الحمد لله أن هناك رجلا اسمه أردوغان صار ناطقا وفيا باسم العديد من الشعوب العربية، يدافع عن قضاياها ويفضح أعداءها في زمن أصبح فيه رجال هذه الأمة يتوارون في قصورهم ويترددون في ذكر أمريكا وفرنسا وإسرائيل بحقيقتها، ناهيك عن توجيه الانتقادات لها• لقد انتفض هذا التركي الأصيل الذي وصل إلى المسؤولية والسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة التي لا تشوبها شائبة، ضد عجرفة إسرائيل وجبروت أمريكا، وجاهر باستيائه لتحالف الغرب الديمقراطي مع أبشع استعمار في هذا الزمان وهو إسرائيل، وقدم الشهداء من أجل غزة وغادر منتدى دافوس غاضبا من كلام شيمون بيريز، وها هو اليوم يقدم صفعة مجلجلة للرئيس والحكومة الفرنسية لتبنيها القانون الذي يُجرم نكران المجازر التي يقال إنها ارتكبت في حق الأرمن زمان الخلافة العثمانية• أردوغان يثور دفاعا عن ماضي أمته، في حين يتقاعس حكام العرب عن حاضر شعوبهم وأمتهم، أردوغان يذكّر ساركوزي بماضي فرنسا الاستعماري وجرائمها في حق الشعب الجزائري، وارتكابها جرائم إبادة منذ دخولها التراب الجزائري بشهادة جنرالاتها وجنودها، في حين يتردد برلمان الجمهورية الجزائرية التي مات من أجلها خيرة الرجال في تبني قانون يجرم الاستعمار الفرنسي!• أردوغان أثبت من خلال هذه المواقف، حتى لو كان يهدف من ورائها إلى تحقيق الزعامة على العالم العربي وملء الفراغ الذي تركه الحكام العرب الذين اختزلوا كل طموحاتهم في الحفاظ على الكرسي وتوريثه، بأنه وفيّ للمبادئ التي انتخب من أجلها، أما عندنا فإن هناك رجالا صدقوا ما عهدوا فرنسا عليه، فلا أحد يسمح بنبش ماضيها الإجرامي في الجزائر، ولا مجال للمساس بمصالحها، بل على العكس كلما زادتنا احتقارا، مثلما حصل مع قانون تمجيد الاستعمار والحركى، كلما ارتفعت أرقام فوائدها من مال الجزائر• وكلما صفعتنا من خلال محاصرتنا دبلوماسيا، كلما توددنا لها حتى لو بلغ الأمر حد إرسال وزير خارجيتنا ليقف كالتلميذ يرد على تساؤلات لئيمة لنواب تصرفوا وكأنهم مع مسؤول إحدى مقاطعات الدوم- توم؟ إن الذين عرقلوا تبني مشروع قانون تجريم الاستعمار لا يمثلون جزائر الشهداء، ولا يؤمنون بقيم هذا الشعب ولا يمكن إطلاقا الثقة بهم أو قبول تبريراتهم• كما أن الذين يخافون من غضب فرنسا الرسمية لا يفعلون ذلك خوفا على مصالح الجزائر، بل على مصالحهم الخاصة لا غير• إننا لا نقصد من وراء هذا الكلام الإساءة إلى الشعب الفرنسي برمته، لأن منهم من وقف ويقف إلى جانب الشعب الجزائري، ولكن المقصود هو بقايا النظام الكولونيالي الذي لا يزال يتعامل مع الجزائريين بنفس لغة الاحتقار والتعالي والاستخفاف• المؤسف في كل هذا أنه يعتمد في ذلك على أبناء الحركى الذين تسلّلوا إلى العديد من مناصب المسؤولية، وعلى المجاهدين المزيفين والوطنيين المنافقين الذين لم يتركوا أي مجال للقوى المناضلة حقا وفعلا للدفاع عما تبقى من كرامة هذه الأمة•