جددت الرباط تحاملها على الجزائر بشأن مسألة فتح الحدود، وجاء التحامل هذه المرة على لسان الملك محمد السادس الذي انتقد ما أسماه "تجاهل الجزائر" للدعوات المغربية لفتح الحدود، واصفا الموقف الجزائري ب "الأحادي"، ومقابل ذلك لم يخف ملك المغرب عزم بلاده على مواصلة محاولاتها لإقناع الجزائر بفتح حدودها. استغل العاهل المغربي محمد السادس مناسبة الذكرى السنوية التاسعة لتوليه عرش المملكة المغربية ليتحامل مرة أخرى على الجزائر، فبعد أشهر طويلة من الدعوات المتكررة والمكثفة التي وجهت للجزائر لفتح حدودها المغلقة مع المغرب منذ 1994، أطلق العاهل المغربي انتقاداته مبديا عدم رضى المملكة على ما لم يتوان في وصفه ب "تجاهل الجزائر" لكل الدعوات التي وجهها المغرب لها لفتح الحدود. وركز الملك محمد السادس في كلمته على النزاع حول الصحراء الغربية- الذي أكدت بشأنه المجموعة الدولية أن طرفيه هما جبهة البوليساريو والمغرب، ولا علاقة للجزائر بالقضية- معتبرا إياه السبب الرئيسي في غلق الحدود بين البلدين، حيث قال في هذا الصدد "مهما كان اختلاف وجهات النظر في هذا النزاع فإنه لا يبرر استمرار غلق الحدود"، وهنا تجاهل العاهل المغربي الخوض في الأسباب المباشرة التي تتحفظ حولها الجزائر لإبقاء غلق الحدود على حاله ومن ذلك كثرة مشاكل تهريب المخدرات إلى جانب أن فتح الحدود في الوقت الراهن قد يسهل حركة العبور في أوساط الجماعات المسلحة التي تتخذ من المغرب العربي مكانا لتنفيذ مخططاتها الإرهابية. وفي سياق ذي صلة لم يتردد الملك محمد السادس في وصف رفض الجزائر فتح حدودها مع المغرب ب "الإجراء الأحادي، والعقاب الجماعي الذي يعيشه الشعبان الشقيقان"، معتبرا أن غلق الحدود "عقاب جماعي" يتنافى مع أواصر أخوتهما التاريخية ومستقبلهما المشترك، ومع مستلزمات الاندماج المغاربي، مع أن الجزائر أكدت في أكثر من مرة أن قضية فتح الحدود ليست أولوية في الوقت الراهن، وأن ذلك مرتبط بزوال أسباب غلقها. وبهذا يكون الملك المغربي قد قفز على حقيقة هامة مفادها أن الجزائر لم تكن السباقة إلى غلق حدودها مع المغرب بل إنها أقدمت على ذلك مضطرة ردا على قرار الرباط تعليق منح التأشيرة للجزائريين، في وقت كانت فيه الجزائر تعاني من ويلات سنوات العشرية السوداء. وفي سياق متصل هدد الملك المغربي بمواصلة اتخاذ بلاده كل المبادرات من أجل فتح الحدود مع الجزائر، ومن أجل تطبيع العلاقات مع الجزائريين، بدعوى أن ذلك من شأنه أن يدعم شراكة بناءة بين الطرفين، كما أكد الملك محمد السادس رفضه لما أسماه ب "محاولة فرض أمر واقع أو المس بحوزة التراب الوطني" في إشارة صريحة إلى مسالة الصحراء الغربية التي ما زالت عالقة. لهجة الانتقاد التي تحدث بها العاهل المغربي تدل على أنه كان يتوقع من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن يشير ولو إشارة صغيرة إلى مسألة فتح الحدود بعد كل الدعوات التي وجهت إليه في الرسالة التي بعث بها إليه أول أمس لتهنئته على الاحتفال بالذكرى التاسعة لتوليه العرش، لكن رسالة رئيس الجمهورية جدد فيها حرصه وعزمه لتعزيز التعاون بين الجزائر والمغرب خدمة لشعبي البلدين قائلا "أجدد لجلالتكم حرصي الأكيد وعزمي الوطيد على السعي ما وسعني الجهد لتوثيق عرى القربى و المودة التي تجمع شعبينا ومواصلة العمل معا لتحقيق كل ما يعود عليهما بالخير والازدهار"، دون أن يشير إلى مسألة فتح الحدود أو يذكرها.