المتمردون التوارق يدخلون “تومبوكتو” و يحكمون سيطرتهم على شمال مالي أحكم المتمردون التوارق مساء أمس سيطرتهم على المناطق الشمالية في مالي بعد أن تمكنوا من دخول تومبوكتو، في الوقت الذي أعلن فيه الإنقلابيون القبول بالعودة إلى النظام الدستوري وإقامة حكومة انتقالية دون أن يحددوا أي تاريخ لذلك. تمكنت مجموعات من متمردي التوارق منتصف نهار أمس الأحد من دخول مدينة تومبوكتو، آخر مدينة بشمال مالي كانت تحت سيطرة قوات الجيش ، في الوقت الذي أعلن فيه قائد الإنقلابيين العودة إلى الدستور و المؤسسات الشرعية و نقلت وكالة الأنباء عن شهود عيان أن عناصر المتمردين من حركة أزواد دخلت أمس تومبوكتو التاريخية و كان برفقتها أحد الوزراء من حكومة باماكو. و نقلت ذات الوكالة عن مصادر مختلفة أن المتمردين التوارق تفاوضوا على دخول المدينة، و أجروا اتصالات بشكل خاص مع ميليشيات عربية، كانت قد أخذت مواقعها منذ الساعات الأولى من صباح أمس للدفاع عن المدينة في الوقت الذي فر فيه عدد كبير من عناصر الجيش. و تحدث شهود عيان عن وقوع عمليات نهب و تخريب على نطاق واسع طالت الخزينة و البنوك و مقرات الشرطة و الإدارة المحلية. وأفاد بعض السكان أنهم سمعوا دوي اسلحة ثقيلة صباحا في معسكر تومبوكتو الذي فر منه الجنود، حيث ترك العديد منهم زيه العسكري وانسحبوا من مواقعهم في النقاط الاستراتيجية بالمدينة. وروى أحد الشهود لوكالة الأنباء الفرنسية أن القصف المدفعي الثقيل قوي لكن الميدان خال، ولم يبق أحد.وتموقع عناصر ميليشيا عربية، من مجموعة البرابيش النافذة محليا والموالية عادة الى الحكومة المركزية في شوارع المدينة وخصوصا من حول المطار لكن انتشارهم تقلص عند الظهر، بعد المفاوضات التي أجراها معهم عناصر المتمردين التوارق وأعلن الكابتن حمادو سانغو قائد الانقلابيين في مالي أمس العودة الى الدستور والمؤسسات ووعد باستشارة القوى الحية في البلاد في إطار مرحلة انتقالية لم يحدد مدتها. وصرح للصحافة “إننا نعلن الالتزام رسميا اعتبارا من اليوم( أمس الأحد) بالعودة الى دستور جمهورية مالي المصادق عليه في 25 فيفري 1992 والمؤسسات الجمهورية”. و كانت الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وهي ابرز حركات تمرد التوارق، قد أعلنت في وقت سابق من صباح أمس ان قواتها تحاصر مدينة تومبوكتو. وقد ادرجت المدينة التاريخية القائمة على ضفتي نهر النيجر والواقعة على مسافة 800 كلم شمال شرق العاصمة باماكو على لائحة التراث العالمي في اليونسكو، وكانت المدينة الملقبة باسم “جوهرة الصحراء” محطة هامة على طريق القوافل والسياح الباحثين عن اكتشاف التوارق.وقد سيطر المتمردون ليلة السبت إلى الأحد على مدينة غاو التي تقع على بعد 300 كلم شرقا وحاميتيها العسكريتين بعد معارك دامت يوما وانتهت بفرار الجيش حسب مصادر متطابقة.وعلى بعد نحو ألف كلم شمال شرق باماكو كانت غاو التي تعد نحو تسعين ألف نسمة، تأوي مقر قيادة أركان القوات الحكومية في كامل المنطقة الشمالية.وأعلنت الحركة الوطنية لتحرير الأزواد السيطرة الكاملة على منطقة غاو قبل أن تقوم بمحاصرة و دخول تومبوكتو.وقد تم زحف المتمردين الذين استغلوا انعدام الانضباط بين القوات المسلحة بعد انقلاب 22 مارس الماضي، الذي نفذه جنود صف ضد الرئيس أمادو توماني توري، بسرعة فائقة. وعند بداية هجومهم منتصف جانفي الفارط كانوا يسيطرون أصلا على قسم كبير من شمال شرق مالي وجبال افوهراس و هي مناطق مأهولة بالتوارق وفي ظرف ثلاثة أيام دخلوا كبرى مدن شمال شرق البلاد التي كانت لا تزال خارجة عن سيطرتهم مثل كيدال وانغوغو وبورم وغاو، باسطين نفوذهم على كل شمال شرق البلاد الصحراوي تقريبا.و كان الكابتن حمادو سانغو قد أعلن مساء أول أمس أنه أمر الجيش بعدم مواصلة المعارك، مؤكدا ان اللجنة الوطنية للإصلاح والديمقراطية (الانقلابيون) ستحلل بوضوح الوضع خلال الساعات المقبلة. و في موقف جديد، أعلن أمس العودة الى الدستور والمؤسسات و وعد بحكومة انتقالية دون أن يقدم أي جدول زمني لذلك.وصرح للصحافة “لكننا نظرا للازمة المتعددة الابعاد التي تشهدها بلادنا، وبهدف اتاحة المرحلة الانتقالية في ظروف جيدة والحفاظ على الوحدة الوطنية، قررنا، تحت رعاية الوسيط، فتح مشاورات مع كافة القوى الحية في البلاد في اطار معاهدة وطنية”. وأوضح ان من شأن المشاورات أن تسمح “بإقامة أجهزة المرحلة الانتقالية من أجل تنظيم انتخابات هادئة، حرة ومنفتحة وديمقراطية لن نشارك فيها”. وأدلى قائد الانقلابيين بهذه التصريحات إلى جانب وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسولي الذي يزور باماكو منذ أول أمس للتفاوض مع الانقلابيين حول طريقة العودة الى النظام الدستوري كما طالبت به دول المنظمة الاقتصادية لدول غرب افريقيا. وقد اعلنت المنظمة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (15 عضوا) أول أمس أنها وضعت قوة مسلحة قوامها ألفي رجل في حالة تأهب تحسبا لأي تدخل محتمل.