تحتضن اليوم الهياكل التربوية عبر كامل التراب الوطني أزيد من 600 ألف تلميذ في امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي، ولأول مرة تُخضعُ وزارة التربية هذا الامتحان لإجراءات خاصة مماثلة في صرامتها لما هي عليه في امتحاني البكالوريا والتعليم المتوسط، من حيث التصحيح والإغفال، ومجمل الاحتياطات والإجراءات الأمنية الأخرى المشددة، قصد إعطاء مصداقية أكبر لهذا الامتحان، وتفادي كل الشبهات، وضمان المستوى المطلوب له. لأول مرة في تاريخ امتحان نهاية مرحلة التعليم الابتدائي تعمد وزارة التربية الوطنية لتسطير إجراءات عملية خاصة بهذا الامتحان، لا تختلف عن تلك التي أقرتها منذ سنوات بالنسبة لامتحاني البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، وهذه الإجراءات تتمثل في إقرار عملية إشراف وتأمين واسعة النطاق، للسير الحسن لهذا الامتحان، سُخّرت لها إمكانيات مادية وبشرية ضخمة، سوف يُعتمدُ فيها مخطط وقائي عملياتي أمني لمراكز الطبع، وإجراء الامتحانات، ومراكز التجميع والترميز، والتصحيح، وستتواصل بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية بضمان التكفل التام بعمليات نقل المواضيع وأوراق الإجابات صوب مراكز الامتحان، ومديريات التربية، وستُستكمل هذه العمليات بضمان نقل أوراق الأجوبة من مراكز الامتحان إلى مديريات التربية، ومن هذه الأخيرة إلى مراكز التصحيح، ومراكز الإغفال، هذا زيادة عن الدور الهام الذي تقوم به قوات الشرطة في محيط المؤسسات التربوية وغيرها، وكذا طواقم الوزارة نفسها، وطواقم وزارة الصحة، والحماية المدنية، ومديريات التجارة. يُضافُ إلى ما سبق، وهذا هو الجديد والأبرز، ويتعلق الأمر هنا بأن وزارة التربية الوطنية أقرت كالعادة عددا مُحددا من مراكز إجراء الامتحان عبر كامل تراب البلاد، ولكنها في نفس الوقت أقرت لأول مرة تسعة مراكز لإغفال أوراق الامتحان، وعلى أن يتم تصحيح هذه الأوراق في مواقع غير التي أُُجري بها الامتحان، وهدف الوزارة من هذا الإجراء هو ضمان المستوى المطلوب، والنزاهة والمصداقية اللازمتين لهذا الامتحان، الذي هو بمثابة الجسر الفاصل بين مرحلتين هامتين من التعليم القاعدي الأساسي، وبهذا تكون وزارة التربية قد أشركت هذا الامتحان في الإجراءات الصارمة، التي اعتادت على اعتمادها في امتحاني البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط ، وهي إجراءات كان لها الفضل الأكبر في ضمان المساواة والحظوظ في النجاح بين كل التلاميذ. والأمر الآخر الذي يبدو أن الوزارة حرصت عل تفاديه بهذه الإجراءات، وهو أن نسب النجاح والمعدلات أصبحت مضخمة أكثر من ذي قبل، لكون الوزارة فضّلت في السنوات الأخيرة اعتماد قاعدة الحساب والعقاب للمسؤول الأول عن كل هيكل تربوي ومن معه، لا يتمكّن من الحيازة على النتائج المرجوة، وقد ترتب عن هذا أن أصبح عدد من هؤلاء المسؤولين ولا أقول كلهم يتحايلون على تجنيب أنفسهم من هذا الحساب والعقاب بفسح المجال لممارسات منافية للأخلاق والقواعد التربوية والبيداغوجية المتعارف عليها. وما يُمكن التذكير به هنا أن وزارة التربية أقرت دورة ثانية للتلاميذ المتعثرين في هذه الدورة، وتاريخها هو يوم 26 جوان، وذلك من أجل تمكين أكبر عدد ممكن من النجاح، والمرور إلى السنة الأولى متوسط، التي تستغرق الدراسة فيها أربع سنوات، على خلاف ما كانت عليه من قبل بثلاث سنوات فقط في الإكمالي، وستّ سنوات في الابتدائي، ولقد جرت العادة تقريبا على ضمان النجاح ومواصلة الدراسة لأكثر من 85 بالمائة من مجموع التلاميذ الممتحنين، في الدورة الأولى، وعلى أن ترتفع هذه النسبة بأزيد من 10 بالمائة، لتُقارب ال 97 بالمائة، وهي صمام أمان تحمي التلاميذ في هذه السن المبكرة من التسرب المدرسي، وتضمن لهم مجانية وإجبارية التعليم، التي نص عليها الدستور، وقوانين الدولة.