نفى أمس وزير الشؤون الخارجية أن تكون الجزائر قد أغلقت حدودها البرية مع ليبيا، وأوضح مراد مدلسي بأن الأمر يتعلق بتأمين هذه الحدود بشكل أفضل لمواجهة خطر تهريب السلاح، وفيما وصف موقف الجزائر ب»الحكيم« فيما يخص أحداث »الربيع العربي«، تحدث مدلسي عن عودة مرتقبة لليبيا إلى التنسيق ضمن دول الميدان المعنية بمكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الصحراوي. أبدى مسؤول الدبلوماسية الجزائرية تفاؤله بشأن مسار بناء مؤسسات الدولة في ليبيا وخروج هذا البلد من المحنة التي عاشها طيلة الأشهر الماضية، وأوضح مدلسي في حصة »ضيف التحرير« للقناة الإذاعية الثالثة أن الأمور تتحسن فيما يخص ليبيا، فحاليا هناك حكومة، وكشف عن اتصالات لم تنقطع بين الحكومة الجزائريةوطرابلس، حيث قال وزير الخارجية في هذا الشأن: »تبادلنا مع وزير الخارجية الليبي رسائل تخص البلدين، الذهاب نحو مؤسسات دائمة. هذا توجه نشجعه ونحن على أتم الاستعداد للمساهمة من جهتنا في هذا التوجه متى طلب منا ذلك..« وبعد الإشادة بالمستوى الذي بلغته العلاقات مع تونس، أكد وزير الخارجية بأن هذا البلد استطاع بناء مؤسسات دائمة وقوية بفعل مكاسب الديمقراطية التي يتوفر عليها، وهو يتجه بخطى ثابتة نحو إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي، وردا على اتهام الخارجية الجزائرية بالفشل في التعاطي مع أحداث »الربيع العربي«، أوضح مدلسي بأن موقف الجزائر هو موقف حكيم، وأشار من جهة أخرى إلى أن كل البلدان المحيطة بهذه الظاهرة حتى في منطقة المغرب العربي التزمت الكثير من التحفظ، وأضاف مدلسي »نحن نحترم ما حصل في محيطنا لم نكن نريد التدخل في الشأن الداخلي لا لتونس أو لبيبا أو مصر أو أي دولة أخرى، لم نشذ عن القاعدة لا وجود لأي بلد في المغرب العربي عبر عن مواقف صريحة فيما يخص ما حصل..«، ورد الانتقادات الموجهة إلى الجزائر إلى حجم الجزائر التي يراد لها أن تكون دائما هي صاحبة المبادرة. وخلافا لما تم ترويجه وبشكل واسع على مستوى وسائل الإعلام داخليا وخارجيا، أكد مسؤول الدبلوماسية الجزائري بأن الحدود بين الجزائر وليبيا ليست مغلقة، مضيفا بأنها مؤمّنة بشكل أفضل، وقال مدلسي أن هناك خطر في الجهة المقابلة أي داخل التراب الليبي يتعلق بتهريب السلاح وانتقال الأشخاص، وهذا بعد الأحداث التي عرفها هذا البلد، وترك وزير الخارجية الانطباع بأن تشديد الرقابة على طول الحدود الشرقية للبلاد يظل ساريا إلى غاية عودة الاستقرار إلى ليبيا وتمكن الليبيين من توفير الوسائل اللازمة لتأمين الحدود في الجهة التي تعنيهم. وكانت جهات إعلامية نقلت عن مصادر وصفتها ب»المسؤولة« قولها بأن »مصالح الجمارك ومختلف الأجهزة الأمنية تلقت أخطارا جديدا في الأيام الماضية يقضي بتمديد قرار غلق الحدود وإبقاء الوضع على ما هو عليه منذ 4 أشهر وحذرت من تردي الوضع الأمني في المناطق المجاورة للمعابر الحدودية الثلاثة«، وأضافت نفس المصادر بأن إعادة فتح الحدود مستبعدة في الوقت الراهن، ويتعلق الأمر بالمعابر الحدودية الثلاثة الدبداب أو طارات أو تينالكوم، وهذا بناءا على التقارير الأمنية التي تؤكد تردي الوضع الأمني في ليبيا واستمرار انتشار الأسلحة في هذا البلد وعجز السلطات في ليبيا عن التحكم في الوضع وفشلها في نزع السلاح من المليشيات المسلحة أو من يسمون ب »الثوار«. وإذا كانت مسألة الغلق التام للحدود لا وجود لها حسب وزير الخارجية فإن تشديد الإجراءات الأمنية وتكثيف التواجد العسكري والأمني على طول الحدود مع ليبيا مبرر وله علاقة مباشرة بالوضع السائد داخل ليبيا، فرغم انهيار نظام العقيد القذافي ومقتل الزعيم الليبي وتشريد عائلته وأركان حكمه، فإن الوضع لم يستتب بعد، ولا تزال المليشيات المسلحة هي من يتحكم في الميدان وتسيطر على مفاصل الدولة ومؤسساتها، بما في ذلك مطار طرابلس، وفي ظل هذا الوضع المتسم بغياب الدولة تصبح الحدود مع ليبيا مجلب لكل أنواع المخاطر وعلى رأس هذه المخاطر تهريب السلاح. وزير الخارجية تحدث أيضا عن العمل الجاري على مستوى دول الساحل في إطار تنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب والتصدي للظواهر السلبية الأخرى المرتبطة به، وأوضح مدلسي أن هذا المسار »يجب تقيمه وتصحيحه ودعمه«، مؤكدا بأن ليبيا ستعود إلى دول الميدان بعد انقطاع بفعل الأحداث التي عرفتها طيلة الأشهر الماضية، وتحدث مدلسي عن التنسيق الأمني، السياسي والاقتصادي بين دول الميدان وشركائها، وإن ألح على أن الجوانب الأمنية تظل مهمة أساسية تضطلع بها دول الميدان، لكن ذلك لا يعني عدم وجود شراكة مع دول من خارج المنطقة، خاصة في مجال التكوين وفي مجال توفير العتاد والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي، وأوضح وزير الخارجية أن التهديد في الساحل ليس مجرد كلام، فهو تهديد حقيقي قد يتحول إلى عمليات إرهابية، والمطلوب هو مضاعفة العمل على مستوى الميدان لمواجهة الظاهرة، لأن الحياة في أمن واستقرار لن يتأتى حسب قوله إلا من خلال الجهد الجماعي.