واصلت أطراف في المعارضة المسلحة في ليبيا تحاملها على الجزائر في خطوة جديدة أدرجها محلّلون في إطار مسعى من أجل الضغط على بلادنا للوقوف إلى جانب »المتمردين«. وجاء الدور هذه المرة على ما يسمى ب »اللواء عبد الفتاح يونس« الذي تهجّم بشكل مفضوح على موقف السلطات الجزائرية، وقد وصل به الأمر إلى حدّ التلويح بسلاح شمال حلف الأطلسي و»العقوبات الأوروبية«. على الرغم من التكذيب الرسمي الذي نشرته مصالح وزارة الشؤون الخارجية قبل يومين بشأن مزاعم عن وصول سفينة تحمل العلم الليبي محمّلة بالسلاح إلى ميناء »جن جن«، إلا أن ذلك لم يُغيّر شيئا في الموقف العدائي للمعارضة الليبية التي تجرّأت على لسان أحد مسؤوليها العسكريين على التطاول من جديد واتهام الجزائر ب »دعم نظام العقيد معمر القذافي«. وجاءت الاتهامات الجديدة من طرف المسؤول العسكري فيما يسمى »المجلس الوطني الانتقالي« في ليبيا، في حديث نشرته أمس صحيفة »الشرق الأوسط« التي تصدر في لندن، حيث لم يتوان خلالها في إبداء الكثير من الحقد تجاه بلادنا وهو الذي قال دون تردّد بأن »الباخرة التي اكتشفناها تضم حمولة من الأسلحة وصلت للجزائر في طريقها إلى ليبيا«. ومثلما فعلتها المعارضة من خلال الاستنجاد بفرنسا وبريطانيا وكذا قوات حلف شمال الأطلسي لتدمير ليبيا من أجل الوصول إلى السلطة على ظهر الدبابات، لوّح عبد الفتاح يونس إلى أنه »لدى الجزائر إنذار أخير من الناتو والتحالف الغربي والاتحاد الأوروبي، ويجب أن يتوقف هذا الدعم«، وهو كلام يكشف الكثير من الوقاحة الزائدة لدى هذا المسؤول الذي كان إلى وقت قريب يُدافع بشراسة عن نظام العقيد القذافي الذي شغل فيه الكثير من المسؤوليات. ومن ضمن ما جاء من كلام يكشف حقيقة المعارضة في ليبيا تصريح المتحدّث ردّا على بيان الخارجية: »لينفوا كيفما شاؤوا، نحن لا نتكلم من فراغ، وبعد تحرير ليبيا وإسقاط النظام سنكشف كل الحقائق لكي يعرف الجميع ماذا فعلت الجزائر لدعم القذافي«، وتابع تصريحاته الاستفزازية يقول: »ما نقوله يستند إلى معطيات ومستندات، وعندما تتحرر ليبيا سنكشف ما بحوزتنا من أدلة قاطعة، ليس لنا مصلحة في إطلاق الاتهامات جزافا ضد أحد، ويعز علينا هذا الموقف الغريب والمستمر من الجزائر الدولة والحكومة، أما الشعب فنحن نعلم أنه يساندنا«. وتعليقا على تواصل هذه الحملة الشرسة ضد الجزائر، سألت »صوت الأحرار« أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور عامر مصباح، الذي اعتبر أن مثل هذه الاتهامات »ليست بالجديدة وهدفها واضح هو محاولة الضغط على الجزائر واستمالتها لصالح المعارضة«، مضيفا في هذا السياق أن عدم حسم الأمور الميدانية بالشكل الذي كان متوقعا هو الذي دفع بمعارضي القذافي إلى إطلاق هذه التصريحات العدائية. وبحسب التحليل الذي قدّمه محدّثنا فإن الخرجات المتتالية لأطراف في نظام معمر القذافي هي التي غذت أكثر شكوك المعارضة بوجود دعم من طرف السلطات الجزائرية، حيث قلّل من شأن تلك الاتهامات حتى وإن كان لم ينف بالمطلق احتمال أن تبقى بلادنا تتفرّج على ما يحصل، ولا يتوقع لهذا الموقف أن يتغيّر، ومقابل ذلك يرى أنه من الضروري العمل على الوصول إلى تسوية سلمية، وهي الوسيلة التي قال إن فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية تسعيان إليها في الفترة الأخيرة. وقد أعاب الدكتور مصباح غموض موقف الجزائر منذ بداية العدوان على ليبيا، ورغم ذلك لا يستبعد وجود تنسيق مشترك مع مصر من أجل الوصول إلى التسوية السلمية، وقال إنه من غير المنطقي أن تبقى دولة جارة تتفرج على ما يجري في ليبيا من دون حراك »نظرا لاعتبارات أمنية وأخرى متعلقة بالمصلحة المشتركة كونها دولة جوار«، مشيرا إلى أن هذه التسوية البعيدة عن السلاح »لا يُمكن أن تؤدي إلى إقصاء كلي لنظام القذافي حتى وإن رحل الأخير عن السلطة مثلما تطالب به المعارضة الآن«.