أعاد مشروع القانون العضوي الذي يحدد كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة النقاش مجددا حول المشاركة السياسية للمرأة التي ما يزال البعض يتحفظ بشأنها بدعوى أن المجتمع ما يزال غير جاهز للقرار السياسي الذي بادر به الرئيس بوتفليقة من خلال المادة 31 مكرر وتحديد حصة 30 بالمائة للنساء في المجالس المنتخبة، وهي الحصة التي أربكت أغلب الأحزاب السياسية واعتبرتها بعيدة كل البعد عن الواقع الجزائري، بل وراحت تدق ناقوس الخطر بسبب صعوبة تطبيق هكذا قرار وانعكاساته على البرلمان المقبل. مثلما كان منتظرا وتجسيدا للمادة الدستورية 31 مكرر التي تنص على وجوب أن تعمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة أحالت الحكومة على المجلس الشعبي الوطني مشروع قانون عضوي يحدد كيفيات توسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، مشروع قانون وإن كان متوقعا منذ التعديل الدستوري الأخير في نوفمبر 2008 وبعد خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة سنة 2009 والذي التزم فيه صراحة بالذهاب إلى نظام الكوطة لضمان تمثيل أكبر للمرأة في المجالس المنتخبة، بيد أن مضمون مشروع القانون جاء مربكا لأغلب الأحزاب السياسية التي رأى بعضها في 30 بالمائة حصة النساء في قوائم المترشحين نسبة مبالغ فيها ولا تتماشى مع واقع المجتمع الجزائري. وفيما يدافع البعض وبشكل خاص المدافعين عن القضايا ذات العلاقة بحقوق المرأة على مشروع القانون ويعتبرون الكوطة ممرا ضروريا لإجبار الأحزاب السياسية على منح فرص للمرأة للخوض في المجال السياسي والاقتراب من مواقع المسؤولية ودوائر صنع القرار بدل من التعامل معها كأصوات انتخابية يبحثون عنها في مواعيد الاستحقاقات، في حين يستند أصحاب الطرح المناهض لما جاء في مشروع القانون أولا إلى أنه جاء عشية الاستحقاقات التشريعية وأن الوقت غير كاف للتعامل مع ما تضمنه من مواد خاصة ما يتعلق بإلغاء القائمة الانتخابية التي لا تتضمن 30 بالمائة من المرشحات، وهو الشرط الذي تعتبره الأحزاب قاسيا جدا وقد يحرمها من خوض المنافسة في بعض المناطق من الوطن في حال تعذر عليها إيجاد 30 بالمائة من المرشحات، لأن المهمة ليست بالسهلة. ولا يستبعد المتتبعون للشأن الوطني أن يحاول نواب البرلمان الحالي تعديل مشروع القانون بما يتماشى وتوجهاتهم ومصالحهم الحزبية والشخصية والاستشهاد بتجارب دول أخرى في مجال الكوطة على غرار فرنسا التي لا يتجاوز تمثيل النساء فيها 17 بالمائة والتي تفرض غرامة مالية على الأحزاب التي لا تلتزم في قوائمها الانتخابية بالكوطة المحددة قانونا. وبين مؤيد لمشروع القانون ومعارض له، المؤكد، واستنادا لالتزامات رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية للعهدة الثالثة حين قالها صراحة»أنه سيعيد للمرأة حقوقها ولن يخشى لومة لائم« أن برلمان العهدة التشريعية المقبلة سيعرف حضورا أنثويا مميزا بغض النظر عن نسبته إن كانت 20 بالمائة مثلما سيسعى البعض لفرضها وبين 30 بالمائة التي يريدها رئيس الجمهورية، وهو في كل الأحوال أفضل من الوضع الراهن الذي لا تتجاوز فيه نسبة النساء في البرلمان 6 بالمائة، نسبة هي الأضعف في المنطقة المغاربية وأقل من المعدل العربي والعالمي، فالنساء في قوائم أحزابنا السياسية لا تعدو أن تكون ديكورا تذيل به القوائم الانتخابية.