ككل رمضان يتكرر سيناريو الندرة وجنون الأسعار، ويفرض المنطق نفسه أمام الملأ وأعين الجهات الوصية• فتعرف أسعار المواد واسعة الاستهلاك ارتفاعا استثنائيا في الأسعار• وانطلاقا من تصاعد بيانات أسعار السوق هذه الأيام، يتوقع المواطن أن تصل أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء والخضر والفواكه إلى مستويات قياسية خلال شهر رمضان، ما يثقل كاهل أصحاب الدخل المتوسط والمعوزين، خاصة وأن رمضان يتزامن هذه السنة والدخول المدرسي، ما يجعل تصريحات مصالح وزارة الفلاحة المؤكدة لتخزين كميات كافية من اللحوم والخضروات المطلوبة، ووزارة التجارة واتحاد التجار المتكررة المهددة باتخاذ عقوبات قاسية ضد المضاربين مجرد كلام للاستهلاك، لأن الأمر أصبح عادة تتكرر مع حلول كل شهر رمضان، حيث كثيرا ما تلجأ موائد العائلات إلى الصوم عن المواد الأكثر استهلاكا في هذا الشهر الكريم• أضحى مشكل ندرة لحم الدجاج مطروحا بشدة قبل أسبوع واحد من دخول شهر رمضان الكريم، ما سبب موجة سخط كبيرة عمت المواطنين والتجار على حد سواء، وهو الأمر الذي تسبب في بلوغ أسعار لحم الدجاج مستويات قياسية، إذ بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج ببعض الأسواق 340 دج، فيما أرجع المربون سبب ندرة الدجاج ومن ورائه ارتفاع أسعاره إلى ارتفاع درجات الحرارة وامتداد موجة الحر خلال الأيام القليلة الماضية، ما قضى على ما يقارب 60 بالمائة من الدجاج في الخم الواحد• الدجاج والبيض لمن استطاع إليهما سبيلا أكد العديد من المواطنين أن ارتفاع أسعار الدجاج في الآونة الأخيرة، ليست له أية مبررات، خاصة بداية الأسبوع الجاري حيث وصلت إلى أعلى مستوياتها، إذ بلغ سعر الكيلوغرام الواحد 300 دج و340 دج في بعض أسواق تيبازة، مرجعين السبب إلى غياب الرقابة وعدم التحكم في حركية الأسعار والمضاربة التي تستهدف جيوب المواطنين كلما حل شهر الصيام• وعرفت أسعار لحم الدجاج والبيض باعتبارهما مادتين أساسيتين حتى أنهما من أكثر المواد استهلاكا خلال شهر الصيام مستويات قياسية، حيث تراوح سعر البيض ما بين 10 و13 دج، وهو ارتفاع لم تعرفه من قبل هذه المادة الأساسية، ويتوقع العارفون بأحوال الأسواق أن يتواصل مسلسل الغلاء لدرجة لا يمكن تصورها، ومن المنتظر أن يقل العرض بسبب عامل الندرة، وهذا كنتيجة طبيعية للوضع الكارثي الذي يشهده سوق الدجاج عندنا• وحسب أحد مربيي الدجاج بمنطقة الحطاطبة، المعروفة بانتشار مربيي الدجاج، التي تبعد عن عاصمة ولاية تيبازة بحوالي 20 كلم شرقا، فإن الندرة يتبعها دائما الغلاء، وأن مشكل الندرة مطروح بشدة هذه الأيام، وهو ما جعل سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج يقفز إلى أعلى مستوياته لدى باعة الجملة بالمنطقة ليصل إلى 240 دج، ليباع عند باعة التجزئة ب 300 دج فأكثر• وعن عامل الغلاء، يرجع مصدرنا إلى السنة الماضية، حينما عرفت أسعار الأدوية البيطرية ارتفاعا محسوسا، لاسيما أعلاف الدجاج، منها على وجه التحديد الموجه للاستهلاك، أين بلغ سعرها 4300 دج، الأمر الذي اضطر المربين التوقف عند منتصف طريق التربية، والكف عن الاستثمار في هذا المجال وتدهور ظروف وأوضاع العمل إلى غاية لجوء الكثير لاستغلال الدجاج الموجه للتكاثر في مجال نشاط التوجيه نحو الاستهلاك، أي ذبح الدجاج وهو في شهره السادس والسابع أثناء مرحلة ما قبل التفريخ، ما أدى إلى خسارة كبيرة كلفت المستثمرين الملايير، وبالتالي تنقلت تداعيات ومخلفات العام المنصرم إلى بداية موسم التربية للعام الجاري، هذه الأخيرة أعجزت الفلاح المربي محدود الإمكانيات عن المبادرة كونه يتوسط ميزان الإنتاج والأسعار• ويضيف مرب آخر ينشط في الجهة الغربية لولاية تيبازة بمنطقة فوراية، أن ظاهرة ذبح الدجاج قبل التفريخ أدت إلى ارتفاع سعر الكتاكيت من 10 دج السنة الماضية إلى 90 دج للوحدة هذا العام• وأكد أن مالكي الحاضنات الاصطناعية لإنتاج الكتاكيت، خاصة الخواص، قد توقفوا عن ممارسة هذا النشاط أيضا، وهو ما ترتب عنه تقلص عدد المداجن، إلا أن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة الذي عرفته معظم مناطق تربية الدجاج بالولاية خلال الفترة الممتدة من أواخر شهر ماي إلى شهر جويلية يعتبر السبب الأول، حسبه دائما، في ندرة الدجاج، حيث قضت موجة الحر على ما معدله 60 بالمائة من مجموع عدد الدجاج في الخم الواحد، خاصة تلك التي يفتقد مالكوها لآلات التهوية العصرية التي تحافظ على الحرارة المعتدلة داخل الخم والمقدرة ب 24 درجة مائوية، أين قاربت بداخلها درجات الحرارة خلال الفترة المذكورة 50 درجة، ما أدى إلى هلاك معظم الدجاج وبلوغ سعر الكيلوغرام الواحد 240 دج إلى 260 دج بسوق الجملة• الدجاج أصبح فراخا والبيض يضاهي بيض الحمام كل هذه المبررات بالنسبة للمواطن البسيط لا معنى لها، حيث لم يخف عدد من المتجولين بسوق حجوط في حديثهم مع ''الفجر'' استياءهم من الغلاء الفاحش الذي تعرفه أسعار البيض والدجاج لدرجة فاقت كل التصورات والتقديرات• وبالنسبة لهؤلاء، فإن رمضان يسبقه دائما الغلاء وفي كل مرة ''خرجة جديدة'' يقول أحد المواطنين، الذي فضل عدم اقتناء الدجاج بالسوق، ولا حتى الخضر التي تجاوزت أسعارها كل التوقعات، وأضاف معلقا على هذا الارتفاع الفاحش ''كل رمضان محنة جديدة''، وقال ''إذا تزامن شهر رمضان مع أيام الشتاء قيل أن برودة الطقس قضت على الآلاف من الكتاكيت وطرحت مشكلة الندرة، وإذا ما حل رمضان في فصل الحرارة نفس السيناريو يتكرر مع تغيير طفيف في مصطلحات التبرير''• وما أثار استغراب مواطن آخر وجدناه يتسوق بالسوق المغطى لبلدية بواسماعيل هو حجم حبة بيض الدجاج التي تقلصت لتضاهي حجم بيض الحمام، هكذا يقول، ونفس الشيء بالنسبة للدجاج ف''بالأمس القريب كنا نقتني دجاجة تكفي لإعداد أكثر من طبق، ويمكن لكل أفراد العائلة أن يتلذذوا بطعمها لكن اليوم يباع لنا الفلوس الذي لا يكفي حتى لإنسان واحد''• أما باعة الدجاج ممن تحدثنا إليهم في الموضوع بسوق بوسماعيل دائما حيث يباع الكيلوغرام الواحد من الدجاج ب 310 دج، فقد أكدوا أنهم يقتنون بضاعتهم عند باعة الجملة بسعر 250 دج ليبيعونه لاحقا بعد عملية تفريغه ب 310 دج، علما أن أحشاء الدجاج وحدها تزن 400غ، وبالتالي فإن ''هامش الربح عندنا لا يزيد عن 20 دج ''، يقول الباعة•