أبلغ وزير الأشغال العمومية، عمر غول، رئيس الجمهورية في جلسة الاستماع التي خصّصت لقطاعه الثلاثاء الماضي بآجال جديدة لاستلام أنفاق »بوزقزة« غير تلك التي التزم بها قبل أشهر قليلة، وهو ما يكشف عن مؤشرات جديدة ستُعطّل موعد الاستلام النهائي للطريق السيار إلى ما بعد شهر نوفمبر المقبل، لكن مع ذلك فإن الوزير لا يزال يتمسّك بما يُسميه »مكسب تسليم 90 بالمائة من المشروع« قبل آجاله. لم يلتزم وزير الأشغال العمومية باحترام التواريخ التي أعلن عنها شهر مارس الماضي بشأن استلام كافة أجزاء أنفاق »بوزقزة« في آجال قال عنها حينها بأنها لن تتجاوز شهر جويلية على أقصى تقدير، لكن خطاب الثقة التي لازم عمر غول سرعان إلى ما تحوّل إلى تبرير للفشل في الفترة الأخيرة، وكان آخرها عندما واجه رئيس الجمهورية بتقرير مفصّل عن قطاعه حوّل فيها عقارب الساعة إلى شهر نوفمبر المقبل لإنهاء كل الأشغال الخاصة بهذا المحور. فالإجابات التي قدّمها الوزير غول أمام نواب البرلمان بغرفتيه في أكثر من مناسبة بخصوص موعد استلام أنفاق »بوزقزة« اختلفت تماما عن مضمون التصريحات التي جاءت على لسانه في خرجاته الإعلامية الأخيرة، لكن ما لم يتغيّر هو أن عمر غول أصبح دائم التحجّج بالعوامل الجيولوجية المرتبطة بالتضاريس الوعرة. وقد صدمت المواعيد الجديدة التي قدّمها ذات المسؤول مستعملي الطريق السيّار القادمين من ولايات الشرق وحتى الجنوب لأن مقطع الأخضرية حتى بودواو أصبحت نقطة سوداء تصل فيها معاناة مستعمليها إلى الذروة بسبب الاختناق اليومي الحاصل فيها. وأكثر من ذلك فإن وزير الأشغال العمومية صرّح بتاريخ 7 أفريل 2011، ردّا على سؤال شفوي في مجلس الأمة حول الآجال النهائية لتسليم مقطع »بوزقزة-الأخضرية« المتبقي من الشطر الغربي للطريق السيّار، بأن ذلك سيكون في غضون شهرين على أقصى تقدير، متحدّثا حينها بكثير من الثقة عن استكمال حفر أربعة أنفاق. وأمام عجز مصالحه على إلزام الشركة الصينية باحترام هذا التاريخ الذي أطلقه شخصيا تراجع وبات يتحدّث الآن عن شهر نوفمبر 2011 موعدا لاستلام جزء من هذه الأنفاق. وعندما يتحدّث المسؤول الأول على قطاع الأشغال العمومية عن عوامل جيولوجية تقف وراء عدم وفاء شركات الإنجاز بمواعيد انتهاء الأشغال، فإن ذلك يُحيل إلى إشكال حقيقي يتعلق بجدوى الدراسات التي قامت بها مكاتب مختصّة قبل انطلاق المشروع، وفي نهاية المطاف فإن المسؤول الأول والأخير على هذا التأخير يكون بكل تأكيد مصالح الوزارة، بل الوزير على وجه التحديد الذي تحمّل مسؤولية إعطاء تواريخ من دون أن يأتي على احترامها. لكن بالعودة إلى دفتر شروط إنجاز الطريق السيّار »شرق-غرب« فإنه كان من المقرّر أن تنتهي كافة الأشغال في شهر جويلية 2010 بما في ذلك تسليم الجزء الشرقي الذي لا يزال يتخبّط في الكثير من المشاكل كان آخرها دخول عمال المجمع الياباني-الجزائري »كوجال« في إضراب. وعلى الرغم من كل هذه الحقائق يرفض عمر غول الاعتراف بالفشل حيث لا يتردّد في اللجوء إلى بعض المعطيات تبريرا للتأخر منها أن هذا المشروع يمتدّ على مسافة 1720 كلم، وهو يمرّ عبر أصعب منطقة في الوطن من الناحية الجغرافية. ومنذ أشهر أصبح غول لا يتنازل عن الحديث عن بعض الإنجازات التي تحقّق في ما يُعرف ب »مشروع القرن« من حيث نجاح الصينيين في استكمال الجزء الغربي وبعض أشطر الجزء الشرقي قبل مواعيده، وإذا صدقت أرقامه فإن النسبة تتجاوز 90 بالمائة، لكن ما تجاهله الوزير هو أن المعايير العالمية لم تُحترم بدليل تواصل أشغال الترميم في أكثر من نقطة من هذا المشروع رغم مرور مدة قصيرة على تسليمها مثلما حصل على سبيل المثال مع »الجسر العملاق« في البويرة. ومن خلال كل هذه المعطيات أصبح في حكم المؤكد أن التسليم النهائي للطريق السيّار »شرق-غرب« لن يكون في مواعيده التي التزم بها عمر غول، فالجزء الرابط بين قسنطينة والطارف وصولا إلى الحدود مع تونس لا يزال يُراوح مكانه، وتشير بعض الدراسات إلى أن استكمال هذا الشطر لن يكون قبل حلول العام المقبل خصوصا وأن المجمّع المختلط الياباني-الجزائري يعرف الكثير من المشاكل والخلافات أمام المطالبة بتخصيص غلاف مالي إضافي، وهو ما يرشّح للتأثير على سير الأشغال.