أيها القارئ الكريم لا أريد أن أختارك، وأنت عديم الذوق، أو أخاطبك وأنت في حالة بؤس أو يأس أو قنوط، أو أنك ثمل بغير ما أريد أن أقحمك فيه، أو أنك في حالة غرق تجهد نفسك لتطفو على الماء من حين لآخر، تنشد البقاء بالتقاط أنفاسك . احتمالي كبير في أن ما سأطرحه عليك يخرجك من هذه الحالات ومن تلك، في زمن أقل بكثير مما يخرجك من أزمتك أو حالتك النفسية هذه أو تلك . أريد أن أخاطبك باسم الجمال، الذي يقول عنه المختصون فيه أنه المثل العليا التي لا يمكن التعرف عليها إلا من خلال شعورنا كونها تصويرية، والتصور يختلف عند الآدميين ويتباين، لأنه ليس إخراجا بشريا قد يغلب عليه عدم الذوق أو التذوق. أريد أن أخاطبك باسم الجمال، والجمال عند الآدميين تمثله حواء، التي هي كالراح إن لامستها بقدر واقتدار مستك سراء، وإذا اقتربت منها دون احترام لقدرتها عقرتك فأصابتك ضراء. لا أريد أن اندمج بك في مجتمع يقرّ أن جمالها هو كل مؤهلاها ومقدراتها ومستطعاتها، إنه المطبّ الذي أنأى بك عنه، حتى يستقيم عودي وإياك فيستقيم ظلنا في الطرح وفي الحكم، حتى لا ترتدّ علينا أسلحتنا فتردينا مقض علينا في وادي لا يعلم الناس لنا فيه مصرعا. آخذ احتياطاتي هذه واحترازاتي لأني غير متأكد أيهما أفضل عندك تلك التي سلاحها اصطناعي طاووسي مزركش بشتى ألوان والأنواع من موضات القماش ومستحدثات المساحيق ومختلف المستحضرات الكيميائية، أو أن أمرك يختلف فأنت لتلك الريفية التي تزرع البذور وتجني الغلال، وتحمل جرة الماء فوق رأسها أو حزمة الحطب على ظهرها، فيزيد ذلك في استقامة جسدها واشرئباب رأسها، فتؤمّن خطواتها ببعد نظراتها، أنا أتوقف هنا وأترك لك الباقي. إلا أنه ومن ناحية أخرى أستطيع أن أدخل معك في بديهيات العصر ومطالبه المسلم بها والتي تقر أن الحفاظ على المرأة، يعني بالضرورة الحفاظ على حرمة نصف المجتمع الإنساني، بل على أغلبيته، فعلى أي من الشريحتين يحافظ العالم وكيف ؟ وإذا الاثنتين معا كيف يتم الفرز بينهما؟، وهل تمثل واحدة منهما الأخرى؟. أحاول أن أساعدك إن قبلت مني أن ظاهرة الاسترقاق الجنسي هي أقبح ما يمس بحرمة المرأة وبكرامتها وبحريتها، وهي ظاهرة غربية فيه وبخاصة في عصرنا هذا حيث تأسست تنظيمات – مافيا- الجنس مستغلة حب الاستطلاع والتقليد، والتعلق بما يستحدث من مغريات بالرغم من قلة الحيلة، فتستغلهن في كم من باب وفي كم من حاجة تدر بالأموال الطائلة على حسابهن . وإذا سألتك أي الشريحتين أكثر تضررا ومن ثمة ضررا ؟ فلأن مثل هذه الانحرافات إذا ما حلت بمجتمع، فإنها تخلخل كيانه وتزلزله وتفجره، فتجذبه إلى تدمير الأسرة وتجره إلى تفكك العائلة، فانهيارها. أوافقك القول: أن الصورة تفضح ازدواجية خطاب المجتمع الدولي الذي يدعي من خلال تنظيماته وأدواته الحكومية وغير الحكومية الدفاع عن حقوق الإنسان ويعمل في مجالها بسياسة الكيل بمكيالين . ألم تتفق معي أن كبار المجتمع الدولي الذين هم عينهم المجتمع الدولي يغضون الطّرف عن تجار العالم المظلم، الذين يمتهنون بالظلم والأذى، إكراه المستضعفين في الأرض وتعنيفهم وتقتيلهم وتعذيبهم، وممارسة الاغتصاب في أوساطهم كرها واعتداء. ألم يكن من الجرائم ضد الإنسانية أن يُلقى القبض على الضحايا أو يبادون، وتُغمض العين على الفاعلين الذين يتاجرون فيما يتاجرون بالمرأة، وهي التجارة التي من مواضيع الجريمة المنظمة، التي من المفروض أن تطالها أحكام القانون الدولي الجنائي بالمعالجة والتعزير، إن أرادوا كما يدعون الحفاظ على نصف المجتمع الكوني الإنساني الممثل في المرأة ... !؟