سألني صاحبي : لماذا نفرح بارتفاع أسعار البترول في السوق الدولية ؟ يبدو سؤالا ساذجا .. لكن يجب طرحه على أية حال، غير أن سؤالا بهذا الشكل يفهم على أن صاحبه غير راض على ارتفاع أسعار البترول. وبدأت المحاججة بيني وبينه، فقلت له أن ارتفاع أسعار المحروقات مكنت الجزائر من القضاء تماما على المديونية الخارجية، ومكنتها من الشروع في مشاريع تنموية هائلة، وأقدمت على رفع رواتب " النواب "، وعززت قفة رمضان ومنحة التمدرس ، وغيرها من التدابير ، وربما ستقدم مستقبلا على رفع رواتب " الطبقة الكادحة ". فقال لي صاحبي، ولكن ألا ترى أسعار المواد الغذائية والمصنعة وأسعار الأدوية وأسعار المواصلات وغيرها قد ارتفعت في السوق الدولية ، ثم ارتفعت في السوق المحلية لأننا أمة مصدرة للنفط ومستوردة للماء والدواء والغذاء ؟ وأن كل الشركات التي تسيطر على السوق الدولية بررت ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع أسعار البترول إلى أزيد من 100 دولار للبرميل، ووصلت إلى 150 دولار، قبل أن تبدأ في التراجع مؤخرا. ثم إن رواتب العمال الجزائريين تدفع بتقييم السوق المحلي، ونشتري السلع والخدمات بتقييم السوق الدولية، ولولا ارتفاع أسعار النفط هذا الإرتفاع الجنوني، ربما ما كانت أسعار المواد الغذائية لترتفع بشكل جنوني أيضا، فالجنون يا صديقي يقابله جنون مثله أو أكبر منه. كنت استمع إليه وكأنه يشتكي من ارتفاع الأسعار، ثم أردف : ألا تشاطرني الرأي إذا قلت لك إن المستفيد من ارتفاع أسعار البترول هم الحكام والأنظمة والمسؤولين الكبار دون سواهم ؟ ألا ترى أن رواتبهم وامتيازاتهم ترتفع بارتفاع الأسعار ولا تنزل بنزولها ؟ ثم يا صديقي ألا تعتقد أننا سنكون أول ضحايا صدمة نفطية لا قدر الله . حينها تذكرت العمود الذي كتبته سابقا بعنوان " لنشرب بترولنا " ، وعمود " نحن أموات ولا نشعر " ، الذي نقلت فيه تهديدات الخبراء من أن الجزائر ستتحول إلى صومال ثانية بعد عشر سنوات، وأنه بانخفاض أسعار النفط إلى دون 70 دولار ستتوقف جميع المشاريع التنموية، وإذا وصل السعر إلى 30 دولار ستصبح الدولة عاجزة عن دفع رواتب العمال. إنها تهديدات تمسنا نحن أولا في الصميم ، نحن أول المعنيين بها. وختم صاحبي يقول، اللعنة على البترول الذي جعلنا مكتوفي الأيدي، لا نحرث أرضا، ولا نزرع حبوبا ، ولا نحصد غلة، وجعلنا رهائن الشركات المتعددة الجنسيات والسوق الدولية، والمضاربين. لم أتمالك نفسي حتى قلت له : نعم يا صديقي .. اللعنة على البترول ، اللعنة على البترول. [email protected]