تصاعدت حدة التوتر في مدن شمال مالي على خلفية الانفلات الأمني الذي خلّفه الانقلاب العسكري على نظام الرئيس المخلوع «أمادو توماني توري»، وهو الوضع الذي استغله المتمرّدون المنتمون إلى ما يسمى ب «الحركة الوطنية لتحرير الأزواد» التي أعلنت مواصلة زحفها المسلّح بعد أن تمكنت من السيطرة على «مدينة هامة» شمال البلاد. رغم أن الانقلاب العسكري الذي أعلنه قادة في الجيش المالي جاء بسبب ما أسماه هؤلاء بفشل نظام الرئيس «أمادو توماني توري» في القضاء على الحركة المسلحة التي يشنها متمردو «الأزواد»، إلا أن الأوضاع في البلاد تسير نحو مزيد من التدهور خاصة بعد قرار الجزائر غلق حدودها مع «باماكو» وكذا حالة العزلة التي يتواجد فيها العسكريون الذين أطاحوا بالنظام بسبب الإدانة الدولية الواسعة للإطاحة بالرئيس المنتخب الذي تضاربت الأنباء بشأن مكان تواجده. وظهرت مؤشرات جديدة على فشل القوات النظامية في التصدّي لزحف المترّدين خاصة بعد أن أعلنت حركة تمرد «الطوارق» مواصلة هجومها في منطقة تنشط فيها أيضا مجموعات مسلحة متطرّفة، وذكرت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» في بيان على موقعها الالكتروني أنها تعتزم مواصلة تحركها من أجل «إخراج الجيش المالي وإدارته من جميع مدن أزواد». وتؤكد حركة التمرد التي تسيطر مع مجموعات أخرى على بلدات عدة في شمال شرق مالي، أنها استولت على مدينة جديدة في الشمال هي «مدينة أنافيس الواقعة على محور الطريق الوطني غاو-كيدال». وبحسب ما ورد في بيان الحركة وقعه مسؤولها الإعلامي «باكاي آغ حمد أحمد» فإن «الانقلاب العسكري في مالي لا يغير في شيء تحرك الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تدافع عن تقرير المصير في أزواد بلا شروط وعن استقلالها عن مالي»، وأضاف أن العسكريين الماليين «اختاروا التمرد بعد هزيمتهم في أزواد»، محذرا هؤلاء العسكريين «من المساس بالمدنيين المنحدرين من أزواد المقيمين في مالي». وفي تبرير من هذه الحركة لأسباب سيطرتها على مدينة «أنافيس» الواقعة على الطريق الوطنية «غاو-كيدال»، أوضحت أنها «كانت تؤوي فرقة عسكرية مالية»، لتؤكد في هذا الشأن بأن المدينة «أصبحت حرة وتحت إدارة أزواد» في حين «اختار العسكريون الماليون الفرار بتراجع تكتيكي إلى غاو» إحدى أهم مدينتين في شمال مالي مع كيدال. في غضون ذلك تضاربت الأنباء خلال اليومين الأخيرين حول مصير الرئيس المالي المطاح به، لكن النقيب «آمادو سانوغو» قائد الانقلابيين صرّح للصحافيين أن «توري في أمان وفي صحة جيدة» دون مزيد من التفاصيل، قبل ان يستطرد قائلا: «لن أفصح الآن عن مكان وجوده». مثلما أشار إلى أن مسؤولي الحكومة «سالمون، ولن نمس بسلامة أي منهم»، ليضيف: «أؤكد لكم أنهم سيمثلون أمام الهيئات القضائية المختصة تحت أنظار الشعب المالي». وتتهم السلطات الجديدة في «باماكو» متمردي «الطوارق» بأنهم حلفاء تنظيم «القاعدة» التي تنشط خصوصا في شمال مالي حيث تحتجز 13 رهينة غربيا بينهم ستة فرنسيين. وقالت مصادر إن متمردي «الأزواد» في شمال البلاد «زحفوا صوب الجنوب لاحتلال المواقع التي جلت عنها القوات الحكومية وذلك في محاولة للاستفادة من الاضطرابات في العاصمة البعيدة».