أكد عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في تأبينية الراحل عبد الحميد مهري أن ما نرثي به الفقيد اليوم، عبرة للأجيال القادمة، داعيا الناشئة إلى سلوك درب مهري والاستفادة من علمه وتجربته، وقال بلخادم بأن »رجلا في منزلة مهري لا يمكن أن يحاط في كلمات أو سطور«، مضيفا »مهري مات ولكن مبادئه لم تمت، بل ستكبر وتتطور وتتعمق في الوجدان الجبهوي«، مشددا على أن »الفقيد لم يرحل لأنه برنامج، مدرسة وقدوة للأجيال«. مجاهد، مناضل، حسن الخلق، برنامج ومدرسة، متعفف وزاهد، استحالة الإحاطة ببحر من التجارب وموسوعة من العلم والحنكة... هي أوصاف رجل فقدته الجزائر، المجاهد عبد الحميد مهري، كلمات قليلة في حق رجل عظيم، قالها عبد العزيز بلخادم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني في التأبينية التي احتضنها مقر الحزب تحت شعار »حزب جبهة التحرير الوطني ينعي المناضل والمجاهد عبد الحميد مهري«، حيث تطرق عبد العزيز بلخادم إلى خصال ومناقب الفقيد ومواقفه وحرصه على الدفاع عن مقومات الهوية الجزائرية. قال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، أول أمس عن الراحل إنه »مجاهد، تجربته وحنكته لا يمتلكها إلا القليل«، مضيفا أن عبد الحميد مهري له حسن التدبير والخلق«، كما أكد أن مهري فرض نفسه على بيئته وترك طابعه على أجيال كثيرة. وعن مناقب الفقيد، أوضح الأمين العام للأفلان أن مهري اختلف مع كثير من الناس في الثورة وبعد الاستقلال، مضيفا أنه حتى ولو أعرب هؤلاء عن تقديرهم لمهري إلا أنها بألسنة متلعثمة، مشددا على أن الرجل ظل قافيا فوق المسافات. وأكد بلخادم أن فقيد الجزائر أحد النماذج البارزة التي أثرت في هذا الجيل وصنعت مواقف ستذكرها أجيال كثيرة، وهو رجل من رجالات الجزائر وحزب جبهة التحرير الوطني، وغني عن التعريف، مضيفا أن مهري إذا ما تم ذكره في أي مناسبة سياسية، فكرية وثقافية إلا وعرفه الناس من أقصى العالم العربي إلى أدناه »وتلاحقت في أذهانهم سلسلة الأفكار التي صدرت منه طيلة 7 عقود من الزمن كمحطات أمينة«. وذكر بلخادم في كلمته خلال الوقفة التأبينية، أن الفقيد كانت لديه حنكة سياسية وعلم فراسة، مشيرا إلى أن الحديث عن مهري في هذه التأبينية لديه أسبابه، من بينها استحالة الإحاطة ببحر من التجارب والأخلاق وموسوعة من العلم، مضيفا أنه »يخشى من أن يخدش حرصه الدائم على اقتران العمل الصالح والرثاء بعد موته«. وفي ذات المناسبة، قال بلخادم إن الثقة في أن نرثي به مهري هو عبرة للأجيال القادمة حتى يعرفوا أن الأمة العربية، الجزائر وحزب جبهة التحرير الوطني، أحلت الرجل منزلة عليا من الاحترام والتبجيل، داعيا الناشئة إلى أن ينهل معنى علمه وتجربته والتعرف على أسلوب تعاطيه مع الآخر. كما تطرق بلخادم في كلمته التأبينية إلى الحديث عن خصال الرجل، قائلا »إن الفقيد كان متواضعا مع طلابه، مناضليه ومعاونيه«، مشيرا إلى أنه كان متعففا زاهدا في أمور الدنيا وكان يستمع لكل الآراء والأفكار والملاحظات، إضافة إلى استماعه للتعقيبات ويتجاوز حدود المسموح به في آداب الحديث، حيث ذكّر بأيام العقد الوطني أين قبح القول وكذا خلال جلسات الحوار عندما غضبت الساحة الوطنية وكان حينها يرد ويوضح ويجيب بهدوء واتزان وارتياح وعن دراية وبدون أي فضالة أو استعلاء. وأكد الأمين العام للأفلان عن شخص الفقيد بقوله »رجل في منزلة مهري لا يحاط في كلمات أو سطور، بدءا من الحركة الوطنية، سجنه أيام الثورة، تعيينه في الحكومة المؤقتة مرورا بعدة مسؤوليات تقلدها وتفنن في إدارتها كان آخرها مؤتمر القوميين العرب«، مضيفا أن الفقيد كان لديه من التعبئة والتفكير والجهاد في تلك الحقبة إلى أن أعد المدرسة الأساسية إلى الدبلوماسية أين كان سفيرا في المغرب. وعن مواقف الرجل، اعترف بلخادم بالمواقف القوية والثابتة لدى مهري، مذكرا بأيام الثورة وخاصة خلال اتفاقيات إيفيان وموقفه الرافض لفصل الصحراء عن الجزائر والدفاع عن كل شبر من أرض الوطن، معرجا على قوميته العربية ودفاعه عن هذه الأمة وعلى وجه الخصوص نصحه للفلسطينيين. ولم يغفل بلخادم الحديث عن دور الفقيد في تحرير الجزائر من الاستعمار إلى النهوض بالتربية إلى معالجة الاحتقان الذي عرفه البلد في العشرية السوداء، مشيرا إلى أن مهري كانت لديه سعة الصبر والمرونة، الوسطية والاعتدال واختيار الحوار والمصالحة بين أبناء الشعب الجزائري ودعوته إلى تضميد الجراح وتوسيع المشاركة السياسية للجزائريين دون إقصاء بعيدا عن الحلول المستوردة أو الانسلاخ عن مقومات الهوية الجزائرية أو التدخل الخارجي. وفي شهادته عن خصال الراحل عبد الحميد مهري، أشاد بلخادم بجهود الرجل في حل مشاكل الأمة الاجتماعية، التربوية، السياسية والفكرية، مؤكدا أن الفقيد كان يتمتع بعمق المعرفة وبعد النظر ودقة المتابعة وإدراكه هموم الأمة، واستطرد بلخادم قائلا »ما أسعدك وأنت الفارس الذي دافع عن العروبة«، في إشارة منه إلى من يمثل العرب في الأممالمتحدة، مشيرا إلى أن الجامعة العربية غدت بلا شخصية ولا أخلاق، حيث كان الفقيد يدافع عن الأمة العربية في كل مناسبة أتيحت له. وشدد بلخادم على أن الفقيد عبد الحميد مهري رجل اجتمعت فيه الخصال الحميدة، كونه عميق النظرة والبصيرة، نبيل وقوي الحجة، مضيفا بأن هذا اللقاء ليس تأبينيا فقط، ودعا الجبهويين إلى التحفيز في المعركة الوطنية واتخاذ من الفقيد قدوة في السياسة، العلم والتعفف، التسيير والوطنية والإيمان. وبلغة الحسرة، قال بلخادم »إن الجزائر فقدت أحد قاداتها الأبرار المجاهد والمكافح لخدمة الأمة«، وأضاف »أن مهري مات ولكن مبادئه لم تمت، بل ستكبر وتتطور وتتعمق في الوجدان الجبهوي، مشددا على »أننا نقرأها في طموح الشباب ونراها في أوجه الأحبة والأصدقاء«، مضيفا »نقف اليوم وقفة عرفان لرجل قضى حياته مفكرا، سياسيا، مسيرا وقائدا بين ساحات النضال والبناء«، مؤكدا أن الفقيد كان ثابتا على الحق جامعا للكلمة، معبئا للطاقات، واستطرد قائلا »كيف ننعي مهري وهو الرجل الذي مات لكنه لم يرحل«، لأنه برنامج، مدرسة، قدوة رسٌخ فينا الثبات على الحق والغيرة على الجزائر، واختتم بلخادم كلمته التأبينية قائلا »يموت الكبار ولا يرحلون«.