تشهد شوارع الجزائر خلال شهر رمضان تنام كبير لظاهرة العنف التي كرستها مختلف المشاجرات التي تحدث في الأحياء الشعبية لأسباب، في كثير من الأحيان، تافهة، وغالبا ما تنتهي بإصابات سواء كانت متوسطة أو بليغة وذلك جراء استعمال الأسلحة البيضاء، إضافة إلى العصي والحجارة، ولمعرفة أسباب تنامي ظاهرة العنف والمشاجرات خلال شهر رمضان، اتصلت »صوت الأحرار« ببعض المختصين في علم الاجتماع لتحليل ومناقشة الظاهرة. أرجع المختص في علم الاجتماع الأستاذ سعيد عيادي، أن انتشار ظاهرة العنف والمشاجرات خلال شهر رمضان يمكن أن نفسرها من أبعاد مختلفة، حيث يكمن البعد الأول في تغيير رتابة الحياة الاجتماعية اليومية، حيث أننا نلاحظ أن السياق الاجتماعي يتغير كثيرا بسبب الصيام، الشيء الذي يدفع بالكثير من الأشخاص غير القادرين على التكيف مع نمط الحياة الجديدة إلى الميل نحو ارتكاب سلوكات عدوانية وطباع تتسم بالعنف، أما البعد الثاني فيتمثل حسب الأستاذ في البعد النفسي، حيث نلاحظ أن نسبة معتبرة من الناس خلال شهر رمضان يتعرضون لنوبات نفسية متوترة نتيجة عدم توفر فضاء من العلاقات الإنسانية القاعدية التي قد تساعد مثل هؤلاء الأفراد على أن يبقوا ضمن نفس الوتيرة التي سبقت شهر رمضان. وأشار محدثنا أنه من بين الأسباب التي تزيد من العنف في شهر رمضان هو المرجعيات الاجتماعية، حيث يشعر هؤلاء المتعاركون أنهم بإمكانهم أن يفرضوا منطقهم الخاص دون احترام القيم الجماعية للمجتمع، إلى جانب حدة الشعور بالاغتراب وهذا ناتج عن عدم توفر آليات دمج هؤلاء ضمن فضاء المدينة وبالتالي يتصورون أن تحقيق المصالح باستعمال الأسلحة البيضاء مثلا، مضيفا أن هناك سبب آخر والذي يعد أقل أهمية هو شيوع ثقافة الشعور بأن الدولة مسالمة وبالتالي نلاحظ عدم توازن بين عمل الجهاز القمعي المتمثل في أجهزة الأمن المختلفة والجهاز القضائي، فصار الأشخاص العدوانيون يتصورون بأن عدوانهم وإجرامهم لا يخضع لمنطق العقاب بموجب القانون. وفي نفس السياق تحدث الأستاذ عيادي عن كثرة الجماعات الهامشية التي لا تتوفر على مستويات تعليمية محترمة ما يسمى بأبناء الشوارع، بالإضافة إلى وجودهم المستمر وأحيانا المؤبد في الأحياء الشعبية، فالهامشية لا تعطيهم أي أمل لتغيير أوضاعهم.. وللتقليل من ظاهرة العنف بين الأشخاص، نصح محدثنا بتكثيف دور منظمات المجتمع المدني المختصة بالتكفل بالشباب المهمّش وكذا العمل على ترقية الخطاب الديني سواء في المساجد أو على مستوى جميع وسائل الإعلام، كما دعا بتكفل إطارات وزارة العدل لتخصيص هيئاتها الإرشادية للاعتناء بأحوال هذا الشباب المهمّش. ومن جهتها قالت الأستاذة ثريا تيجاني، مختصة في علم الاجتماع أنه من بين الأسباب التي تجعل الأشخاص متوترون في شهر رمضان هو الامتناع عن الأكل والشرب، أين يشتد العطش والجوع خاصة عند الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات والتدخين، حيث يكونون أكثر توترا، مضيفة أن السبب في ذلك يرجع إلى نقص الإيمان الذي يؤدي إلى النرفزة هذا ما قد يلاحظ في إظهار حالة من الغضب.