حسب تقرير لجنة الصحة والسكان والبيئة بالمجلس الشعبي الولائي لولاية تبسة فإن العوامل الأساسية التي ساهمت في تدهور الوضع البيئي تتمثل في انجراف التربة وتدهور السهوب ، ظاهرة التصحر ، التلوث الجوي، انتشار القمامات وانعدام المساحات الخضراء وإهمالها في جل بلديات الولاية . تنوعت واختلفت فيها المشاكل وتعالت نداءات المواطنين ورفعت بشأنها تقارير الحركة الجمعوية والمجتمع المدني والجمعيات المهتمة بالبيئة، وهو الوضع الذي أثر سلبا وبصورة فضيعة على صحة السكان التي أظهرت تزايدا كبيرا في عدد الإصابات بحالات الربو والحساسية والأمراض الجلدية وغيرها من الحالات التي أثر فيها الوضع البيئي. ففي دائرة الماء الأبيض أحد الأقطاب الصناعية بالولاية ففي بلدية الماء البيض وصل عدد المصابين بالربو والحساسية إلى 700 حالة وادي هور الغطاء النباتي والحقول وأشجار الغابات المجاورة للوحدات الصناعية المنشأة بالجهة (مصنع الإسمنت ، المحجر العملاق) إلى جانب الإستغلال العشوائي للمرامل من طرف بعض الشبكات في غياب المقاييس التقنية أثناء عملية الإستغلال، إضافة إلى كثافة الحركة المرورية وعبور الشاحنات وسط المدينة. الونزة بدورها تعرف أحياءها إنتشارا واسعا وفوضويا للقمامات في غياب مخطط لتسيير النفايات، والإنعدام الكلي للمساحات الخضراء والحدائق العمومية لتلجيم زحف الغبار القادم من المنجم الذي أثر تطايره على صحة المواطن وسلامة السكنات التي تصدعت سقوفها بفعل التفجير دخان العربات والجرارات الثقيلة الناقلة لمعدن الحديد مرورا بوسط المدينة، وإنتشار الحيوانات وسط المحيط العمراني وتجوالها بين القمامات ونفس الوضع تعرفه دائرة الشريعة. أما دائرة العوينات فقد أشار التقرير بأن الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة إذ يسجل فيه أن مصبات المياه القذرة في الوادي العبر للمدينة ساهم إلى حد بعيد في إنتشار الحشرات وإنبعاث الروائح الكريهة إلى جانب أن منظره شوه صورة المدينة والإنعدام التام للتهيئة بأحياء المدينة وغبار منجم بوخضرة. تلوث التربة جراء وجود خزانات البترول الخام بوسط المدينة وإقامتها داخل المحيط العمراني والغياب الكلي لتهيئة الواد وإستغلاله كمفرغة للمزابل عوامل بيئوية أثرت على الطابع العام لمدينة بئر العاتير التي يغلب عليها الطابع شبه الصحراوي. أما دائرة تبسة مقر عاصمة الولاية فإن أكبر مشكل بيئي وأخطر مظهر من مظاهر التدهور يكمن في تلوث الموائد المائية وأوديتها بالمياه المستعملة والقذرة وإختراق شبكات الكهرباء العالية التوتر وأنابيب الغاز بالمجمعات ذات الكثافة السكانية الكبيرة مثل حي المطار وذراع الإمام، المر الذي بات يعرض حياة السكان للخطر، والإنتشار الفوضوي والعشوائي للقمامات خاصة حول المعالم الأثرية وبجانب السوق المركزي للخضر والفواكه والسور البيزنطي شوه بصفة عامة منظر المدينة السياحي الثقافي. كما يعد الإهمال التام للحدائق والمساحات الخضراء عاملا آخرا للوضع البيئوي والغياب التام للمشاريع لإقامة حدائق عمومية تتماشى مع التوسع العمراني للمدينة كعاصمة للولاية، رغم أن مشروع بعث مركز تقني لردم النفايات الحضرية الصلبة الذي إنتهت الأشغال به سنة 2004 لا زال نائما تئن هياكله تحت وضعيات التدهور والتآكل وإهتراء جميع معداته بنسبة قدرها تقرير اللجنة بأزيد من 20 %، والصدأ الذي بات يهدد معداته المخزنة بالمنطقة الصناعية وإتلاف شبه التام للشريط المستعمل لغلق حفرة الطم نتيجة الإهمال والتسيب في غياب حل لتسيير هذا المركز الذي إبتلع أغلفة مالية باهظة ولم يرى النور إلى غاية اليوم. نفس الوضع المأسوي تعرفه المفرغات العمومية المراقبة بجل دوائر وبلديات الولاية التي كلفت خزينة الدولة أموالا طائلة لإنجازها إلا أنها لم توظف وتستغل بطرق عملية سليمة التي لم تفك طلاسم أنينها لحد الآن في غياب مخططات علمية لتسييرها، والتي تبقى وهمية ومبهمة وبعيدة عن تطلعات وآمال المواطن. أما بخصوص قضية التخلص من النفايات الإستشفائية والصيدلية فإن الوضع يبعث على التخوف والقلق وبعيدة عن الإهتمام الجدي والواقعي في تسييرها ومعالجتها وإن الإحصائيات أثبتت عدم فعاليتها بصورة عملية مما أصبحت تشكل خطرا على الوضع البيئي والصحة العمومية للسكان كونها تضم ميكروبات وجراثم ومواد سامة وإشعاعية. كما أن الخطر تعدى إلى المخزون الهائل للأدوية المنتهية الصلاحية القابعة في مستودعات بالمنطقة الصناعية طريق بكارية والتي لا تزال تثير جدلا كبيرا منذ سنوات في غياب التهرب من تحمل المسؤولية وإتخاذ قرارات شجاعة لفك لغز هذا الملف الذي يعد من الملفات الخطيرة التي تبقى محل إنشغال وتساؤل.