الآن وقد حصحص الحق وزهق الباطل، وأبطل الله أبواق من أرادوا إطفاء نوره بأفواههم، وهو الذي أراد أن يتمه بقضائه وقدره الذي لا مرد له. الآن وقد أكد الشعب الجزائري لثالث مرة التفافه حول جبهة التحرير الوطني والتصاقه بها، وهي التي أخرجته مرة أخرى من محنة المأساة الوطنية التي عاشها في غيابها أثناء العشرية ما قبل الأخيرة. يؤكد الشعب بهذا مدى حرصه على أمنه واستقراره كلما اشتد الخطب وحام حول حماه غراب الهزات التي داهمت بعض البلدان العربية، والتي سبق وأن تعرض إلى مثيلاتها وخرج منها موحداً بعد وئام مدني ومصالحة وطنية أشاعت بين أعضائه روح التسامح والصلح والعفو. إنه يعي بذلك صراع التفكير ومطبات التغيير ومتطلبات المرحلة، من حيث أنه حريص على رسم شكلها ومضامينها، وما هي العناوين والعناصر التي سوف تكون على أجندة برنامج الحكومة القادمة، وقدرة التنبؤ بالتنور في شؤون الزمن القادم بنكهة برلمانية نسائية. إن الشعب الجزائري قد حسم الجدل بشأن الانتخابات البرلمانية التي ستضع بصماتها على المشهد السياسي، وهي تمد يدها لتصل إلى تشكيل حكومة جديدة تتوافق والنسب المحصل عليها والتي وزعها الشعب بكل سيادة وعدل وإنصاف على الأطياف المشاركة في هذا الاستحقاق النوفمبري الذي يتصادف وإحياء الذكرى الخمسين لاستعادة السيادة الوطنية. والمناسبة هذه، إن الاكتساح المهول لمنح من مقاعد الغرفة السفلى العدد المريح الذي يضاف إلى العدد المريح في الغرفة العليا للجبهة لم يأت اعتباطا أو بمحض المصادفة. إنما الشعب لما أراد أن يجسم إرادته في أرض الواقع اختار لها المنأى والمأمن والأمان، والملاذ بدل المغامرة. الآن ما يجب إلا أن تقبل إلى الانتخابات بالاحتكام إلى السياسية التي أفرزتها، بعيدا عن التشكيك في عملية لا غبار عليها بارك إنجازها وانتصارها الداخل والخارج، والتي كانت في عشيتها منارة الديمقراطية العالمية وصارت عند البعض في غداتها مصدر قلق، وأحكام افتراء لحكم الشعب الذي رفض فيه المجازفة. الآن وقد حصحص الحق وزهق الباطل، وشهد كل من تسعى به قدم داخل وخارج البلد أن هذا الحزب الذي يسمى جبهة التحرير الوطني قد تعزز تجذره وتعمق في صفوف الجماهير من الجنسين، ومن كل الأعمار، وبخاصة في الذكرى الخمسين لعيد الاستقلال. وهم لا ينكرون على أهل الفضل فضلهم من أبنائه. إنه بحق الآلية التي كلما هبت رياح التشكيك والتردد. كلما اعتنق جبله الشعب الجزائري متحصنا مستنصرا، يأمل في المزيد من الرخاء والطمأنينة والاستقرار. هكذا يكون الشعب الجزائري الأنموذج الاستثناء عند المحك، وهكذا يكون حزب جبهة التحرير الوطني المثل الأعلى عند الشدائد. فما أشبه اليوم بالبارحة، والمناسبة نوفمبرية دون منازع والقوس ترسو على باريها بالرغم من صعوبة الامتحان وعنف المباراة. فمبروك ألف مبروك " للشعب وللحزب " التوأم الحامل لنفس جينات الانشغال ولذات آفاق مرامي الطموح والأهداف، وماذا لو كانت نسبة الإقصاء 10%... !؟.