تراجع عدد الجزائريين المتوجهين إلى تونس هذا العام إلى أكثر من النصف، حيث أفادت مصادر الجمارك التونسية أن معدل الجزائريين العابرين بالمركز الحدودي البري بطبرقة في اليوم الواحد لا يتعدى 500 مسافر، وهو ما يعد تراجعا ملحوظا مقارنة بالعام الماضي الذي شهد عبور قرابة الألف مسافر جزائري في اليوم الواحد خلال فصل الصيف. كثر الحديث مؤخرا وعقب ثورة الياسمين التي قلبت نظام الحكم في تونس، عن تأثر السياحة التونسية كنتيجة لتداعيات هذه الثورة، خاصة وأن البلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية هامة، ولهذا يهتم الجزائريون الذين تعتبر تونس وجهتهم السياحية الأولى بمعرفة تفاصيل ما يجري في تونس من أجل التخطيط لعطلتهم الصيفية، ورغم تطمينات الجهات المعنية في تونس وتعهداتها المتكررة بتأمين حياة السياح الجزائريين الداخلين إلى البلاد من خلال وضع مخططات أمنية خاصة بهم، إلا أن الأنباء المتضاربة هنا وهناك حول وجود اعتداءات وتعرض البعض للسرقة من طرف مجهولين بمجرد دخولهم الأراضي التونسية برا قد ألقت بظلالها على توجه الجزائريين لقضاء عطلتهم في البلد الجار. »صوت الأحرار« عاشت تجربة السفر برا إلى تونس عبر منطقة طبرقةالتونسية ذات المناظر الخلابة وعادت بهذه القصة. حواجز أمنية جديدة للتأكد من هويات المسافرين انطلقنا متوجهين إلى تونس عبر منطقة طبرقة من ولاية سكيكدة التي لا تبعد كثيرا عن الحدود الجزائريةالتونسية، وقد انطلقنا في تمام الساعة السادسة صباحا، وبعد مرور ثلاث ساعات تقريبا من السير تنقلنا فيها بين عنابة والطارف وصولا إلى أم الطبول وهي المنطقة الحدودية الفاصلة بين البلدين، وصلنا بعدها إلى المركز الحدودي. مرافقنا في هذه الرحلة كان العم صالح سائق سيارة مسنا عمل لسنوات كتاكسي كلونديستان ينقل المسافرين بين الجزائروتونس، وخلال الجزء الأول من رحلتنا دردشنا مع العم صالح الذي أكد لنا أنه كان يدخل إلى تونس مرتين في الأسبوع أو أكثر في بعض الأحيان، لكنه اليوم ومنذ ثورة الياسمين لم يقصد هذه الوجهة، سوى مرتين فقط في فترتين متباعدتين. العم صالح حدثنا كثيرا عن حفاوة الاستقبال التي كان يحظى بها عندما كان يدخل إلى تونس، مضيفا أن ما يسمعه من أحداث واعتداءات هنا وهناك كانا وراء تقليله من الدخول إلى تونس. اقتربنا من المركز الحدودي ولم يبق يفصلنا عليه سوى بعض الأمتار، وقد توقفنا أمام حاجز أمني تم استحداثه مؤخرا لمراجعة أوراق المسافرين من هوياتهم وهو ما يعطي انطباعا بالاطمئنان لدى هؤلاء المسافرين. أغلب المسافرين الجزائريين يقصدون أقاربهم وأصدقاءهم بعد أن قدمنا هوياتنا لرجال الأمن في الحاجز الأمني وصلنا إلى داخل المركز الحدودي، وكان أول ما لاحظناه هو وجود عدد من السيارات المصطفة أمام المركز، بشكل أوحى لنا أن هناك عددا كبيرا من المسافرين الراغبين في دخول الأراضي التونسية، غير أننا وبمجرد أن ترجّلنا من السيارة وجدنا أن عدد المسافرين الذين يقومون بإجراءات العبور بين البلدين كان قليلا جدا، فأدركنا أن غالبية السيارات هناك هي ربما للعاملين داخل المركز، بعد أن قدمنا جوازات سفرنا للجمارك، وفي انتظار استرجاعها تقربنا من بعض المسافرين الذين أكدوا لنا أنهم يقصدون تونس لزيارة أقاربهم أو أصدقائهم وأنهم لن يقيموا في فنادق. فإحدى المسافرات التي كانت رفقة ابنتها وتدعى فاطمة أكدت لنا أنها زارت تونس بعد الثورة عدة مرات وأنها كانت تنزل في كل مرة ضيفة على أقاربها، وهو ما أكدته لنا مسافرة أخرى موضحة أنها عندما تنزل عند أ قاربها في تونس تشعر بأمان أكثر وتستطيع أن تتنقل بارتياح أكثر لدى تنقلها من منطقة إلى أخرى، لأنها تكون رفقة أبناء المنطقة. عدد الجزائريين الداخلين برا إلى تونس يتراجع إلى النصف حاولنا من جهة أخرى الاستفسار من أحد ضباط الشرطة على الحدود حول أوضاع عبور الجزائريين إلى تونس، وحول ما نسمعه من أخبار عن وجود اعتداءات على الجزائريين، لكن الضابط كان متحفظا جدا في الإجابة، حيث اكتفى بالقول إن عدد المسافرين الجزائريين العابرين للحدود البرية الجزائريةالتونسية في اليوم الواحد يعد بالمئات، معتبرا أن هذا العدد قليل جدا مقارنة بالعام الماضي الذي قدر فيه عدد الجزائريين الذين يدخلون برا إلى تونس في مثل هذه الفترة بأكثر من ألف مسافر يوميا، وهو ما يعد تراجعا ملحوظا، وتوقع الضابط أن يزيد عددهم خلال الأيام القليلة القادمة على اعتبار أن أكثرية الجزائريين يبدؤون عطلتهم بداية من شهر جويلية. شكوى كل أسبوع حول اعتداءات على الحدود أما فيما يتعلق بما يتم تداوله من أخبار حول الاعتداء على الجزائريين أثناء تنقلهم برا إلى تونس، فقد أوضح ذات الضابط الذي رفض ذكر اسمه أن مصالح الأمن تتلقى ما معدله شكوى واحدة في الأسبوع تتعلق بالاعتداء، معتبرا أن غالبية هذه العمليات تتم ليلا. بعد أن أتممنا إجراءات العبور عبر الحدود وحصلنا على جوازات السفر، انتقلنا إلى الجمارك التونسية لتسجيل الدخول، وهناك سألنا أحد المسؤولين بالجمارك التونسية عن عدد الجزائريين الداخلين إلى تونس، فأجابنا أنهم يصلون إلى 500 في اليوم الواحد، مؤكدا لنا ما سبق وأن تحدث عنه ضابط الشرطة في الجزائر، حول زيادة عدد هؤلاء المسافرين خلال شهر جويلية الجاري. أكملنا رحلتنا داخل تونس، مررنا بمنعرجات طبرقة وبعد المركز الحدودي مباشرة، كان الطريق ضيقا ومليئا بالشجيرات الصغيرة، وبعد أن وصلنا إلى داخل مدينة طبرقة وجدنا أول حاجز أمني حيث أننا لم نلحظ وجود مثل هذه الحواجز على طول الطريق من المركز الحدودي وإلى غاية هذه المدينة. بعد أن دخلنا إلى تونس توجهنا إلى مدينة بنزرت وهي مدينة ساحلية طالما كانت مقصدا للسياح، وفي بنزرت بدا كل شيء طبيعيا، حيث يشعر المرء أن الحياة قد عادت إلى طبيعتها، فالناس يسهرون في الميناء القديم للمدينة، ويقيمون الحفلات كما لو أن شيئا لم يكن، غير أن الناس هناك مازالوا يتحدثون عن الثورة وتداعياتها.