إن الغزو والتدمير المتبادل بين جيوش الإمبراطوريات القديمة والقروسطية لم يبنِ حضارة إنسانية كونية، التقدم العلمي المعرفي والثورات الصناعية والإلكترونية والمعلوماتية قادت إلى الانفتاح على كل البشرية، وسيادة القيم الكونية المشتركة، تراجعت وانهارت الإمبراطوريات الإقليمية: (الإغريقية، الأوروبية القروسطية، الرومانية الغربيةوالشرقية، الصينية، الهندية، الفارسية، الفرعونية، السومرية، البابلية، الآشورية، الفينيقية، المغولية، العربية - الإسلامية، وفي أمريكا الجنوبية حضارة الأنكا، المايا•••الخ)، وجفت حضاراتها القديمة والقروسطية، وبقيت الآثار التاريخية وتأثيرات ثقافية وسيكولوجية محلية، وعليه باليد ثقافات متباينة متفاوتة التطور التاريخي، ليس باليد حضارات متعددة تتصارع• ''نهاية التاريخ'' عند حدود الرأسمالية والنيوليبرالية، و''صراع الحضارات'' المزعوم، فقد جاءت وبرزت وتسارعت وقائع التاريخ لتكذيبها، ومثال مظاهرات عشرات الملايين في أوروبا وأمريكا والعالم نحو ''عولمة شعبية جديدة في خدمة الشعوب''، و''التحولات اليسارية الكبرى في أمريكا اللاتينية''، تنامي دور وتطور اليسار الحاكم في الصين وفيتنام وكوبا، عودة يسار الوسط للحكم بالتحالف مع أحزاب اليسار الجذري الماركسي في الهند، وعديد الأقطار في آسيا وإفريقيا، حكومات يسار الوسط في أوروبا شمالاً وجنوباً، مظاهرات الملايين على امتداد العالم ضد الغزو الأمريكي للعراق، ومع شعب فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي التوسعي؛ الأزمة الطاحنة الراهنة (طبعة 2008) في النظام الرأسمالي العالمي، وخاصة في بلدان المركز الرأسمالي، وانهيارات وتداعيات أزمة النظام الرأسمالي المالي، وحلول المعالجة بتدخل الدولة ب ''التأميم'' و''الشراء والاستحواذ'' على الشركات والبنوك العملاقة المنهارة، تشير إلى ''لجوء واضطرار'' النظام الرأسمالي العالمي النيوليبرالي (حرية السوق وعدم تدخل الدولة)؛ إلى حلول مستوحاة ومأخوذة عن التجارب الاشتراكية في القرن العشرين، والتي تتطور إلى أمام (الصين، فيتنام، كوبا)، أوالتي تفككت وانهارت (تجربة الاتحاد السوفييتي - أوروبا الشرقية) تحت ضغط أزماتها الداخلية، أزمات ما قبل ''الثورة الجديدة'' على جدول أعمال شعوب هذه التجارب، وفي المقدمة غياب ''الديمقراطية الاشتراكية'' في المجتمع والدولة والحياة الحزبية والنقابية والفكرية التعددية لحل ''أزمة ما قبل الثورة الجديدة'' نحو ''ديمقراطية الاشتراكية واشتراكية الديمقراطية'' نحو ثورة مجتمعات ما بعد التصنيع في حقوق الإنسان وعالم الثورة الإلكترونية والعولمة الشعبية البديلة عن العولمة الرأسمالية المتوحشة •••، حلول بالتدخل الواسع للدولة في الاقتصاد، الشركات الإستراتيجية العملاقة والبنوك، المشاريع الإستراتيجية الكبرى، بعمليات ''التأميم'' و''الاستحواذ'' و''الشراء'' للشركات والبنوك المنهارة، تأمين السيولة المالية للشركات والبنوك، ضمان الدولة لأموال المودعين، تمويل الدولة ''للصناديق السيادية'' لضمان ملكية الشركات والبنوك والمشاريع الإستراتيجية، في إطار ''السياسة الحمائية'' حتى لا تتسرب ''الملكية'' لرأسمال المال المالي الخارجي• وكل هذه السياسات والوسائل مستوحاة، بل مأخوذة عن التجارب الإشتراكية في القرن العشرين حتى يومنا في القرن الواحد والعشرين• هذه التطورات كلها؛ التحولات، التداعيات، وقائع حيّة ماثلة وصارخة على أن عجلة التاريخ تدور من حولنا، لم تتوقف عن الصراع، لفتح آفاق التاريخ والحضارة الإنسانية نحو العدالة والتقدم إلى الأمام• وطبيعي العمل نحو تجسير العلاقة التحالفية بين جديد التاريخ و معسكر حركة التحرر و التقدم في العالم الثالث.