شرح رئيس بوليفيا إيفو موراليس قراره بطرد السفير الأمريكي بالقول إنه: "يستجيب لنضال الشعوب من السكان الأصليين، ليس في بوليفيا وحدها بل في كل أميركا اللاتينية التي قاتلت خمسمائة عام كل الإمبراطوريات"، وهذا الكلام يعيد فتح ملف بقي مطويا لقرون. موراليس يعيد الصراع إلى جذوره التاريخية ويذكر الغزاة الأوروبيين، الذين يسمون أنفسهم اليوم الأمريكيين، بأن السكان الأصليين الذين أبيدوا بالحروب والأمراض التي جاء بها الغزاة لن يسكتوا عن حقوقهم ولن يخضعوا للسيطرة الأمريكية إلى الأبد، وهذا في حد ذاته تحول مهم في أمريكا اللاتينية التي تتجه إلى تكريس رفض الهيمنة الأمريكية بكل أشكالها العسكرية والسياسية والاقتصادية، وتذكير أمريكا بماضيها يعيد الصراع إلى حقيقته لأن المشكلة بدأت مع الغزو الأوروبي لما سمي بالعالم الجديد، وعقيدة إبادة الآخر التي قامت عليها الولاياتالمتحدة هي التي رسمت سياساتها منذ ذلك الحين. أصبح واضحا الآن أن التاريخ لا يمكن تزويره بشكل نهائي، فكل ما دونه الغزاة من أكاذيب لن يصمد أمام الحقائق التاريخية التي يحييها السكان الأصليون من أمثال موراليس بعد أن تشكلت لديهم نخبة علمية وسياسية قادرة على مواجهة مشروع الهيمنة الأمريكي، وأكذوبة الأرض بلا شعب التي روجها الغزاة الأوروبيون وأعاد حلفاؤهم الصهاينة صياغتها في فلسطين بعد أربعة قرون من ذلك بدأت تسقط اليوم من خلال هذا الالتفاف الشعبي العارم حول مطالب التحرر من الهيمنة الأمريكية ورفض النظام الرأسمالي المجحف، فكل دول أمريكا اللاتينية تتجه اليوم نحو فك الارتباط مع واشنطن التي تتمسك بعملائها من المرتبطين بالشركات الأمريكية والمصالح الرأسمالية الكبرى. لقد أبيد السكان الأصليون لما يسمى اليوم قارة أمريكا، على أيدي المغامرين واللصوص القادمين من أوروبا، وتواصل الولاياتالمتحدة اليوم حرب الإبادة بطرق أخرى من خلال الهيمنة الاقتصادية والتحكم في ثروات هذه الشعوب، ورغم كل ما قد يقال عن الخلل في موازين القوى فإن الإرادة في التحرر والتضامن الحاصل بين كل شعوب أمريكا اللاتينية سيجعل هزيمة أمريكا أمرا مؤكدا.