، مشيرا إلى أن المصالحة تعتبر مسارا "لن نتراجع أو نتوقف عنه انتهجناه بمباركة من الله ومؤازرة من الشعب الجزائري الذي التفت حوله بأغلبية ساحقة متبعين تعاليم عقيدتنا السمحة وشيمنا الوطنية الحضارية الإنسانية في الدفاع بلا كلل عن قيم الحوار والإخاء والتسامح". وأضاف الرئيس بوتفليقة مؤكدا في هذا الشأن بأن القناعة بالمصالحة الوطنية "صلبة لا تتزعزع" في دولة الحق والقانون التي "تجتهد باستمرار في صيانة حقوق الإنسان وترقية الديمقراطية في صورتها الصحيحة البريئة من اتهامات تحاول تلفيقها هنا وهناك جهات مغرضة أو منظمات مشبوهة". وأشار بوتفليقة إلى أن المصالحة الوطنية في مجتمع مسالم متكافل ينبذ العصبية العشائرية والجهوية أو الفتنة الدينية المذهبية هي مصالحة "تتأكد نتائجها في ظل تنمية وطنية شاملة متوازنة غايتها القضاء على مظاهر الاختلال و الحرمان والإقصاء و توفير شروط حياة كريمة لكافة المواطنات والمواطنين". وفي هذا السياق شدد رئيس الجمهورية على العمل على تكريس المصالحة التي ترمي إلى إخماد نار الفتنة ونبذ الفرقة ولم الشمل اليوم وغدا وذلك "مهما تعالت أصوات بعض المشككين المعاندين وتحجرت عقول الغلاة المتطرفين"، قبل أن يؤكد بأن "هذه الفئة الضالة التي تبتغي التشريع بالباطل بغير ما أنزل الله وما قالت شريعتنا السمحة فئة منحرفة مآلها لا محالة الخسارة النكراء تعمل على إغواء بعض الشباب بفتاوى كاذبة مغلوطة وشحنهم على جهل أو بلا وعي بأفكار تكفيرية إرهابية هدامة فتجعل منهم نقمة على أهلهم ووطنهم عارا على دينهم وأمتهم". وبالمناسبة دعا رئيس الدولة الشباب المغرر بهم إلى أن يتقوا الله ويعودوا إلى سبيل الهدى ونور الحق إلى أحضان الأهل و الوطن للمشاركة في بناء بلادهم، مؤكدا بأن "الدولة لن تتوانى في التصدي بكل قوة وحزم لبقايا الإجرام والإرهاب، كما أنها لن توصد أبواب الصفح دون الشباب أبناء هذه الأرض الطيبة السخية أن هم سارعوا إلى التوبة". وعلى صعيد آخر طالب رئيس الجمهورية من الشباب الجزائري الابتعاد عن مظاهر العنف والانخراط في مسيرة التنمية الوطنية وذلك من خلال المبادرة بتنظيم أنفسهم وعدم تفويت الفرص المتاحة أمامهم، معترفا بأن المشاكل التي يعاني منها الشباب الجزائري "معروفة"، قبل أن يشير إلى أنه "من غير المعقول في دولة مثل الجزائر أن يعزف بعض الشباب عن مناصب الشغل التي توفرها عدة قطاعات مثل البناء والفلاحة". وقال بوتفليقة في هذا الصدد بأنه على الشباب ألا يفوتوا الفرص المتاحة في أن "يجتهدوا في تحقيق طموحاتهم المشروعة نحن نتفهم حيويتهم وحماسهم في التعبير عن أحلامهم وحتى شكاويهم واحتجاجاتهم لكن بوعي وتعقل في سلوك متمدن ومتحضر دون تهور أو استعمال للعنف الذي لا يشرف الشباب ولا الوطن وبلا انجرار وراء المغالطات التي قد تروجها أطراف تبتغي التشويه والفتنة اللعينة أياد خبيثة تحاول التلاعب حتى بالرشوة بأحلام الشباب والعبث باستقرار البلاد". وأكد بوتفليقة ضرورة التحدث عن "هذه الأمور دون خجل" خصوصا لدى تأكيده بأن "المأساة الوطنية ساهمت في ضياع جيل بكامله وتركت لنا رواسب ثقيلة في نفوس شبابنا"، وتساءل هنا "هل من المعقول أن يقوم بعض الشباب بحرق الممتلكات العمومية بحجة أن فريقهم خسر مباراة في كرة القدم"، مؤكدا في نفس الوقت أن أجهزة الدولة "لن تتسامح ولن تتساهل مع أي طرف يحاول إثارة الشغب أو الفوضى مهما كان المبرر". ودعا الرئيس بوتفليقة المجتمع إلى ضرورة التصدي لمثل هذه المظاهر التي اعتبرها بمثابة "أمراض اجتماعية خطيرة جدا"، مؤكدا على أنه "لا بد من صحوة وطنية لمواجهة هذه الأعمال المشينة والذود عن المصلحة العليا للوطن"، كما حث الشباب على حب وطنهم والتمسك بهويتهم" لأن الجزائر "بحاجة إلى سواعد كل أبنائها وليس لنا وطن بديل إلا هذا الوطن الحبيب". وقد التزم رئيس الدولة بالتكفل بانشغالات الشباب عندما أشار إلى ما قاله في اجتماع الحكومة والولاة الذي خصص لملف الشباب "والذي نعتبره من الأولويات الوطنية الملحة ستضاعف الدولة جهودها للتكفل الأفضل بمطالب وانشغالات بناتنا وأبنائنا بتعبئة الموارد الضرورية وتطبيق برامج منسجمة متكاملة تستجيب للاحتياجات المستعجلة".