كشف رئيس الجمعية الجزائرية للطب الشرعي ورئيس مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا البروفسور مجيد بصاحة، أن رمضان هذا العام يعتبر الأكثر عنفا ودموية بالعاصمة، نظرا لكثرة حالات الاعتداءات والعنف التي باتت أكثر عدائية وتحولت من الصبغة الفردية إلى الجماعية، مما زاد في عدد الضحايا من الجرحى وحتى القتلى، ومن المرتقب - يضيف المتحدث - أن تتزايد وتيرة العنف مع تقدم أيام رمضان على غرار ما نسجله كل عام . * استقبلت مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا وحدها خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل، أزيد من 400 حالة اعتداء متفاوتة الخطورة سجلت غالبيتها في الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان. وحسب الدكتور مجيد بصاحة فإن هذا العدد هو ضعف ما سجل العام الماضي مما يتطلب التدخل السريع للتوعية ووضع حد لهذه الظاهرة التي أخذت بعدا جماعيا خطيرا مست أحياء بكاملها، مما أثار حالة من الفوضى والذعر لدى السكان، ويؤكد العديد من المختصين أن وفاة شاب في الثلاثينات من العمر بعد عراك جماعي بين حيين سكنيين في بئر توتة والذي خلف العديد من الجرحى والمصابين، وقبله الشجار الجماعي في الكثير من الأحياء الشعبية مع بداية رمضان يمهد لظاهرة جديدة دخيلة على المجتمع الجزائري على غرار بروز عصابات الشوارع وقيادة الأحياء السكنية من طرف منحرفين . والمخيف هو انتشار حالات القتل في كل شجار يحدث، وهذا ما يفسر أن القتل بات عند الكثير من الشباب أمرا عاديا، مما يطرح العديد من الأسئلة عن مهام مصالح الأمن والعمل الذي تقوم به السجون، خاصة وأن غالبية المتسببين في حالات الاعتداء هم مسبوقون قضائيا ومعظمهم دخل السجن . الأسواق في رمضان .. الوجه الآخر للعنف والعدوانية المتجول في الأسواق الشعبية بالعاصمة يلاحظ الغليان الكبير للزبائن والتجار معا وكأنهم اتفقوا على رفع حالة الطوارئ وطلق العنان لأعصابهم المتوترة ونرفزتهم التي لا يحمد عقباها، مما يخلف يوميا شجارات ومنازعات لا تنتهي، فالانتشار الكبير للمراهقين الذين يتحولون في رمضان إلى باعة محترفين يغزون الشوارع الموجودة في هذه الأحياء ويغلقون منافذها بطاولاتهم الفوضوية التي تحتوي على كل ما لذ وطاب من قلب اللوز، الديول، خبز الدار، البوراك... هذه الهمجية في البيع غالبا ما تتسبب في خلافات بين الباعة حول أماكن البيع وكيفية استقطاب الزبائن، مما يخلف مشادات عنيفة عادة ما يتدخل فيها أهالي المراهقين حيث تتحول ساحات عرض السلع الى معارك حقيقية تستعمل فيها كافة أنواع الأسلحة البيضاء من عصي وخناجر وأعمدة حديدية.. والغريب في الأمر أن هذه الخلافات أحيانا تتسرب إلى البيوت لتشتعل بين النساء اللواتي يطلقن العنان لاتهاماتهم المتبادلة التي تستعمل فيها مختلف عبارات السب والشتم والقذف . " النرفزة " عند الجزائريين حالة عادية أم مرضية؟ عادة ما ترتبط مظاهر " النرفزة " عند الجزائريين برمضان؛ نظرا لكثرة الشجارات والاعتداءات خاصة في الساعات الأخيرة من الصيام . وفي حوارنا مع بعض المواطنين حول الظاهرة، قال كريم - 33 سنة، حلاق، إن الشعب الجزائري بطبعه منرفز، ويزداد تنرفزا في رمضان، نظرا لحالة القلق التي تنتابه جراء عدم تحمله لمفارقة بعض المواد التي كان يتناولها على غرار التبغ و"الشمة"، بينما أكد مراد، صحفي، أن الجوع هو سبب كل المشاكل، فالجائع لا يستطيع تحمل ما يدور حوله من استفزازات وأخطاء مما يدفعه للتعبير عن حالة الرفض بالصراخ والسب والشتم، في حين أكدت سمية، طبيبة، أن ضيق السكن وانعدام مساحات الترفيه وأزمة الفراغ في رمضان هي سبب كل المشاكل، خاصة إذا تعلق الأمر بالشجارات الجماعية التي عادة ما تتسبب فيها أشياء تافهة . وبالنسبة للمختصين أكد الأستاذ الهادي سعدي، مختص في علم الاجتماع، أن المفهوم الخاطئ للصيام واعتباره امتناعا عن الأكل والشرب قد يمهد في إظهار حالة من الرفض والضجر من هذه العبادة وبطريقة لا شعورية، خاصة في الصيف أين يشتد العطش والإنهاك خاصة عند متعاطي المخدرات والتدخين الذين يشعرون ببعض الأوجاع مما يجعلهم أكثر توترا وعدائية .