يطل غدا على الساعة السابعة مساءا الأمين العام للحزب العتيد عبد العزيز بلخادم على متصفحي موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك ليجيب على أسئلة وتساؤلات زوار أكبر فضاء افتراضي موجود على الشبكة العنكبوتية، في سابقة أولى يبادر بها أمين عام حزب سياسي، وخطوة تكشف أن الحراك السياسي في الجزائر يشهد نقلة نوعية على مستوى الأداء والتفكير من قبل بعض التشكيلات السياسية ومن بينهم الأفلان، فيما يجتهد آخرون في أن يظلوا حبيسي نظرة متخلفة في التعاطي مع المنافسة السياسية من خلال تبني أسلوب التهريج والبكائيات. إقدام عبد العزيز بلخادم والفريق القائم على الحملة الانتخابية للأفلان على فتح نافذة مباشرة للتواصل مع زوار الفايسبوك يحمل أكثر من دلالة سياسية، لعلّ أهمها أن الطريق الوحيد لتحويل العمل السياسي إلى أداة للتغيير السياسي والاجتماعي والثقافي هي عبر فتح المجال لجميع المبادرات وعلى أكثر من جبهة وصعيد، الأمر الذي دفع الحزب العتيد للتوجه إلى قطاع معين من الجمهور يتميز بشكل أساسي بمستوى تعليمي وثقافي في حده الأدنى متوسط ويصل إلى الجيد والمرتفع في بعض الأحيان. أما الاعتبار الثاني الذي لبهذه التجربة الأولى من نوعها في الجزائر هو أنه عادة ما يكون جمهور الفايسبوك من فئة الشباب الذي يجد في الفضاء الافتراضي متنفسا له بعيدا عن حالة الإحباط وخيبة الأمل التي قد تسببها ممارسات بعض السياسيين الجزائريين وخاصة ذلك النوع من الساسة الذي لازال غارقا في لغة الخشب وبيع الأوهام وتمثيل دور الضحية. لهذه الاعتبارات والمعطيات يكون الحزب العتيد قرّر إعادة ربط هذه الفئة من الناخبين بالحياة السياسية ولو عن طريق النقاش الحاد أحيانا، لأن الأكيد أن تعليقات وأسئلة بعض الشباب ستكون حتما حادة أو منفلتة نسبيا، لكن ذلك لم يمنع الأمين العام للأفلان من خوض التجربة ، لأن الحوار والنقاش مع الجميع وبكل الوسائل المتاحة هو السبيل الوحيد لتفكيك الألغام الاجتماعية والثقافية الموجودة في الجزائر العميقة وجمهمور الفايسبوك والشباب بشكل عام هي أحد هذه المعارك المهمة ، إن لم تكن هي المعركة الأهم وإحدى مؤشرات نجاح مشروع الإصلاحات السياسية في الجزائر هو استعادة ثقة الشباب وإدخالهم في صلب العمل والنقاش السياسي حول قضايا الوطن. على صعيد آخر فإن من المتتبعين للشأن الوطني من يرى في خطوة الأمين العام للأفلان بمثابة مفارقة حقيقية، فمن جهة نجد أن الأحزاب التي تدعي الحداثة والانفتاح وترافع لصالح الشباب والتشبيب وتطالب بإدخال الأفلان للمتحف على اعتبار أنه حزب هرم من الناحية السياسية والتنظيمية تعجز على أن تجعل من حملتها الانتخابية حراكا سياسيا واجتماعيا ملموسا كما أنها أبعد من أن تقترح أو تبادر بخطوات مبتكرة وجديدة في الممارسة السياسية، في حين أن أعرق وأكبر الأحزاب السياسية في الجزائر هو من أخذ زمام المبادرة في إحدى أكثر المجالات الاتصالية حداثة وحيوية وهي مخاطبة مجتمع الإنترنت وشباب الفايسبوك على وجه التحديد، على طريقة تعاطي بعض الساسة في الغرب مع الناخبين. وقطعا فإن نجاح أي حزب في الوصول إلى الناخبين لا يكون عبر البكائيات والهرج أو عبر توزيع الاتهامات على الجميع وإنما باقتراح البدائل السياسية والاتصالية سواء على مستوى مضمون البرنامج المعروض على الناخبين أو على مستوى الوسائل والوسائط والأدوات المعتمدة للدعاية لهذا البرنامج السياسي، وهو إشارة واضحة على أن الأحزاب التي تتميز بالديناميكية السياسية والفكرية والعلمية هي فقط من تستطيع أن تحافظ على لياقتها السياسية وتبقى دائما قادرة على مخاطبة الجميع شيبا وشبابا وأن من يدعو بضرورة وضع الحزب العتيد في المتحف عليه إما أن يدخل معركة المنافسة بشكل جاد ومحترم وفاعل أو أنه سيجد نفسه خارج التاريخ وليس في المتحف.