كل عمل إرهابي يطلق عليه وصف " الإرهاب الأعمى " ، أي أنه يضرب بدون تمييز ، يضرب أي بلد، أي موقع ، أي شخص ، في أي يوم، في أي وقت .. المهم أنه يضرب. لذلك يقال " إن الإرهاب أعمى ". ولكن بصراحة ، بينت الوقائع والأحداث والعمليات الإرهابية ومكان وقوعها وتوقيا الوقوع أن الإرهاب الذي تعاني منه الأمة العربية والإسلامية قاطبة " إرهابا يرى بشكل جيد " ، إنه " إرهاب بصير " قوة النظر عنده 10 على 10. يمكن أن تكون التفجيرات عمياء ، تصيب المستهدف وغير المستهدف. لكن الذي صنع التفجيرات، والذي قرر وضعها في المكان والوقت المحددين، لن يكون بأي حال من الأحوال أعمى. وعندما نقول أن الإرهاب أعمى، فإننا نرفع عنه الحرج، بحكم أن ثقافتنا العربية الإسلامية تنص بشكل صريح " أنه ليس على الأعمى حرج ". والحكم بأن الإرهاب بصير، ليس إشادة بالعمليات الإرهابية الإجرامية المدانة أخلاقيا وسياسيا ودينيا وإنسانيا. إنه يستدعي فقط التساؤل عن سر هذا الإرهاب. لو نضع " الخريطة الإرهابية الدولية " على الطاولة، نجد أن " هذا الإرهاب الأعمى " يضرب فقط في البلدان الإسلامية والعربية بشكل جنوني. من الجزائر إلى السعودية إلى العراق إلى باكستان إلى أفغانستان إلى مالي إلى السودان إلى لبنان وإلى سورية التي شهدت يوم أول أمس أعنف عملية إرهابية منذ 30 سنة. هذا الإرهاب يستهدف زعزعة البلدان العربية والإسلامية ، وهي زعزعة لن تكون إلا في صالح أعداء الأمة العربية والإسلامية ممثلين في الغرب على عمومه. لذلك لا يمكن أن يكون الإرهاب أعمي ، التفجيرات عمياء نعم، لكن الأماكن المستهدفة بالتفجيرات، وتوقيت التفجيرات، والإغتيالات التي تمس شخصيات محورية سواء أكانت أمنية مثل عماد مغنية القائد العملياتي لحزب الله، أو سياسية مثل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق، وبينازير بوتو رئيس وزراء باكستان السابقة، لا يمكن بحال أن تكون عمياء. إنه مخطط لها لزعزعة الاستقرار بدون شك. وفي هذا السياق يدخل التفجير الإرهابي الأخير في دمشق. ومن زاوية أخرى، فإن العمليات الإرهابية التي تستهدف الغرب مثل تفجيرات 11 سبتمبر 2001 في واشنطن، والتي تجلب الويل وتجني على البلدان العربية والإسلامية دون سواها، والتي أفضت إلى اتخاذ قرارات خطيرة وغير ممكنة بدون تلك العمليات الإرهابية مثل احتلال أفغانستان والعراق ، تدخل الشك في هذا الإرهاب. لذلك ليس هناك إرهابا أعمى، بما في ذلك العملية التي استهدفت دمشق مؤخرا، إنها ترى بشكل جيد، والخوف كله، أن تكون بداية لتفجيرات أخرى، أليس هكذا بدأت الأحداث في باكستان ؟