يتحدث أقطاب تكتل الجزائر الخضراء في آخر تصريحاتهم على حصولهم على أكثر من 120 مقعدا في البرلمان القادم وهم بهذا المعنى يفترضون أنهم يحوزون تقريبا على ثلث أصوات الناخبين، وقبل ذلك كان الدكتور عبدالرزاق مقري قال إن الانتخابات القادمة ستكون نزيهة وفقط إذا حاز فيها الإسلاميون على الأغلبية ، لكن الأهم من كل هذا أن تكتل الجزائر الخضراء لم يعرض الأسس والركائز التي استند عليها في توقعاته المفرطة في التفاؤل. في كل دول العالم وخاصة تلك التي عرفت فيها علوم الإعلام والاتصال قفزة نوعية تشكل عمليات سبر الآراء التي تجرى مجرد مؤشر لقياس مزاج الناخبين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتداد بها للوصول إلى نتائج حاسمة وقطعية فيما يتعلق بنتائج أي انتخابات. أما في الجزائر فلا يجد تيار سياسي حرجا في التبشير بأنه سيحصل على الأغلبية في البرلمان القادم والأخطر من ذلك أنه يشترط نزاهة هذه الانتخابات بفوزه بها من دون أن يكون لكلامه أي أساس سياسي أو علمي يسمح بأخذ كلامه على محمل الجد. من الناحية السياسية البحتة وبلغة التحليل فإن تكتل الجزائر الخضراء هو أكبر الخاسرين في الانتخابات القادمة ولعدة أسباب واقعية ، ربما يكون أهمها أن هذا التحالف الذي تشكل بعد خروج حركة حمس من التحالف الرئاسي يمثل الحلقة الأضعف في تركيبة التيار الإسلامي وهو أقرب ما يكون إلى "تحالف المنكسرين"؛ فحركة سلطاني وهي الفصيل الأهم والأكبر في تكتل الجزائر الخضراء تعاني من تشرذم وانقسام حاد ومؤثر، لأن الذين شقوا عصا الطاعة عن الحركة ليسوا مجرد مناضلين من الدرجة الثانية أو الثالثة، بل هم من القادة المؤسسين للحركة ولهم وزنهم وثقلهم على مستوى قواعد حركة الراحل محفوظ نحناح ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أحمد الدان وفريد هباز وعبد المجيد مناصرة، هذا الأخير الذي نجح في تشكيل حزب سياسي جديد يتبنى خطا راديكاليا ومعارضا لحمس والتكتل بشكل عام. أما بقية أضلع مثلث تكتل الجزائر الخضراء فهو يتشكل من بقايا حزبين سياسيين أسسهما الشيخ عبد الله جاب الله وهما حزب النهضة والإصلاح ولم ينجح هذين الحزبين في الانتخابات الماضية في تحقيق أي انجاز يذكر وإذا ما أبعدنا التصريحات النارية والمتكررة لحزب النهضة مثلا عبر وسائل الإعلام، فإنه من الناحية الواقعية والفعلية لا يوجد لهذين الحزبين أي تأثير يذكر في الميدان. الحديث عن وعاء انتخابي مهم لتكتل الجزائر الخضراء ليس له ما يؤسسه لا من جهة سبر الآراء وقياس اتجاهات الرأي ولا النتائج السياسية للأحزاب المشكلة لهذا التكتل والأهم من ذلك أن حالة الانقسام الذي يشهده التيار الإسلامي ينقص من حظوظ التكتل بشكل كبير ، يضاف إلى كل ذلك أن الأحزاب والشخصيات الجديدة التي دخلت معترك المنافسة الانتخابية كلها عوامل تجعل الحديث عن أغلبية للتكتل حديثا سابقا لأوانه.