يعتقد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن بيانا يكفي لإفشال الانتخابات، فقد نشر الأرسيدي بيانا اعتبر فيه ''رفض التصويت يوم 10 ماي المقبل علامة صمود برفض الذل والظلم من النظام الذي ليس له برنامج سوى رفض الديمقراطية''، ومما ورد في البيان أن "النظام يحاول إخفاء حصيلته وتبرير مناوراته، ويحاول أن يشهر مرة أخرى بالخطر الإسلامي الذي أنتجه وشجعه ووظفه منذ الاستقلال". بيان الأرسيدي يعيد إنتاج نفس الخطاب، والغريب هو أن الحزب الذي أسسه وقاده سعيد سعدي لأكثر من عقدين اكتشف اليوم أن النظام هو من أنتج وشجع ووظف الخطر الإسلامي، ونسي من حرروا هذا البيان أن الأرسيدي اتخذ من الخطر الإسلامي قضية أساسية قام عليها نشاطه السياسي خلال العقدين الماضيين، كما نسي هؤلاء أن هناك من يتهم الأرسيدي بكونه صنيعة النظام أيضا ظهر بتشجيع منه وتم توظيفه لسنوات طويلة، وسيكون من السهل توجيه هذه التهمة لأي حزب سياسي ما دام الأمر لا يتطلب تقديم الأدلة ولا تنجر عنه أي عواقب. مقاطعة الانتخابات موقف سياسي يتطلب عملا ميدانيا شاقا قد يتجاوز بكثير العمل الذي يقوم به المشاركون في الانتخابات، والاكتفاء بإصدار بيان يتضمن جملة من الشتائم والاتهامات لا يمكن أن يوصف بالعمل السياسي الجدي ولا بالنضال من أجل تغيير الوضع السياسي القائم، بل إنه يمثل استخفافا بالمواطنين الذين وجه إليهم هذا البيان. لقد درج الأرسيدي على رفع المطالب دون السعي إلى انتزاعها فعليا، وهو اليوم يريد أن يقاطع الجزائريون الانتخابات بمجرد اطلاعهم على بيان مقتضب ينشر في الصحافة، فهو ينتظر اليوم الذي تعلن فيه نتائج الانتخابات القادمة ليقول إن المشاركة كانت دون النسبة المعلنة من قبل السلطات، وأن دعوة المقاطعة آتت أكلها، وبعد ذلك يمكن الاستنتاج بأن الأرسيدي بات يمثل الأغلبية، فأي عمل سياسي بهذه السهولة يمكن أن تكون نتائجه باهرة إلى هذا الحد.