أكد الدكتور عبد العزيز جراد، أستاذ العلاقات الدولية، أن عددا من الدول الغربية تساهلت مع تهريب السلاح الليبي تجاه الجماعات الإرهابية التابعة لما يسمى ب »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، وقال إن هذه الدول انشغلت أكثر بتدمير القوى الدفاعية لنظام العقيد الراحل معمر القذافي، متوقعا أن تكون المرحلة المقبلة مليئة بالتحديات للجزائر وبلدان منطقة الساحل الصحراوي. اعتبر الأمين العام الأسبق لوزارة الشؤون الخارجية، الدكتور عبد العزيز جراد، الزيارات المتتالية لعدد من المسؤولين الأمريكيين إلى الجزائر بمثابة مؤشر على أن حجم التهديد الأمني في المنطقة أصبح أكبر مما كان عليه في السابق، مثلما أدرج قدوم الرئيس المالي ضمن هذا المسعى، مشيرا إلى أن المطلوب الآن هو »القيام بتحليل مُعمّق للأمور خاصة فيما يتعلق بتنامي نشاط تنظيم القاعدة للوصول إلى وضع إستراتجية حقيقية تشارك فيها كافة دول منطقة الساحل الصحراوي«. وحتى وإن كان الدكتور جرّاد معارضا لخيار التدخل الأجنبي في تحديد المقاربة الأمنية، فإنه يرى أن الدعم الغربي لا بد أن يقتصر على الجانب اللوجيستي وتبادل المعلومات فقط، مضيفا خلال حديثه أمس في حصة »ضيف التحرير« للقناة الإذاعية الثالثة بأنه »حذّرنا من تزايد الخطر بسبب اندلاع النزاع الليبي لأن كمية معتبرة من السلاح كانت ستقع في يد الإرهابيين«، ولفت إلى أن قصده هو »السلاح الثقيل الذي لا يعتبر مشكلة بلدان المنطقة لوحدها ولكن أيضا مصدر انشغال للغرب«. ولم يتوان أستاذ العلاقات الدولية في التأكيد بأن »الغرب تغاضوا في وقت سابق عن مخاطر تهريب السلاح وكانت أولوياتهم هي تدمير القوى الدفاعية للقذافي فيما تجاهلوا الجانب الثاني المتمثل في اختفاء كميات من السلاح ووقوعها في يد القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«، ووفق تحليله فإن »الغرب يريد الآن التدارك وهذا أمر صعب جدا«. وأكثر من ذلك ذهب إلى حد الاعتقاد بتورط قبائل من »التوارق« في الحصول على كميات من السلاح الليبي وبيعها لعناصر تنشط تحت لواء »القاعدة«. ومن خلال التحليل الذي قدّمه جرّاد فإن على رأس تحديات النظام الجديد في ليبيا »ضرورة التفكير في كيفيات استرجاع السلاح وهذا أمر صعب أيضا نظرا لوجود نزاع قبلي وعشائري..«، مدافعا من جهة أخرى عن موقف الجزائر حول مواجهة خطرة »القاعدة« الذي قال إنه »كان واضحا من هذا الجانب بخصوص رفض التدخل الأجنبي«، ودعا بالمناسبة إلى إشراك »ليبيا الجديدة« وكذا التشاد والسنغال من أجل إيجاد مقاربة تسمح بالتحرك سويا ضد »القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي«. ومن وجهة نظر المتحدث فإنه من مصلحة الجزائر إعادة بناء علاقات متينة مع ليبيا لأن »ليبيا هي بلد جار وهو عمق استراتيجي للجزائر، وبالتالي من مصلحة الجانبين العمل سويا..«، واصفا مرحلة ما بعد القذافي ب »الوضع الحرج«، ولذلك شدّد على أولوية »تحقيق المصالحة بين الليبيين للانتقال إلى نظام قائم على أساس الديمقراطية والحرية«، فيما انتقد تصريحات رئيس المجلس الانتقالي التي التزم فيها بإقامة نظام حكم على أساس الشريعة الإسلامية، وردّه عليه يقول: »يجب ترك الليبيين يختارون مصريهم بأنفسهم«. وفي تعليقه على الانتخابات في تونس، أوضح الدكتور عبد العزيز جرّاد أنها »خطوة مهمة نحو الديمقراطية وبناء استقرار سياسي ونظام ديمقراطي«، دون أن يستغرب فوز »النهضة« بنصف الأصوات »برنامج النهضة قائم على إسلام معتدل يقبل الآخر وهذا الفوز تحقّق بفضل صناديق الاقتراع«، متهما الجهات التي تخشى تنامي المد الإسلامي ب »عدم الجدية«، كما لاحظ أن برنامج حزب راشد الغنوشي »مختلف تماما عن برنامج الفيس المحل«، وبالتالي »ليس هناك اتجاه نحو دولة دينية، ولكن نحو دولة إسلامية تحترم رأي الأغلبية من الشعب..«.