حققت البلدان الشريكة المتوسطية، التي تقيم شراكة فيما بينها خلال السنوات الماضية، نتائج معتبرة، في ميدان التشريع المتعلق بالممارسات المهنية، وفي جذب الإستثمارات الأجنبية وفي التوازنات الإقتصادية الكلية، وهذا بفضل المستوى المرتفع لسعر البرميل وبفضل سياق دولي مشجع، ومع ذلك يبقى المناخ العام للأعمال غير مشجع البتة في هذه المنطقة إبن أحمد التقرير السنوي الذي أعدته هذه الهيئة الأورو متوسطية لتسهيل الإستثمار والشراكة (فيهيب)، يضيف: بالرغم من هذا التطور الإيجابي في المنطقة المتوسطية، تبقى عملية خلق مناصب الشغل بالأعداد الكافية، يشكل تحديا حقيقيا، ولو أن البطالة في هذه المنطقة مافتئت تتراجع، لكنها ماتزال تتجاوز %10 في العديد من الدول. ولمواجهة هذه المشكلة يقترح التقرير على البلدان المتوسطية الشريكة "مواصلة الاصلاحات الهيكلية من أجل رفع درجة المنافسة الإقتصادية وتحسين التسيير في القطاع العام وتعزيز دولة القطاع الخاص". كما حققت هذه البلدان الشريكة المتوسطية فائضا تجاريا مقبولا، الا أن هذا يعود بالدرجة الاولى للصادرات البترولية وتحسن المداخيل الخارجية للدول غير البترولية من خلال زيادة مبادلاتها التجارية وارتفاع المداخيل السياحية إلى جانب التحويلات المالية التي يبعث بها مواطنو هذه الدول العاملون بالدول النفطية، أما على صعيد تدفق رؤوس الأموال باتجاه البلدان الشريكة المتوسطية فقد تأثرت هذه العملية بسبب الانعكاسات التي تركتها أزمة العقار الرهني بالولايات المتحدة، فبعد أنه وصل حجم التدفقات 11.5 مليار دولار تراجعت الرساميل الخاصة إلى 8.7 مليار دولار سنة 2007، ويعود هذا التراجع إلى تخفيض القروض التجارية. وخلافا للتقدم الذي حققته البلدان الشريكة المتوسطية من أجل الإندماج مع بقية العالم، فإن الإندماج الإقتصادي لمنطقة جنوب حوض البحر الأبيض المتوسط مازال في بداياته الأولى، "فالمبادرات الجهوية مثل إتفاقية أفادير التي كانت تهدف إلى إنشاء منطقة للتبادل الحر بين (المغرب، تونس، الأردن ومصر) غير موجودة عمليا بالنظر إلى الصعوبات الكبيرة التي تعرفها هذه الإتفاقية عند الإنتقال إلى الجانب التطبيقي". ومع ذلك يقول التقرير أن البلدان الشريكة المتوسطية، اتخذت إجراءات هامة لمعالجة الكثير من نقائص التسيير في هذه المنطقة، من خلال القيام بإصلاحات في مجال الادارة بغرض تحسين فعالية الخدمة العمومية، وهي المشكلة (البيروقراطية ) التي وصفتها دراسة أعدها البنك العالمي سابقا بالمعرقل الاساسي للتنمية في العالم الثالث، فضلا عن الأزمات الكثيرة والمتعددة الاشكال التي يتسبب فيها الجهاز الاداري وفي مقدمة ذلك، فقدان الثقة بين شعوب هذه المنطقة ودولها. وفي المحصلة النهائية مثلما يضيف هذا التقرير: تبقى البلدان الشريكة المتوسطية بعيدة جدا وراء الإتحاد الأوروبي والدول الأسياوية في كافة الجوانب المتعلقة بالتسيير، ومع ذلك ترتب هذه المنطقة في مرتبة أفضل من أمريكا اللاتينية على صعيد نجاعة الادارة وجودة التنظيم وعلوية القانون ومحاربة الرشوة. وبالرغم من هذه المجهودات المبذولة على مستوى الإصلاحات " يبقى مناخ الاعمال غير مشجع بالبلدان الشريكة المتوسطية (جنوب البحر المتوسط)" وعلى هذه الدول بذل المزيد من الجهد لمواجهة التحديات الكثيرة التى تنتظرها سواء على المستوى المتوسطي أو العربي أو الإفريقي...