وهي تستعد لإحياء الذكرى الخمسين في عامها هذا ودّعت الجزائر كوكبة من دفاتر أحداثها، وباقة من صناع تاريخها المجيد الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل أن تعيش الجزائر حرمة الاستقلال وتتذوق طعم الحرية ونشوة استعادة الكرامة وافتكاك العزة من استعمار بغيض جثم على جسدها الطاهر وناء عليه بكلكله طوال مائة واثنين وثلاثين سنة، وما يزال يتمادى في غيه غير آبه بما قتل وبما شرد وبما دمر وهدم وحطم. وهي تعد العدة لخوض غمار معترك الانتخابات البرلمانية القادمة رزئت جبهة التحرير الوطني منذ بداية السنة الجارية في هرمين من أهراماتها الخالدة، الأمين العام الأسبق للحزب الأستاذ الفاضل عبد الحميد مهري، وأحد مؤسسيها الأوائل كبير حكماء إفريقيا الرئيس الأسبق أحمد بن بلة رحمهما الله وطيب ثراهما. الرجلان اللذان فاق نبأ وفاتهما أصقاع البلد ليمتد إلى أقطار المغرب العربي وإلى غيرها لينالا حيزا من الفضاءات العربية والإسلامية على وجه الخصوص نظرا لنضالهما الإنساني الحقوقي الذي لا يتوقف عند حدود ولا يقتصر على شعب دون آخر مما ميزهما وجعلهما من عمالقة العالم نضالا وتاريخا وإنسانيا. إن كانت أربعينية الأستاذ عبد الحميد مهري ما تزال تنظم هنا وهناك في الوطن تكريما له وتمجيدا لسيرته الحميدة ولنظافة يده، ها هو الرئيس الفال لكل الجزائريين الذين عرفوا معه أول رئيس جمهورية بعد التحرر والإنعتاق من قبضة الاستعمار الفرنسي الغاشم ، الرئيس الذي اعتقل من أجل الجزائر قبل الثورة وأثناء الثورة وبعد الثورة، هذا الذي أفنى شبابه بل عمره من أجل بلده هو الآخر، هاهم الأفاضل الأوفياء من رفاقه على قلتهم ومن أبنائه لا ينكرون عليه فضله فأقاموا له جنازة رئاسية في مستوى شخصه وفي مستوى عطائه وتفانيه، تميزت بالتقدير له وبالترحم عليه. وما يزال أبناء حزب جبهة التحرير الوطني في كل لقاءاتهم وهم ينظمون مهرجاناتهم الانتخابية يقفون وقفة إجلال واحترام وترحم تبجيلا منهم ووفاء لشخصه الكريم ولجليل أعماله ودماثة أخلاقه. هكذا وهم في مرحلة تنادي بالتغيير والتجديد والتحديث والتي يتجاوبون معها ويؤكدون في أرض الواقع محاسنها، بعد الدراسة والتمحيص لمفاصل التحول فيها ودواعي النجاح بما يضمن الاستمرارية والاستقرار والتطور، لم ينسوا من جهة أخرى التذكير بالأمجاد وبمن حققوا المجد وسجلوا بأحرف من ذهب الانتصارات تلو الانتصارات في مراحل أشد خطورة وأكثر صعوبة في شتى المجالات وفي مختلف الميادين ولتستلهم منهم الأمثلة الحية وتستنبط من مناقبهم الدروس والمواعظ، لتفعل الأجيال اللاحقة على ضوء برامجهم أعمالها وتسجل أهدافها، ولنتخذهم قدوة يحتدى بها ونماذج حية تبنى على نمط تجاربهم الناجحة مخططات النمو وترسم دروب التقدم وتعبد سبل حب الوطن والوقوف بحزم وبعزم ضد كل من يسئ إليه وفي وجه أي محاولة تدبر لضرب استقراره وأمنه وتقدمه. لا شيء أكثر من الاستعمار وعلى وجه الخصوص الاستعمار الفرنسي الاستيطاني وقد نجا منه الجزائريون في أحلك الأيام وأصعبها وذلك على أيدي كبارها من أمثال هؤلاء وهم غض في ريعان شبابهم، فإن الدعوة الملحة اليوم هي أن يعرف شباب اليوم والجزائر تعيش زمنا موبوءا من حولها وحراكا من داخلها أن يعرفوا كيف يمررون رسالة الانتخابات البرلمانية للعاشر ماي القادم بسلاسة وبقوة تدحض ادعاءات الخارج وتسكت أبواق الداخل وما ذلك بعزيز على الشعب الجزائري العزيز..!؟