عندما يتحسر رئيس الدبلوماسية الجزائرية على التاريخ الذي أخذ منحى آخر وحرم الجزائر من الانتماء إلى أوروبا، ما عسانا أن نقول لنواب الجمعية العمومية الفرنسية الذين أكالوا لنا الضربة تلو الأخرى بواسطة قوانين تمجيد الاستعمار والحركى والأتباع والأعوان؟ الذين تابعوا تصريح مراد مدلسي أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية للبرلمان الفرنسي مؤخرائأصيبوا بدهشة، فلا يوجد عاقل يتأسف على منحى التاريخ الذي جنّب بلاده الارتماء في أحضان التبعية والاستعمار· في المقابل لم يتردد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الجهر بالحق ·· الرجل خاطب فرنسا على رؤوس الأشهاد، وجمّد كل الاتفاقيات والمفاوضات والمعاهدات والعلاقات، لأن فرنسا جرّمت تاريخ أجداده من العثمانيين وأصدرت قانونا من الجمعية العامة يجرّم عدم الاعتراف بالجرائم ضد الأرمن· ومن المؤسف حقا ألا نجد من يرد الصفعة على فرنسا منذ حادثة المروحة، وطيلة نصف قرن من الاستقلال لم تكن لنا جرأة الداي حسين وحزم أردوغان، لذلك تمادت فرنسا في غيّها معنا وها هي تحاول مع غيرنا، ومن حسن الحظ أن أردوغان قال لفرنسا، بشأن جرائمها في الجزائر، ما لم نقله لها ولأتباعها منذ الاستقلال· وحتى عندما كانت تظهر بعض التصريحات غير المحسوبة، كان التهميش يطال أصحابها، وهذا ماجعل وزيرا في الحكومة الحالية يطلب من الصحفيين بعد تنشيطه تجمعا في ندرومة خلال حملة الرئاسيات الأخيرة، عدم اعتبار هجومه على فرنسا كلاما رسميا، لأنه كان يقصد إثارة مشاعر الناس فقط· من المؤسف حقا أن نعلّق آمالنا على ثورة الأتراك ضد فرنسا بسبب الموقف من الأرمن، في حين علينا أن نخجل من أنفسنا، فقد فوّتنا فرصة التعامل مع الرعونة الفرنسية، مثلما تعامل معها أجدادنا من قادة الثورات الشعبية ومن أبطال الثورة التحريرية، عندما أصدرت الجمعية الفرنسية قانونا لتمجيد الاستعمار دون أن نرد بالثقيل··· وهكذا فإن عزاءنا الوحيد هو ثورة الداي أردوغان ضد ساركوزي الأوّل··