يرتقب أن تعلن حركة تحرير أزواد الترقية الانفصالية عن قيام دولة جديدة للأزواد بشمال مالي الذي سقطت مدنه الرئيسية ذات الأغلبية الترقية، بعد معارك طاحنة ضد الجيش المالي، شاركت فيها أيضا تنظيمات »جهادية« قريبة من تنظيم القاعدة. صرح محمود آغ علي رئيس المكتب السياسي للحركة الوطنية لتحرير أزواد في مقابلة مع الفضائية القطرية »الجزيرة« أن إعلان دولة في المناطق التي سيطرت عليها الحركة في شمال مالي وعلى رأسها مدينة تومبوكتو التاريخية »هي مسألة وقت«، مضيفا بأن الحركة منهمكة في الظرف الحالي في عملية تأسيس الدولة. وجاءت تصريحات القيادي في حركة الأزواد مباشرة بعد النجاح في السيطرة على مدينة تومبوكتو آخر معاقل القوات الحكومية في الشمال، وسقوط جاوة وكيدال كبرى مناطق شمال مالي بيد المتمردين، حيث نقلت وكالة »رويترز« عن نائب في البرلمان المالي وشهود عيان قولهم بأن المتمردين التوارق رفعوا علمهم فوق الدوائر الرسمية في مدينة تومبوكتو بعد فرار القوات الحكومية، وقالت المصادر إن الهدوء يسود المدينة ما عدا إطلاق نار متقطعا، ويشارك في قتال القوات الحكومية، فضلا عن حركة تحرير أزواد، تنظمان جهاديان يسمى الأول »حركة الجهاد والتوحيد« التي لها علاقة مباشرة بتنظيم القاعدة الأم، وبالفرع المغاربي الذي ينشط بمنطقة الساحل الصحراوي، وأما التنظيم الثاني فهو سلفي يسمى بحركة »أنصار الدين«. وفي هذه الأثناء أعلن النقيب أمادو سانوغو قائد المجموعة العسكرية التي قادت الحركة الانقلابية ضد الرئيس المالي أمادو توماني توري في 22 مارس، موافقته على إعادة العمل بالمؤسسات الدستورية التي حُلّت إثر الانقلاب العسكري، كما أكد السعي لوقف لإطلاق النار مع المجموعات المسلحة الناشطة في شمال البلاد، وأوضح في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أجريت معه في مقره في كاتي قرب باماكو، إن اللجنة الوطنية التي تشكلت وتضم الضباط الانقلابيين »لم تحل بل ستبقى تدير الأعمال فترة قصيرة على أن نعمل على تشكيل حكومة وفاق وطني تضم كافة أطياف المجتمع المدني وكل الشركاء ورجال الدين، أي الجميع«، مضيفا بأن ممثلي مختلف الكيانات »سيختارون حكومة تكنوقراط بشكل توافقي« على أن تقوم هذه الحكومة بتنفيذ »خريطة طريق« وضعها الانقلابيون »تضم بندين أساسيين هما: أزمة الشمال وتنظيم انتخابات حرة«، وكشف في مقابلة مع إذاعة أميركية أن »رئيس الحكومة سيكون مدنيا والوزراء يمكن أن يكونوا مدنيين أو عسكريين«. ورغم تهديدات دول غرب إفريقيا بالتدخل عسكريا في مالي لإعادة النظام الدستوري ومساعدة هذا البلد على صد هجمات التوارق في الشمال والتهديدات التي قد تعصف بوحدته الترابية، يبقى مستقبل مالي مفتوح على المجهول، فحركة تحرير أزواد توجد في موقع قوة، ومن المستبعد أن تقبل بالعودة إلى المفاوضات والنزول تحت سقف المطالب الانفصالية. ويبدو جليا أن التهديدين موجهين بالدرجة الأولى ضد الدولة الأكبر في المنطقة وهي الجزائر، فحركة تحرير أزواد، وإن زعمت قياداتها بأن هدفها هو بناء دولة خاصة بما تسميه »شعب أزواد«، فإن الحقيقة التي يعلمها الجميع هي أن هذه الدولة سوف تشكل حلقة مهمة لاستكمال سلسلة سيناريو خطير عملت على إعداده الاستخبارات الفرنسية منذ الستينات، سيناريو يهدف إلى خلق دولة للأقليات الترقية تقتطع من عدة دول من بينها الجزائر التي بدت وكأنها قد أحيطت بخط النار وأنها ستواجه مشاكل غير مسبوقة وتهديدات خطيرة على مدار العشرية أو العشريتين القادمتين. لقد اكتسبت التنظيمات الجهادية التي شاركت هي الأخرى فيما يسميه التوارق »حركة التحرير« في شمال مالي، شرعية الوجود الفعلي في المنطقة وأصبح وجودها كجارة جنوبية للجزائر تحصيل حاصل، وهذا معناه تحويل شمال مالي إلى فضاء لنشاط القاعدة، وميدان جذب للقوى الخارجية التي تستعمل القاعدة كفزاعة لتوسيع نفوذها الأمني والعسكري في العالم العربي والإسلامي.