أكد السفير السعودي بالجزائر، الدكتور سامي بن عبد الله الصالح ل »صوت الأحرار«، أن العلاقات الجزائرية السعودية أسمى وأرفع من كل المغالطات التي تسعى على تشويهها، حيث أشار إلى الاحترام المتبادل بين قيادات البلدين في إطار الاتصال المباشر والتنسيق المتواصل بين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وخادم الحرمين الشريفين، مواضيع كثيرة على غرار التعاون الأمني، السياسي، الاقتصادي والثقافي بين السعودية والجزائر، إضافة إلى التحضيرات الجارية استعدادا لموسم الحج وغيرها من القضايا التي خاض فيها السفير السعودي بقلب مفتوح وبكل جرأة خلال هذا الحوار. *تابعتم الحراك السياسي الذي عرفته المنطقة العربية، إضافة إلى مسار الإصلاحات السياسية التي انتهجته الجزائر استكمالا لمشوار التعددية والديمقراطية، ما هو موقف المملكة العربية السعودية من التجربة الديمقراطية في الجزائر وكيف تقيّمون نهج الإصلاحات الذي خاضه هذا البلد؟ بحكم عملي في الجزائر، كانت لي فرصة متابعة الإصلاحات التي شرعت فيها السلطات الجزائرية بقيادة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة منذ سنوات عديدة وليس من خلال سنة فقط، الرئيس كان يسعى للرفع من مستوى الجزائر أمام جميع دول العالم، وفيما يخص المسار الديمقراطي فقد أطلق بوتفليقة حزمة من الإصلاحات وكان بالفعل عند وعده والتزم بكل ما صرح به، حيث تم تعديل واستحداث كثير من القوانين التي أقرها البرلمان الجزائري بغرفتيه، إضافة إلى ما هو قادم والذي أظن أنه أفضل، خاصة وأن مسار الإصلاحات توج بالانتخابات التشريعية التي تمت في ظروف حسنة ونحن كمشاهدين ومتابعين لها نؤكد أن العملية تمت بنجاح وفي شفافية تامة والملاحظين الدوليين اطلعوا على العلمية من الألف إلى الياء وما أفرزته من نجاح، وعليه أتمنى أن تستمر الجزائر في هذا المسعى لأنها بالفعل حققت قفزة نوعية في التجربة الديمقراطية. *نسبت تصريحات لممثل المملكة العربية السعودية بجنيف تتعلق بالتشكيك في نتائج الانتخابات التشريعية التي عاشتها الجزائر يوم 10 ماي واعتبارها نتائج سلبية تمس بحقوق الإنسان والحريات العامة؟ هذه المعلومات غير صحيحة لأنه لا المملكة ولا مندوب المملكة في جنيف يمكنه أن يذكر مثل هذه الأمور على بلد عربي شقيق لأن العلاقات ين البلدين أرفع وأسمى وأكبر بالنسبة لبلدين مثل لجزائر والمملكة يملكان حجما ثقيلا في المنطقة. هذه التصريحات لا يمكن أن تصدر من مندوب المملكة العربية السعودية. كما أن التنسيق والدعم بين البلدين موجود على مستوى جميع المنظمات الإقليمية والدولية ويتم على أحسن حال، وبالتالي لا أستطيع تفسير هذا الخبر، حيث أن الاجتماع تم في جنيف، بينما المراسلة في إحدى الجرائد جاءت من مصر ومن طرف معارض سوري، إضافة إلى أنها لم تنشر إلا في جريدة واحدة، وعليه من يملك العقل والمنطق السليم يستطيع فهم القصد من وراء ذلك ويبقى أن مثل هذه المحاولات لن تنجح في التأثير سلبا على العلاقات الثنائية بين البلدين. *كيف تتابع المملكة العربية السعودية الحراك العربي الحاصل؟ المملكة العربية السعودية أكدت منذ البداية احترامها وتقديرها لإرادة الشعوب وما قد يتمخض عن هذه الإرادة، هو مبدأ راسخ وأساسي من مبادئ السياسة الخارجية يقضي بعدم التدخل في سيادة الدول، بل بالعكس فإننا نحترمها ونقف معها قلبا وقالبا. *هناك أطراف تتهم اتهام السعودية بأن لديها يد فيما يحدث في سوريا؟ سوريا مثلها مثل أي دولة تمر بظروف صعبة على غرار ما حدث في ليبيا، تونس ومصر ولكن النظام السوري لم يستطع التعامل مع مطالب الشعب السوري ولجأ إلى أسلوب العنف والدم والمملكة تقف ضد هذا الأسلوب والعالم كله يقف ضد هذا الأسلوب، وفي رأيي فإن الحل لا يمكن أن يكون بإراقة الدماء ولا يوجد إنسان عاقل أو منصف يقبل ما يحدث في سوريا. *الخبير الفرنسي ريشارد لابيفيير قال إن التيار الوهابي بزعامة السعودية وقطر يساهم في تغذية الثورات العربية والأزمة في منطقة الساحل خدمة لمصالح أمريكا وإسرائيل؟ لقد قرأت لهذا المفكر الفرنسي، لكن مثل هذه الكتابات لا تقوم على أسس علمية صحيحة، حيث أن الثورات العربية التي تمت جاءت نتيجة سلب إرادة الشعوب ولا قطر والمملكة السعودية يمكنها أن تتدخل إذا أراد الشعب التغيير وهو لا يحتاج لمن يدعمه. ففي سوريا نجد شعبا أعزلا يواجه منذ سنة ونصف نظاما مدججا بالأسلحة ويأتيه السلاح من كل مكان مع الأسف، إضافة إلى الدعم الإقليمي الكبير الذي يحظى به نظام الأسد، للقضاء على هذا الشعب. أما فيما يخص منطقة الساحل، لا أعتقد أن المملكة ودول مجلس التعاون ليس لديها مصالح بالعكس هي تسعى الى إقامة علاقات متينة ولا يمكن تصور أن المملكة تسعى لخلق مناخات فيها نوع من الاضطرابات أو التوترات. *بالنظر إلى هذه المعطيات، ما الدور المنتظر من السعودية في المنطقة العربية والمغاربية بحكم أنها كذلك قبلة المسلمين وتتمتع بموقع جيو سياسي متميز؟ المملكة لها وزن كبير من خلال وجود الحرمين الشريفين وباعتبار أنها أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم، إضافة إلى ما تملكه من مكانة سياسية بوجود خادم الحرمين الشريفين الذي جعل من المملكة تقف على أعتاب الدول المتقدمة، كما أن وجود المملكة ضمن مجموعة العشرين يسمح لها بنقل قضايا ومشاكل العالم الثالث والعالم العربي ككل، وبالتالي فكل هذه المعطيات أعطت مسؤولية وأهمية للمملكة وكذلك في المغرب العربي لأن كل الدول تحتم علينا مساعدتها وقد دعمت المملكة تونس بحزمة من المساعدات بعد سقوط بن علي لعودة الاستقرار ونتمنى الاستقرار في جميع الدول العربية كذلك فيما يخص مجالات التعاون مع أي دولة عربية، فإن المملكة تبقى دائما في الطليعة. *وماذا عن العلاقات الجزائرية السعودية؟ بزعامة القائدين بوتفليقة وخادم الحرمين الشريفين، عرفت العلاقات الثنائية بين البلدين ازدهارا كبيرا، لديهم علاقات متميزة وتنسيق مستمر ومباشر بينهم وأعتقد أن ما وصلنا إليه لم يرق بعد إلى طموحات الشعبين لأننا نتطلع الى أكثر من هذا، وبالفعل سيكون هناك اجتماع نهاية العام الجاري بالجزائر بين وزيري خارجية البلدين، بالإضافة إلى اجتماع اللجنة المشتركة برئاسة وزيري المالية للبلدين وسيتم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم في هذا الإطار ومعالجة بعض القضايا العالقة بين البلدين. وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات السعودية في الجزائر، فهي تشمل عدة ميادين كالصحة، التغذية، البتروكمياء وغيرها من المجالات وقد بلغ حجم الاستثمارات مليار ونصف مليار دولار، فيما بلغ عدد المستثمرين السعوديين في الجزائر حوالي 35 مستثمر، وهي كلها شركات أو مجمعات، ويبقى أن هناك بعض الشركات التي جمعت السعوديين ببعض المؤسسات الجزائرية. هناك مصنع في سيدي عبد الله شغل منذ السنة الفارطة لإنتاج الأدوية، جزء منه موجه إلى السوق الجزائرية والجزء الآخر للأسواق الأجنبية، هو مصنع سعودي 100 بالمائة وهناك مصانع تقام بموجب الشراكة في طب العيون وغيرها من المجالات. *وفيما يتعلق بمجالات التعاون الأخرى؟ هناك تعاون أمني بين البلدين وتنسيق أمني لأننا عانينا مثل الجزائر وككل دول العالم من ظاهرة الإرهاب، كما أن مجالات التعاون تشمل مجالات ثقافية مثل حضور السعودية ومشاركتها في جميع الفعاليات والتظاهرات الثقافية التي تنظمها الجزائر، وقد شاركنا في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وكذا اجتماع وزراء الثقافة للدول الإسلامية وكانت مشاركتنا قوية وقدمنا مجموعة من الأعمال في هذا المؤتمر وفي كل النشاطات التي تقام بالجزائر تحرص المملكة لتكون حاضرة فيها بقوة. *كيف يجري التحضير لموسم الحج المقبل؟ كل سنة لدينا استعدادات ونقوم بتقييم للموسم الفارط ومن ثم الاستعداد للموسم الجديد، في اعتقادي هناك تطور مستمر لتوسعة هائلة في الحرم المكي الشريف سواء على مستوى الساحات الداخلية أو صحن الطواف حتى يتم استيعاب أكبر عدد ممكن من الحجيج، ونتمنى أن تنتهي الأشغال قبل شهر رمضان لاستيعاب أكبر عدد ممكن، ويضاف إلى كل هذا جملة من الاستعدادات اللوجيستية والأمنية ككل مرة، خاصة وأننا نستعد لاستقبال ما بين 3.5 إلى 4.54 مليون حاج. وفيما يخص عملية هدم البنايات القديمة فقد انتهت وتجري الآن عملية تهيئة في الساحات الشمالية التي تعتبر امتدادا للحرم، وهو مشروع يمر على مراحل وينتهي خلال 3 سنوات، هي ساحات للصلاة مزودة بدورات المياه وغيرها من اللوازم، فيما ستقام البنايات بعيدا عن الحرم، ويكون التنقل عبر قطار المشاعر الذي انطلق منذ سنتين وسيعمل هذه السنة بنسبة 100 بالمائة مرورا بمزدلفة ومنن وغيرها من المناطق المجاورة للحرم المكي بما يمكن الحجاج من أداء مناسكهم بكل سهولة. وقد انطلقنا في إنجاز مشروع القطار الكهربائي السريع الذي لربط مكة بالمدينة المنورة والذي سيكون جاهزا سنة 2014، هو قطار سريع يقطع هذه المسافة خلال 2.5 ساعة. إلى جانب قطار سريع آخر بين جدةومكة وفي الأخير فإن كل هذه المنظومة تخدم الحجاج والمعتمرين. *ماذا عن حصة الجزائر في الحج ودور البعثة الجزائرية في التكفل بالحجيج؟ وفقا لهو معتمد في إطار منظومة التعاون الإسلامي، بمعدل 1 بالألف فسوف تستقبل البقاع المقدسة ما يقارب 37 ألف جزائري، أما فيما يخص التكفل بالحجاج الجزائريين وخلال الستة سنوات التي قضيتها في الجزائر كانت لدي فرصة لأقيم عمل البعثة التي يعترف لها كثير من المسؤولين السعوديين بأنها من بين أفضل البعثات، فهناك جهد كبير مبذول من طرف وزارة الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر وكذا ديوان الحج والعمرة. عملها متميز ونتمنى أن يكون أكثر تميزا هذه السنة، خاصة أن مهمتها صعبة من خلال التكفل بهذا العدد الهائل من الحجيج وحتى وإن كانت هناك بعض النقائص فهي تبقى حالات فردية لا تعكس مستوى أداء البعثة الجزائرية وكما أنها تحدث في كل البعثات. وفيما يخص العمرة، هناك زيادة ب 45 بالمائة بالنسبة للمعتمرين الجزائريين والنسبة الأكبر في شعبان ورمضان، فقد تم إحصاء 110 ألف معتمر جزائري منذ بداية مسوم العمرة أي مباشرة بعد المولد النبوي الشريف، ونتوقع ارتفاع عدد المعتمرين في شهر رمضان المقبل إلى 200 ألف وهو رقم قياسي كبير جدا لا أعتقد أن هناك دول الاتحاد المغاربي كلها قد تصل إلى هذا الرقم. وعن تأشيرات المجاملة فهي حق سيادي تمنحه المملكة لبعض الأشخاص ولا يتجاوز المئات وهو لا يؤثر في أي حال من الأحوال على عمل البعثة لأننا نشترط على المستفيد من هذه التأشيرات الحصول على تذكرة الذهاب والإياب وكذا الحجز في البقاع المقدسة حتى لا يكون عبء على بعثة الحج.