انطلقت عمليات ختان الأطفال مع حلول شهر رمضان المعظم، وهي متواصلة، ويُنتظر أن تبلغ ذروتها ليلة القدر، في اليوم السابع والعشرين من الشهر الفضيل، ومع أن وزارة الصحة كانت أقرّت إجراءات نظرية، مُحددة لعمليات الختان، وهي واقية وحامية للأطفال من أية مخاطر أو مضاعفات، إلا أن تجسيد هذه الإجراءات على أرض الواقع هو أمر صعب للغاية، في المناطق النائية والمعزولة، وتحديدا لدى الفقراء والمعوزين ومحدودي الدخل. ككُلّ سنة، انطلقت عمليات ختان الأطفال منذ الأيام الأولى من شهر رمضان المعظم‘ عبر كامل ربوع الوطن، وهي متواصلة، وينتظر كما هو معلوم أن تبلغ هذه العمليات ذروتها ليلة القدر، في اليوم السابع والعشرين من الشهر الفضيل، حيث تجري عمليات ختان فردية وجماعية، وتُنظم في صور احتفالية بهيجة، يستفيد منها على وجه الخصوص الأطفال المعوزون والفقراء. ومثلما يعلم الجميع، ومن أجل ضمان السلامة الكاملة لعمليات الختان من أية مخاطر، أو أضرار، أو مضاعفات، كانت وزارة الصحة أقرت أن تكون عمليات الختان على أيدي الأطباء الجراحين فقط دون غيرهم، وفي قاعات الجراحة بالهياكل الصحية، ومنعتها عن الأطباء العامين، والممرضين، والختّانين التقليديين. هذه الإجراءات في حقيقتها مفيدة للغاية ونافعة، ولا غُبار على جدواها الصحي، إلا أن تطبيقها وتجسيدها على أرض الواقع واجههُ واقع موضوعي آخر، أوّلهُ أن الأطباء الجراحين لا يتواجدون في كل المناطق، وحتّى قاعات الجراحة ومستلزمات الجراحة ليست متوفرة في كل المناطق عبر التراب الوطني، لاسيما منها المناطق النائية في الجنوب الشاسع المسافات، وغيره، وفي القرى والمداشر الداخلية، والعاصمة ووهران وقسنطينة وعنابة ليست هي الجزائر كلها، وما يسهل تطبيقه وتجسيده في هذه الولايات، من الصعب جدا وأحيانا من المستحيل تجسيده وتطبيقه في أماكن أخرى، وفي هذه الحالة، ومن أجل التجسيد والتطبيق السليم لهذه الإجراءات أن تلتزم وزارة الصحة بتنظيم فرق طبية جراحية جماعية متنقلة في أوقات محددة، مع كامل تجهيزاتها اللازمة، وتكون خاصة بالمناطق النائية والمعزولة بالجنوب وغيره. زد على هذا أنه حتى بالنسبة لسكان المناطق الشمالية والمدن الكبرى تواجههم صعوبة كبيرة في الحصول على مواعيد الختان، ومنهم من لا يحصل عليها إلا بشق الأنفس، وحتى وإن تحصل بعضهم على الموعد المطلوب، فإنه لا يتحصل عليه في الوقت الذي يناسبه وعائلته. ومن يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على مواعيد ختان أبنائهم بالهياكل الصحية العمومية على وجه التحديد، هم الناس البسطاء والفقراء والمعوزين، لا ميسوري الحال وعالي الدخل، وهم الذين تُذيّل بهم القوائم، ولا يكونون على رأسها، في الوقت الذي هم فيه قانونيا أولى من غيرهم بهذا التكفل، ولأن الأغلبية الساحقة منهم تُواجهُ صعوبات كبيرة في الظفر بموعد في الوقت المناسب، فإن المحظوظين منهم فقط يظفرون بموعد في الختان الجماعي، بالهياكل الصحية العمومية، أو الذي تنظمه الجمعيات الخيرية وغيرها، أو يجدون أنفسهم مُرغمين على نزع ما تُكلّفه عملية الختان من بطونهم مثلما يُقال، ويقومون بمنحها للجراحين في العيادات الخاصة، وهذا هو حال الأسر المتوسطة الدخل التي لا تسمحُ لها كرامتها ختان أبنائها في عمليات الختان الجماعي، التي تنظمها الجمعيات الخيرية، وفي هذه الحالة هي الأخرى تجد نفسها أمام جشع العيادات الخاصة، التي تشترط مسبقا مبالغ خيالية لإجراء الختان للأطفال. وما يمكن تسجيله هنا أن وزارة الصحة غير قادرة حتى الآن على تغطية كافة عمليات الختان بالمراقبة، وبما فيها التي تنظمها الجمعيات الخيرية، وأن الكثير من الأسر لاسيما المعزولة والفقيرة بالمناطق النائية تجد نفسها بحكم ظروفها المادية والاجتماعية والجغرافية الصعبة غير معنية بهذه الإجراءات، رغم قناعتها التامة بجدواها ونفعها الكبير لمن يلتزم باحترامها هذه الإجراءات، وبناء عليه مازالت الكثير من هذه الأسر تعتمد على الطرق التقليدية في الختان، خارج رقابة وزارة الصحة.