كل الوسائل مباحة من أجل الوصول إلى الرئاسة في فرنسا، فقد ترك الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي الحديث عن الاقتصاد والبدائل الممكنة من أجل تحسين الوضع الاجتماعي للفرنسيين وغرق في الخطاب العنصري المتطرف، فالهدف المعلن اليوم هو الاستحواذ على أصوات اليمين المتطرف التي تقارب 18 بالمائة. من أجل كسب ود أقصى اليمين لم يتردد ساركوزي في وصف منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند بمرشح الهجرة الذي لقي الدعم من قبل أكثر من عشرين مسجدا، وهذه الحملة العنصرية هي التي تطبع اليوم السياسة في فرنسا حيث تعتقد الأغلبية أن الموقف من المهاجرين والإسلام هو الذي سيرجح كفة فريق أو آخر في الدور الثاني من الانتخابات يوم السادس ماي القادم، وحتى الصدمة التي تلقاها بعض اليمينيين بعد تطرف ساركوزي لا يمكنها أن تبيض التوجه العنصري للنخب السياسية في فرنسا بصرف النظر عن الخلافات الإيديولوجية التي تقسم هذه النخب. عندما طرح قانون حظر النقاب في البرلمان الفرنسي امتنع النواب الاشتراكيون عن التصويت، واليوم يقول هولاند بأنه لن يعيد النظر في القانون، وأكثر من هذا هو يعد بالحد من الهجرة مثلما يفعل ساركوزي رغم الاختلاف في آليات منع الهجرة وطرد المهاجرين غير الشرعيين، ولا يمكن أبدا أن ننسى أن قانون 23 فيفري الذي يمجد الاستعمار نال تزكية الاشتراكيين أيضا. ما يلاحظ اليوم على الساحة الفرنسية هو تحول معاداة المهاجرين إلى ثابت في السياسة الفرنسية، والصراع بين اليمين واليسار للعب هذه الورقة هو الذي يدفع ساركوزي إلى مزيد من التطرف حتى باتت الحدود التي تفصل بينه وبين جبهة المتطرفة مارين لوبان باهتة جدا، بل إن أقصى اليمين لا يريد أن يقدم توصية بالانتخاب لصالح ساركوزي من أجل دفعه نحو مزيد من التطرف. الأسهم الأكثر ارتفاعا في بورصة السياسة الفرنسية هي أسهم الكراهية والعنصرية، وإذا استمر الأمر على هذا النحو فسيكون من الصعب بعد سنوات التفريق بين اليمين واليسار في بلد يرفع شعار الحرية والمساواة والأخوة.