من دون تأشيرة مرور، من دون تذكرة طائرة، أصبحت تونس الوجهة الأولى حتى لا تقول الوحيدة لأفواج السواح الجزائريين الذين للأسف طلّق بعضهم بالثلاث سياحتنا الداخلية وولّوا وجوههم شطر الحمامات وطبرقةوسوسة، وفي هاته المدن السياحية أصبحنا أينما نولي وجوهنا فثمة جزائري أو جزائرية بحثا عن خدمة سياحية، بحثا عن راحة بال مازالت مفقودة في فنادقنا التي تأخذ الكثير ولا تعطي سوى القليل. معاملة خاصة للجزائريين يدرك التونسيون أن أحداث جربة السابقة وما قام به تنظيم قاعدة بلاد المغرب العربي قادر على التأثير على السياحة في تونس، حيث يتراجع بعض الألمان والأمريكان والإنجليز عن الحج إلى مركبات تونس السياحية خوفا من أي طارئ، وهو ما جعلهم منذ بداية القرن الحالي يراهنون على ما لا يقل عن مليون ونصف مليون جزائري تحسنت أوضاعهم في القرن الجديد بعد الارتفاع القياسي لأسعار النفط وظهور طبقة مهمة من الأثرياء التي تصرف بدون تردد، خاصة إذا توفرت الخدمة الراقية كما هو حاصل في الحمامات وسوسةونابل. التونسيون، منذ اندلاع ثورتهم السياحية، رفعوا شعار »ما أحلاها السياحة في تونس« وأصبحوا جميعا متحدين ومؤمنين بأن السياحة هي بترولهم الوحيد والدائم، فكسّروا عددا من الطابوهات وقدموا لسواحهم ما يريدون ومنهم الجزائريون الذين برغم أزمة كأس إافريقيا وأحداث صفاقس عام 2004 إلا أنهم تمكنوا من إرجاع المياه إلى مجراها الطبيعي، إلى درجة أن بعض الفنادق الفخمة في الحمامات وسوسة ترفع العلم الجزائري إلى جانب الأعلام الأوربية كدليل على أن الزبون الجزائري لا يختلف عن الزبون الاسكندنافي والأسترالي، وبلغ ببعض القرى السياحية أن رفعت لافتات كبرى كتبت عليها »أهلا بإخواننا الجزائريين«... ويعترف التونسيون من أصحاب المركبات السياحية وحدائق الحيوانات والألعاب والمراقص والكاليشات والفيلات المخصصة للكراء، أن بعض الجزائريين دخلوا دائرة الثراء الفاحش فهم يصرفون من دون حساب أو فرامل ومستعدون لأن ينفقوا مئات الملايين في بضعة أيام. ما فعله (بن لادن) منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 في كبح جماح بعض الأوربيين الطائرين نحو السياحة التونسية، جعل الوجهة تنقلب رأسا على عقب فأرسل التونسيون سناراتهم واصطادوا فعلا أزيد من مليون سائح جزائري، للأسف بعض الجزائريين أصبحوا على يقين بأن قطار السواح عندنا لن يلتحق بالقطار التونسي أبدا وخصوصا من حيث الذهنيات، وللأسف أيضا وجد بعض الأثرياء الجدد من المعروفين باسم »البڤارة« الفرصة سانحة لممارسة الممنوع عندنا، لأن الفنادق السياحية التونسية تسير على النمط الأخلاقي الأوربي، فهي لا تشترط عقد الزواج بالنسبة للنزلاء الأزواج كما تقدم جميعها الخمور وتسمح بالتعري على الشواطئ التابعة للمركبات السياحية إلى درجة أن الأوربيات يسبحن في معظم المركبات السياحية بصدر مكشوف، ولكنها مع كل ذلك تقدم خدمات احترافية يسهر على تطبيقها شباب وحسناوات. لأجل ذلك لا تتفاجأ أبدا عندما تشاهد كهلا في الخمسين أو الستين وهو يهرب إلى تونس بعشيقته التي لم يكتمل غصنها بعد، بعيدا عن الأنظار ليعيش شهر عسل (مسروق) على طريقته الخاصة، فهناك لا أحد يسأله عن هاته الفتاة (من تكون؟) ولا أحد يحاسبه على تقاسمه الغرفة معها وحتى سرير النوم!؟ شهر العسل في تونس في شرق البلاد وحتى وسطها إذا تزوج عريس حديث فإن شهر العسل يكاد يكون بالضرورة في تونس، لقد أصبح شبه واجب من طقوس الزواج عندنا أن يقضي العرسان الجدد أولى خطوات العمر في أحد فنادق تونس، الرحلة ما بين عنابة أو قسنطينة إلى طبرقة مثلا لا تتعدى 300 كلم بمعنى أن ثلاث ساعات ستكون كافية لأن تجعله يقضي شهر عسله في تونس، وتقدم مختلف الفنادق نماذج استقبال للعرسان لا نجدها عندنا، فبعضها تستقبل العرسان بالورود والمشروبات وتقدم لهم في سهرة العشاء (كعكة) عبارة عن تهنئة خاصة من الفندق أو المركب السياحي، ولسنا في حاجة لتذكيركم بما هو حاصل عندنا من لا مبالاة سواء كان الزبون عريسا أو مطلقا أو غير ذلك!! بعض العرسان يقومون بحسابات مادية فيجدون أن الفارق ليس كبيرا كما أن الحسابات المعنوية تصب جميعها في الخانة التونسية، حيث تتفوق الخدمات كثيرا على ما هو متوفر عندنا، وحتى يكتمل العرس التونسي، لجأ أهل الثقافة والسياحة والاقتصاد في تونس على تنظيم مهرجانات الراي في طبرقة الحدودية في الوقت الذي نامت مدينة القالة عندنا (ولاية الطارف) ثقافيا وسياحيا بطريقة مهولة، بالرغم من أن التاريخ القريب يؤكد أن أهل طبرقة كانوا يقضون عطلتهم في القالة، ولكن دوام الحال من المحال، إذ أصبح ما تتوفر عليه طبرقة من فنادق ومنتجعات سياحية لا يوجد في كامل الجزائر، إضافة إلى مطار دولي يهتم بتوفير الرحلات لكل الأوربيين بمن فيهم المهاجرون الجزائريون في فرنسا الذين يعود بعضهم إلى تونس للالتقاء بأهاليهم وليس إلى تونس. الشاب خالد وإيدير وتكفاريناس وفلة عبابسة كلهم غنوا في طبرقة وكلهم أيضا لا يعرفون مدينة القالة ولا حتى عنابة، تصوروا أن أحد شواطئ الحمامات منح جائزة أجمل مصطافة لجزائرية وظهرت صورتها على غلاف الدليل السياحي لأحد أرقى الفنادق، وهو دليل على أن تونس تراهن فعلا على السائح الجزائري، فتوفر له حتى الغناء والأكل الجزائري، لأجل ذلك يجد نفسه مسحورا بهاته الخدمات بالرغم من أن الجزائريين يتفقوا وحتى أشقاءهم التونسيين على أن جمال الجزائر يبتعد بسنوات ضوئية عن جمال تونس الخضراء، ولكن في جانب الخدمات والاهتمام بالزبون فإن الأمور تظهر بشكل مغاير، والطوابير الطويلة التي يخيل لمشاهديها أن في الأمر (شبه لجوء) على مراكز الحدود، هو دليل على أن موسم الحج السياحي إلى تونس قد بدأ ولن ينتهي إلا على بضع ساعات من شهر رمضان المعظم. الجزائر قادرة على تحصيل 7 مليار دولار من السياحة الداخلية في زيارة قصيرة له قادته برا من تونس إلى عنابة، مرورا بالقالة لإبرام عقود مع الوكالات السياحة المتواجدة بالمنطقة، عبّر مدير المجمع السياحي التونسي، القنطاوي بلاس، عن دهشته لجمال المناظر الطبيعية التي مرّ بها أين تمتزج زرقة البحر بخضرة الغابات ونقاء الرمال الذهبية لسواحل المنطقة الشرقية للجزائر، حيث أبدى استغرابه في أول زيارة يقوم بها إلى الجزائر لغياب المنشآت السياحية بولايات الطارف وعنابة، وصرح لنا خلال دردشة قصيرة معه بساحة الثورة بعنابة »لو كان لدينا ما عندكم لحولناه إلى جنة فوق الأرض«. ملاحظات أحد محترفي السياحة بتونس لا تختلف كثيرا عن معاينات الهيئات السياحية العالمية، بما فيها المنظمة العالمية للسياحة التي صنفت الجزائر في مجال السياحة، مقارنة بدول حوض المتوسط، بأنها لا تزال منطقة عذراء، مشيرة في إحصائيات لها، حول قدرات الجزائر وإمكانياتها في مجال تطوير السياحة الداخلية بأنها هائلة وغير محدودة. فيما ذهب المكتب الدولي للعمل إلى اعتبار أنه من بين كل خمسة مناصب عمل تنشأ في العالم، ثلاثة منها تعود إلى قطاع السياحة والخدمات، قدرت المنظمة العالمية للسياحة حجم المداخيل التي يمكن للجزائر تحصيلها من السياحة الداخلية بين 6 و 7 مليار دولار على المدى المتوسط، مع إمكانية خلق بين 200 و 300 ألف منصب عمل بالشريط الساحلي. أما السياحة الصحراوية فهي قادرة بولايات الجنوب على إنشاء بين 40 و 50 ألف منصب عمل دائم. واعتبرت المنظمة أن إمكانيات تطوير قطاع السياحة الداخلية بالجزائر قائمة لو توفرت لدى الحكومة الاستراتيجية المناسبة، وتم تجنيد الكفاءات المتوفرة مع انتهاج سياسة واقعية تعتمد على إنشاء مجمعات سياحية من الحجم الصغير والمتوسط، سهلة التسيير والصيانة وتوفر خدمات ذات جودة عالية، على غرار ما أنجزته تونس التي أصبحت المنافس الأول لإسبانيا في حوض المتوسط. فيما أصبحت تونس القبلة المفضلة للسواح الأورويين، بعد فرنسا وإسبانيا مسجلة حضورها في المنتديات الدولية والمعارض السياحية ولا تغيب خارطتها عن ملصقات ومجلات السياحة بالوكالات السياحية العالمية وتظل الجزائر بكل إمكانياتها الضخمة الغائب الأكبر عن السوق السياحية الدولية. فبلد مثل تونس، لا يتجاوز عدد سكانه 11 مليون نسمة تجلب سنويا أكثر من ستة ملايين سائح أجنبي، بحيث تشغل السياحة به ثلث عدد السكان الناشطين وتساهم بنسبة تتراوح بين 6 و 7٪ في الناتج الداخلي الخام. فإذا كانت تونس قد خطت خطوة عملاقة باتجاه تطوير السياحة بها وارتقت بها إلى أعلى المقاييس العالمية، على الجزائر أن تبدأ الطريق من أوله، حسب ملاحظة المحترفين الذين يعتبرون تطوير قطاع السياحة الداخلية بالجزائر أول خطورة على الحكومة أن تقوم بها، بالنظر إلى القدرات الهائلة للسوق الجزائرية التي تؤكد هذه الأرقام المتصاعدة لعدد السواح الجزائريين الذين يقصدون تونس لوحدها والذين بلغ عددهم خلال هذا الموسم أكثر من مليون سائح، يصرفون ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار على السياحة والترفيه بتونس، فيما تذهب ملايير الدولارات الأخرى التي يصرفها الجزائريون إلي شتى بقاع العالم، بداية بفرنسا، المغرب إلى تركيا واليونان ومصر وغيرها. وباتجاه تونس لوحدها، سجلت إحدى الوكالات السياحية بشرق البلاد عشرة آلاف سائح جزائري، عبّروا عن رغبتهم في قضاء العطلة بتونس، بالنظر إلى الأسعار المغربية والخدمات الجيدة التي توفرها الفنادق التونسية من فئة 4 و5 نجوم، والتي لا تتجاوز تكلفة الإقامة ليوم واحد بها للشخص الواحد بين 3500، 4500 دج توفر ظروف إقامة مريحة بمقاييس نظافة وجودة لخدمات ذات مواصفات عالمية، وهو ما لا يتوفر بأحسن فندق بعنابة ووهران أو حتى في مدينة داخلية غير سياحية. ويقدر معدل إنفاق أسرة جزائرية بالمرافق السياحية التونسية بين 15 و 20 مليون سنتيم لأسرة من أربعة أفراد لمدة أسبوع كامل بمنتجعات مثل سوسة، جربة والحمامات، في حين يصرف التجار وأصحاب المهن الحرة مبالغ طائلة تصل في الكثير من الأحيان إلى 100 مليون سنتيم، خلال إقامة واحدة. أما الفئة التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة من محامين وأطباء وأساتذة، فيعمد البعض منهم إلى كراء شقق وفيلات لدى الخواص بسعر يتراوح بين 2000دج و3000دج، حسب الموقع. ويبدو أن رقم مليون ونصف مليون سائح جزائري الذي توقعه الديوان القومي التونسي للسياحة خلال هذا الموسم، مرشح للارتفاع بالنظر إلى العدد الهائل من الجزائريين الذين حجزوا على متن الخطوط الجوية باتجاه تونس التي برمجت لها أربع رحلات يوميا، إلى جانب الخط البحري الذي افتتح في 22 من جويلية الجاري، بمعدل رحلة كل أسبوع من الجزائر العاصمة. فإذا كانت حمى النزوح الجماعي للجزائريين إلى تونس قد بلغت أوجها بالمناطق الشرقية، لم يغب المغرب رغم إشكالية الحدود عن الموعد، حيث بدأ موسم الهجرة إليه بالمناطق الغربية أين ينتظر دخول بين 300 و400 ألف سائح جزائري يوميا يصرفون هم الآخرون بين 500 و700 مليون دولار على السياحة والتسوق. طوابير لا تنتهي عبر مراكز تبسة الحدودية على الرغم من الإجراءات الجمركية والأمنية التونسية الصعبة، فإن المراكز الحدودية ال04 الواقعة بإقليم ولاية تبسة، تعرف هذه الأيام ومنذ منتصف شهر جوان تقريبا، حركة نشطة غير عادية باتجاه تونس. وحسب السيارات وألواح ترقيمها فإن التوجه إلى تونس لم يقتصر على مواطني ولاية تبسة، بل الأمر تعداه إلى سكان ولايات خنشلة، أم البواقي، قسنطينة، باتنة، سطيف، العاصمة، تيزي وزو، وغيرها من الولايات الأخرى بما فيها الغربية التي فضل بعض سكانها قضاء عطلة الصيف أو جزء منها بولايات تونس السياحية وخاصة سوسة، نابل، صفاقس، قابس، باجة، وتونس العاصمة وجربة (قليل جدا). وقد أرجع الكثير من السياح الجزائريين الذين يعبرون المراكز الحدودية بولاية تبسة نحو تونس، ذلك إلى عدة أسباب أبرزها جودة الخدمات سواء بالفنادق أو المطاعم وكذلك إلى تنوع البرامج الثقافية وإقامة الحفلات والسهرات بكل مكان طيلة ليالي الصيف ويمكن للإنسان رفقة عائلته الحضور إلى تلك السهرات في جو عائلي إلى ساعة متأخرة من الليل، في حين ردّه آخرون إلى قرب المسافة بين المدن التونسية والمدن الجزائرية التي يقيمون بها وكذلك قلة حوادث المرور حيث يلزم أي سائق باحترام السرعة المحددة وكل إشارات المرور على عكس ما هو بالطرقات الجزائرية حيث تداس قوانين المرور ومعها كثرت الحوادث وتعدد الأموات والإصابات. وفي نشاط مواز وبعيدا عن مراكز بوشبكة، المريج، روس العيون، بتيتة، فإن سوق ليبيا بتسبة يعرف حركة دؤوبة لسوق الصرف وإقبالا كبيرا للسياح على تغيير العملات خاصة الأورو والدينار التونسي. حيث عرف الأورو ارتفاعا مقارنة بالأسابيع الفارطة، إذ أن الأورو وصل إلى عشرة آلاف ومائتن وخمسين دينارا جزائريا وعشرة آلاف دينار جزائري مساو ل580 دينار تونسي. وعلى الرغم من هذا ارتفاع في سعر الصرف وارتفاع الإقامة بالمدن التونسية والتي تصل بين 400 و600 دينار تونسي لأسبوعين فقط، فإن عدد العابرين من السياح منذ شهر جوان تجاوز الألفي سائح، حيث يحتل مركز بوشبكة المرتبة الأولى ثم مركز روس العيون والمريج ثم بتيتة، وقد برر الكثير توجههم إلى مركز بوشبكة بقرب مدينة بوشبكة الجزائرية إلى المركز الحدودي التونسي حيث يوجد قرب المركز التونسي سيارات وحافلات بإمكان أي سائح التنقل إلى ولاية القصرين أو قفصةالتونسيتين ومنهما إلى أي مدينة تونسية، على عكس المراكز الحدودية الأخرى حيث يتعذر على الأشخاص والعائلات الذين لا يملكون سيارات خاصة وجود سيارات تونسية قريبة تقلهم إلى إحدى المحطات الرئيسية للمسافرين لاختيار إحدى المدن الراغبين في التوجه إليها. وفي حديث الشروق مع بعض العائلات أو الأشخاص الذين قضوا أياما بالمدن التونسية، أجمعوا على أن كل شيء متوفر بتونس ولكن ما يعاب هو الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار بشكل مذهل ومفاجئ، فالوجبة العادية وبمطعم عادي تصل إلى 04 دنانير تونسية (240 دج تقريبا) وبإمكان الجزائري أن يأكلها بالجزائر بأقل من ذلك، وقارورة الماء يتجاوز ثمنها ال50دج والإقامة في الفندق عدا الوكالات فهي تعادل في الفندق العادي للغرفة الواحدة ألفي دينار جزائري فما فوق ووجدنا من له رأي مخالف لخص أحد المواطنين من تبسة من أن 04 أفراد يمكنهم قضاء عطلة محترمة بعنابة أو بجاية أو القالة طيلة أسبوع بمبلغ لا يتجاوز 03 ملايين سنتيم، في حين أن هذا المبلغ لا يكفي بتونس للإقامة فقط فما بالك بالأكل والتنقل من مكان إلى آخر، فالأمر قد لا يتصور إطلاقا. وكعينة على ذلك، فإن مواطنا جزائريا سافر من مدينة فريانة الحدودية (قريبة من تبسة) إلى تونس العاصمة مسافة تتجاوز 300 كلم بقليل بمبلغ يعادل 17 ألف دينار جزائري وهو أمر غير معقول، فحتى لو أخذ مواطنا في الجزائر سيارة بمفرده ذهابا وإيابا لمسافة 300 كلم فإن السعر لا يصل إلى هذا المبلغ نهائيا، وهذا دليل على أن لا إجماع على أن الأسعار في متناول الجميع. بينما فيما يخص الخدمات فالكل يجمع على أن تونس متفوقة بسنوات ضوئية، وعلى الرغم من هذه الحقائق التي يكاد يدركها كل السياح القاصدين تونس، فإن طوابير طويلة مازالت ترتسم يوميا بالمراكز الحدودية والكل ينتظر ساعة الفرج للدخول إلى تونس الخضراء تاركا وراءه جزائر بيضاء بمناظرها الخلابة ومركباتها الساحرة وآثارها الفاتنة وجبالها الشامخة ومعالمها الباهرة. أكثر من 400 ألف جزائري يحجون إلى تونس عبر الطارف يشهد مركز الحدود بأم الطبول بالطارف منذ مطلع جويلية الماضي أشد أيامه اكتظاظا، حيث يعرف يوميا توافد أكثر من 2000 شخص يوميا وما يقارب ال1500 سيارة ليرتفع العدد إلى قرابة ال5000 شخص خلال العطلة الأسبوعية من المنوافدين على تونس لقضاء عطلتهم السنوية بأحد المركبات السياحية التونسية. وكانت الشروق اليومي قد وقفت على حج الجزائريين نحو تونس ليلة 22 من الشهر الحالي رفقة مصالح الشرطة القضائية لأمن ولاية الطارف، أين كان المركز يعج بعشرات العائلات المتنقلة إلى تونس. وخلال دردشة مع بعضها أكدت عائلة سكيكدية أنها اختارت التنقل إلى تونس ليلا لتفادي الاكتظاظ والوقوف لساعات بالطابور، في حين أشار بعض الشباب القادمين من العاصمة أنهم وصلوا إلى المركز في حدود السادسة مساء غير أنهم انتظروا لساعات لإتمام إجراءات الخروج من الجزائر بسبب العدد الهائل للمتوافدين على المركز، ولم تكن الحركة مختلفة بشباك الدخول إلى الجزائر أقل من شباك الخروج حيث يعرف نفس الشباك توافد المئات من الأشخاص يوميا معظمهم ممن أنهى عطلته بتونس وتشتد هذه الحركة خصوصا ليلا حيث يفضل الجزائريون التمتع بأيامهم بالشقيقة تونس حتى آخر لحظة. من جهتهم أكد معظم العاملين بالمركز الحدودي أن المركز لم يشهد فترات راحة منذ شهر أفريل الماضي حيث عرف حركة غير عادية هذه السنة وهو ما جعلهم يعملون بضعف الطاقة المخصصة للمركز وطلب التدعيم البشري للتمكن من التعامل مع العدد الكبير للمتوافدين على المركز دون فترات للراحة. وينتظر حسب العاملين بالمركز أن يتجاوز عدد الجزائريين الخارجين نحو تونس انطلاقا من ولاية الطارف عبر مركزي أم الطبول والعيون سقف ال400 ألف شخص، على أن يبلغ العدد ما يفوق المليون جزائري مثلما أعلن عنه مكتب السياحة الوطني التونسي. وتفيد مصادر من مركز أم الطبول إلى أن الفرد الجزائري يتنقل إلى تونس لقضاء عطلة تتراوح ما بين 10 أيام وأسبوعين ينفق خلالها ما لا يقل عن 2000 أورو وهو ما يمثل مدخولا معتبرا لقطاع السياحة بتونس، في الوقت الذي يدخل فيه التونسي الذي يحل بالجزائر لغرض التبضع من أسواقها الأسبوعية ومحلات التجهيزات الإلكترونية دون أن يصرف أي مليم في الفنادق والمطاعم ولو حتى بارتشاف فنجان قهوة بعد أن يقضي معظم يومه في الطواف بالمحلات والأسواق والعودة إلى تونس قبل حلول الظلام.