مع استعراض وقائع تطور الديمقراطية في العالم الغربي، وشروط قيامها نظاما اجتماعيا متكاملا يحقق التوازن المنطقي في معادلات الحياة، يضمن وجودا فاعلا للإنسان القادر على تقديم إضافات حضارية جديدة.. نجد أن الشرط البيئي في العالم العربي الغائب يجعل التحول الديمقراطي المنشود أمرا "مستحيلا" مع غياب السوق، القوة العسكرية والتطور التكنولوجي: صفة الابتكار والإبداع. والطقس السياسي العربي أخذ الشكل ال "مقلوب" مع دوران الدولاب السياسي الذي لا يعرف للوقوف معنى، يتنقل مؤشره بين: الحقيقة والزيف، الواقع والخيال، الصدق والكذب، ويتعدى نقطة الخير دون توقف، مكتفيا بارتعاشة متذبذبة، مدعيا معنى الخير المفقود ضمنا فتباركه مراكز القرار شكلا..! الحرية.. الحساسية البالغة الدقة، الشغل الإنساني القلق.. آياتها صكوك غفران.. كتبها فلاسفة النفع الفردي، المبرر فكريا، ترجمها السياسيون المؤتمنون على خزائن النفع الغربي المباح رغم أنف البشرية الهائمة بموسيقى موزارت. ولبست البشرية الرداء السياسي مرغمة، وهي عبثا تسعى لإخفاء جروح الجرم الغربي المشهود. والمعذبون في الأرض خانعون.. والحرية فكرة في الذهن ومبدأ من مبادئ الحياة السياسية والخطر يكمن في غيابها.. أما الإمساك بها فتعهد المهمة الأصعب على الإطلاق والنضال في سبيلها شاق وطويل.. وظلت الحرية تتراجع في موطنها الغربي، وبات الانتصار يسجل دوما لصالح النزعة الاستبدادية. وحتى الثورة الاشتراكية الكبرى التي امتدت في مساحات شاسعة.. جعلت الحرية مهددة تحت أعذار ومبررات كثيرة.. بطرح منطق "دكتاتورية البروليتارية" وظل هذا المنطق يخرب البنيان الفكري والاجتماعي والثقافي.. حتى خرب الاشتراكية ذاتها ونسف أنظمتها. وإذ تتوضح أشكال الاستبداد التي حاصرت الحرية "اللبيرالية" في آسيا وأوروبا.. فإن نزعة الإرهاب تتفجر في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. ويبرز مشهد الإرهاب الآتي: 1 إرهاب السيناتور مكارثي 2 لجنة مكارثي وعلاقاتها بالسلطات الطبقية 3 منظمات الأمن القومي السرية وظلت "الليبرالية" في خطر دائم.. وظل المؤمنون بها في حالة استنفار دائم واستعداد للمواجهة.. فهي حجر الأساس في الكيان الإنساني ومركز وجوده الفاعل، ورغم ذلك فإن قضايا الحرية لم تحسم بعد.. فالصراع سيستمر لعصور أخرى وتتعدد أشكاله بتعدد أوجه الحرية حتى تصل إلى مداها الطبيعي كقيمة مطلقة أساسية في الكون البشري.