ضجة وضجيج أثير حول الإصلاحات السياسية التي أعلنها رئيس الجمهورية، وتشكلت لها هيئة للمشاورات التقت مع رؤساء الأحزاب المعتمدة بغض النظر عن دورها الجماهيري وثقلها السياسي، وتمثيلها في المؤسسات المنتخبة، كما التقت مع شخصيات استجابت وشخصيات رغم مسؤوليتها عن المرحلة لم تستجب تحت حجج ستبقى واهية، كما كان ممثلو المجتمع المدني ورجال الفكر والثقافة والإعلام والفن حاضرين في هذه المشاورات، وقد تبارى كل من هذه الأطراف في تقديم المقترحات التي يراها ضرورية لإقامة نظام ديمقراطي تعددي فيه مساحة كبيرة من حرية الرأي والتعبير والاختيار. وانبرت أجهزة الإعلام في النقد والتقييم وحتى التكهن بمآل هذه المشاورات ومدى ما يمكن أن يتحقق من الإصلاحات وهل تؤدي إلى تغيير حقيقي يغير هيكلة النظام الذي ساد على مدى خمسين سنة أم أن الأمور لا تزال تتعثر الخطى وتبحث عن المزيد من الترسيخ للنظام القائم، تلك أسئلة ستجيب عنها الأيام القليلة القادمة بعد أن يتسلم رئيس الجمهورية تقرير هيئة المشاورات لتتخذ الخطوات اللاحقة والتي يتوقع الكثير من الملاحظين السياسيين أن تحدث مفاجآت تغير كل التوقعات التي يتم تداولها على الساحة السياسية. صحيح أن الدستور ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية إلا أنها مجرد مادة في الدستور، في كل المشاورات التي دارت لم نقرأ لجهة سياسية، أو شخصية، أو ممثلي المجتمع المدني من تحدث عن اللغة العربية وضرورة إعادة الاعتبار لها في مؤسسات الدولة الجزائرية ما عدا جمعية العلماء المسلمين وبعض الشيوخ ممثلي الزوايا. اللغة العربية اختفت في كثير من المؤسسات الخدماتية التي كانت على الأقل تعلق يافطات وإعلانات وتوجيهات للمواطنين مكتوبة باللغتين. العربية اختفت من يافطات المطار التي تحدد بوابات الركوب نحو الولايات، اللغة العربية اختفت وهي في طريق الاختفاء من أحاديث المسؤولين للتلفزيون والإذاعة، أجيال الاستقلال، البعض منهم في قمة المسؤولية أو أستاذ جامعي يقف دون خجل ليعتذر عن الحديث بالعربية حتى الدارجة وينطلق باللغة الفرنسية... لم نر من أكد على ضرورة استرجاع اللغة العربية لمكانتها في هذه المشاورات وفي هذه الإصلاحات التي تبقى وفي عمقها السياسي الوطني، وفي بعدها التاريخي قد تناست اللغة العربية من أجل أن تكون بحق وكما نصت على ذلك مواد الدستور رسمية في الممارسة والتعامل خاصة حيث ما يجب أن تكون عنوانا للسيادة الوطنية. احتفلنا هذا الأسبوع بأعياد الاستقلال وهي الذكرى 49 أي نصف قرن من استعادة الجزائر لسيادتها الوطنية ولا نزال على الرغم من - المدرسة الجزائرية التي خرجت أجيالا - نهمس ونصرخ ونتحدث عن اللغة العربية المغيبة في عقر دارها، والغريب أن أغلب المسؤولين على مختلف مستويات المؤسسات الجزائرية يهربون اليوم للمدارس الخاصة، ومدارس البعثة الفرنسية، ويحاولون بل ويلحون على أن لا يعلموا أبناءهم اللغة العربية. الحل ليس صعبا، ولا مستحيلا.. بل إنه فقط إرادة سياسية والكل يتكلم لغة السيادة والهوية والانتماء!! ولذلك غابت العربية عن الإصلاحات!.