أجمع أكاديميون ومختصون وإعلاميون على أن مصطلح »الدولة الإسلامية« دخيل على المرجعية الإسلامية ككل، مؤكدين أن هذا يمثل قمة التناقض وإلا كيف يجتمع مصطلح »الدولة« الذي يعني التداول مع »الإسلام« الذي يمثل إحدى الثوابت، وهو ما توقف عنده الإعلامي كمال شكاط الذي فضّل استعمال »الخلافة الإسلامية« بالرغم من الحساسيات التي تثيرها بالتزامن مع موجة »الثورات العربية«. شهدت الندوة التي نظمها مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية، الذي يترأسه الدكتور أمحند برقوق، أمس، نقاشا مطولا حول مفهوم »الدولة بين المدنية والدينية«، هذه الأخيرة التي عاد خطابها بقوة بفعل موجة الثورات العربية التي نتج عنها صعود تيارات للساحة السياسية تركزت أساسا على التيار الإسلامي الذي جنى حصاد وافرا، وهو ما وقف عنده المختص في أصول الفقه والإعلامي المفرنس الأستاذ كمال شكاط حين رفض مصطلح »الدولة الإسلامية« وبالمقابل فضل استعمال عودة الخلافة الإسلامية بمفهومها المعتدل، وليس كما يراه أنصار هذا التيار خاصة بتونس الشقيقة. ومن هذا المنطلق، أكد الأستاذ المحاضر وجود انطلاقة خاطئة في فهم »الدولة الإسلامية«، حيث تطرق لفترة التسعينات التي عرفت استعمال أنصار الحزب المحظور للمساجد في تسويق خطابهم السياسي، مؤكدا أن تبنى الأفكار الإسلامية في صيغتها القديمة ومحاولة تطبيقها بشكل جذري في واقعنا الحالي، مثلما حدث مع »الفيس« حول البلديات الإسلامية وحتى الفيدراليات الرياضية الإسلامية، وقال »التغيير حتمي، لكن ضروري أن يكون التغيير بالمشاركة وليس التغيير الراديكالي المبني على أسس سلبية«. ولم يخف شكاط سوء توظيف الإسلام في الواقع المعيش، مؤكدا في الندوة التي نشطت تحت عنوان »تصور الإسلام في ظل العولمة«، أن مفهوم رجل الدين لا وجود له في ثقافة المسلمين، قبل أن يقسم الإسلام في الجزائر إلى تيارين، الأول أقصى الدين من الحياة والثاني أفرط في استعمال الدين في الحياة بطرق سلبية وهو ما أنتج أزمة التسعينات، لكن سرعان ما عاد المحاضر للمفارقات التي عرفتها الجزائر، بعد أن أصر البعض على إنشاء حركة إسلامية قبل التفكير في إنشاء مجتمع إسلامي. وعرج المتحدث على الديمقراطية والليبرالية، حيث اعترف بوجود مزاياهما، لكن ليس ضروريا كما أضاف، أن يعيش المجتمع الإسلامي على شاكلة النمط الغربي، حيث اعتبر أن تضارب الفتاوى في الجزائر مرده الأول غياب دار للفتوى حقيقة تجنب الجزائريين استيراد فتاوى جاهزة وتتبنى بصورة كاملة، خاصة في ظل تشعب التيار الإسلامي في العالم الإسلامي، من السلفية الوهابية، إلى الإخوانيين في قطر ومرورا بالشيعة في طهران وانتهاء بالإسلاميين في النموذج التركي. وأعاب الحضور في الندوة، استعمال الإسلاميين الدين في التموقع السياسي، لكن اتفقوا على أن فكر السلفية الجزائرية عرف تطورا بفعل تعدد مدارس التكوين والخرجات العلمية للدول الأجنبية، حيث توقعوا عودتهم بقوة في الاستحقاقات القادمة، وأي محاولة لإقصائهم ضرب من الخيال بفعل تصاعد المد الإسلامي في الوطن العربي ككل.