توقع وزير الداخلية والجماعات المحلية أن يُساهم القانون العضوي المتعلق بالجمعيات في تطهير الحركة الجمعوية من كل الممارسات لا تمتّ بصلة بهذا النوع من النشاط. وذهب إلى حدّ التأكيد بأن النصّ التشريعي الجديد سيُصفّي ما لا يقل عن 50 بالمائة من العدد الحالي للجمعيات البالغ عددها 90 ألف، بما في ذلك تلك التي تنشط في المناسبات، داعيا كل جهة إلى تحمّل مسؤولياتها. كشف وزير الداخلية أن العدد الإجمالي للجمعيات في الجزائر يقارب 90 ألف، من بينها 1005 جمعية ذات طابع وطني بحسب أرقام رسمية إلى غاية 25 أوت الماضي، إضافة إلى 88 ألف و700 جمعية ذات طابع محلي وفق معطيات تعود إلى 31 ديسمبر 2010. وتتوزع الجمعيات ذات الطابع الوطني على عدة نشاطات منها 208 جمعية تعنى بالمهن، و146 جمعية تنشط في مجال الصحة، و142 جمعية ثقافية وفنية، و59 جمعية وطنية مهتمة بالبيئة والمحيط، و48 أخرى مكلفة بالعلوم والتكنولوجيا، ومعها 23 جمعية تنشط في مجال ترقية المرأة والدفاع عن حقوقها. أما الجمعيات ذات الطابع المحلي فإنها تتفرّع إلى عدة أنواع منها 19 ألف و568 جمعية أحياء، و15 ألف و38 جمعية أولياء التلاميذ، فضلا عن 14 ألف و774 جمعية دينية، و14 ألف و365 ذات طابع رياضي تربوي، وكذا 9914 جمعية فنية وثقافية. وتحتل العاصمة الريادة في عدد الجمعيات المحلية ب 7011، تليها ولاية بجاية ب 4848 جمعية. في حين تتصدر ولاية تندوف الولاية الأضعف وطنيا بتواجد 206 جمعية محلية، وتأتي غليزان قبلها ب 330. ومن وجهة نظر دحو ولد قابلية فإن كل هذه المعطيات تستوجب تحليلا عميقا من مصالحه إن كان هناك تضييق في بعض الولايات أو تسامح في أخرى بسبب التفاوت الحاصل في العدد، مؤكدا بالمناسبة أن الواقع يُثبت توقف أكثر من 50 بالمائة من هذه الجمعيات عن النشاط أو أنها تنشط عند الضرورة فقط، ملتزما باستكمال هذه العمل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وقال بأسلوب يحمل الكثير من عبارات التهديد: »القانون الجديد سيسمح بتطهير الجمعيات التي لم تنشط ولم يكن لها أي صدى على المستوى المحلي«. وأضاف الوزير الذي كان يتحدّث أمس بالمجلس الشعبي الوطني خلال ردّه على تساؤلات النواب في أعقاب مناقشة القانون العضوي المتعلق بالجمعيات، أن الحكومة راعت ثلاث مستويات في تحديد عدد الأعضاء المؤسسين للجمعيات محليا وولائيا ووطنيا، وقدّر بأن ما جاء به المشروع بهذا الأمر معقول، منتقدا من يتكلم عن ثقل إجراءات الاعتماد بالقول: »بالعكس لقد تمّ تبسيط الكثير من التدابير وإسقاط العديد من الإكراهات وحصل هناك تخفيف في محتوى الملف المطلوب«. وأوضح ولد قابلية أن الاعتماد في الجمعيات لا يكون سوى في حالة الجمعيات ذات الطابع الخاص وغير ذلك فإن الأمر يقتصر على التصريح أو التسجيل فحسب، ليضيف بأن وزارة الداخلية حرصت على تقليص آجال الردّ التي تتراوح بين 30 يوما للجمعية المحلية و60 يوما للجمعيات الوطنية. ولفت إلى أن حق الطعن مضمون في كل المستويات سواء بعد التصريح أو عقد المؤتمر التأسيسي، مثلما أفاد بأن الطعن أمام مجلس الدولة لا يتم إلا عندما تكون وزارة الداخلية طرفا في النزاع. وفيما يتعلق بتبريره استثناء الجمعيات الدينية من هذا القانون، أعلن وزير الداخلية أنها تخضع إلى قانون خاص وذلك بطلب من وزير الشؤون الدينية، وذكر على سبيل المثال لجان المساجد التي لها طابع خاص على حدّ قوله. وهو ما ينطبق على الجمعيات الناشطة في الجامعات رغم أنه اعترف بوجود اختلالات: »ما يهمّ هنا هو العلاقات بين الأعضاء ومدى تواجدهم في الجامعة. لكن اليوم هناك مسؤولو على جمعيات جامعية خرجوا من الجامعة منذ سنوات وأعمارهم تتجاوز 50 عاما وبالتالي وجب توضيح هذا الأمر«. وبشأن الانشغال المطروح بتمويل الجمعيات أجاب دحو ولد قابلية أن المراقبة على صرف أموال الجمعيات لا يكون سوى في حالة حصلت الأخيرة على منح من الحكومة أو الولاية والبلدية وفق نصّ المادتين 36 و37 من المشروع حيث يتوجب عليها تقديم حصيلة مصادق عليها لتوضيح وتبرير صرف الإعانات، موضحا أن مراقبة أموال الاشتراكات من صلاحيات المنخرطين الذين أورد بأنه »من حقهم إخطار الجهات المسؤولة في حال حدوث تجاوزات مالية«. وأفاد المتحدّث أن قضية جمع الأموال التي أثيرت في مداخلات النواب يُعالجها قانون العقوبات بوضوح، فيما قلّل من مخاوف تمويل نشاط الجمعيات من طرف أجانب عندما أكد أن الحكومة حرصت على الحفاظ على المصالح الوطنية، ليشير إلى أن مجلس الوزراء صادق على قرار منع التمويل الأجنبي »لكن ذلك لا يعني منع إقامة علاقات مع جمعيات أجنبية«. وذكر أيضا أن نشاط الجمعيات الأجنبية في الجزائر يأتي التزاما من بلادنا بالمعاهدات الدولية التي وقعتها بما يفرض »المعاملة بالمثل وعدم التمييز«.