صعد العاهل المغربي محمد السادس من لهجة الاتهامات التي توجهها الرابط إلى الجزائر بسبب موقفها الداعم لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما ألقى هذا الأخير باللائمة على الجزائر في ما يتعلق بمسألة غلق الحدود بين البلدين، متهما إياها بالتسبب في زعزعة استقرار منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا. عادت الرابط للمناورة من جديد من أجل توريط الجزائر في القضية الصحراوية من جهة، ودفعها إلى الاستجابة إلى مطالبها من أجل فتح الحدود من جهة أخرى، وقد استغل العاهل المغربي هذه المرة ما يعرف بذكرى الثالثة والثلاثين ل "لمسيرة الخضراء" ليصعد لهجة الاتهامات التي وجهت إلى الجزائر من قبل عدة مسؤولين مغربيين في مناسبات مختلفة، ليعتبر وقوفها إلى جانب الشعب الصحراوي عرقلة لمسار حل النزاع في الصحراء الغربية، متهما إياها بالوقوف في وجه تطبيق المقترح المغربي الذي يقضي بمنح حكم ذاتي للصحراويين تحت سيطرة المغرب، وهو المقترح الذي رفضته جبهة البوليساريو الممثلة للشعب الصحراوي، والتي مازالت تخوض مفاوضات أممية من أجل الوصول إلى حل عادل لقضيتها. تحامل العاهل المغربي على الجزائر، اتخذ هذه المرة بعدا أكثر عمقا، عندما حاول هذا الأخير في خطابه أن يجعل من الجزائر ومن خلال موقفها الداعم لجبهة البوليساريو المسؤول الأول والأخير على عدم استقرار منطقة شمال إفريقيا بأكملها، متهما إياها بالوقوف في وجه كل المبادرات الساعية إلى التكتل لمواجهة الأخطار التي تترصد بالمنطقة، وقال محمد السادس في هذا الصدد "إن موقفها الرسمي -أي الجزائر-، يسعى لعرقلة الدينامية الفاضلة التي أطلقتها المبادرة المغربية، مسخرة طاقاتها لتكريس الوضع الراهن، المشحون ببلقنة المنطقة المغاربية والساحلية، في الوقت الذي تفرض عليها التحولات الإقليمية والعالمية التكتل لرفع ما يواجهها من تحديات تنموية مصيرية، ومخاطر أمنية ". وتصر الرباط في كل مرة على أن الجزائر طرف من أطراف النزاع في الصحراء الغربية، على الرغم من أن هذه الأخيرة أكدت على لسان عدد من مسؤوليها أنها مجرد ملاحظ، وأن الشعب الصحراوي هو من يقرر مصيره. وبعيدا عن القضية الصحراوية، اتخذ العاهل المغربي في خطابه أمس، من مسألة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب حلبة أخرى للمناورة، حيث دعا الجزائر إلى أن تفصل مسألة فتح الحدود مع المغرب عن قضية الصحراء الغربية - التي سبق وأن اتهم الجزائر بإعاقة تسويتها- مجددا التأكيد على ضرورة الاستجابة لمطالب المغرب المنادية بفتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ عام 1994. وعلى غرار القضية الصحراوية، حاول ملك المغرب أن يضفي على مسألة غلق الحدود بين البلدين بعدا إقليميا، مجددا اتهام الجزائر بالوقوف في وجه استقرار المنطقة من خلال إصرارها على عدم التجاوب مع مطالب المغرب لفتح الحدود، وفي ذيلك يقول قال محمد السادس "إن التمادي في رفض كل مساعي التطبيع المغربية أو تلك المبذولة من بلدان شقيقة وصديقة وقوى فاعلة في المجتمع الدولي، يعد توجها معاكسا لمنطق التاريخ والجغرافيا الذي يتنافى مع إغلاق الحدود بين بلدين جارين شقيقين". وواصل الملك المغربي العزف على وتر الوحدة المغاربية عندما أكد أن تشبث بلاده بفتح الحدود وتطبيع العلاقات ليس إلا وفاء لأواصر الأخوة وحسن الجوار وتمسكا بحقوق الإنسان في حرية التنقل والتبادل وكذا استجابة لحتمية الاندماج المغاربي، متناسيا أن غلق الحدود بين البلدين جاء نتيجة ظروف كان المغرب سببها وتشترط الجزائر اليوم إزالتها من أجل الموافقة على إعادة فتح الحدود، خاصة وأن الجزائر قد عانت كثيرا جراء هذه الظروف، كما تناسى العاهل المغربي بعض الحقائق التاريخية التي تؤكد أن غلق الحدود بين البلدين جاء نتيجة قرار مغربي أحادي عام 1994 ليزيد من محاصرة الجزائر في فترة حرجة.