عبر حزب جبهة التحرير الوطني عن دعمه للقرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية والقاضي بأجراء تعديل محدود للدستور وعرضه على البرلمان، وأعلن من جهة أخرى عن مساندته مسعى عبد العزيز بوتفليقة الرامي إلى مراجعة أعمق للنص يعرض على الشعب الجزائري للاستفتاء، وهو المطلب الذي دعا إليه الأفلان منذ أكثر من عامين وقدم بشأنه مقترحا إلى رئيس الدولة تضمن تعديلات جوهرية تعالج مختلف النقائص التي يعاني منها الدستور الحالي. أكد حزب جبهة التحرير الوطني في بيان تلقت "صوت الأحرار" نسخة منه عن دعمه للمبادرة التي كشف عنها رئيس الجمهورية، ورئيس الحزب في الخطاب الذي ألقاه أمس بمقر المحكمة العليا بمناسبة إشرافه على الافتتاح الرسمي للسنة القضائية الجديدة، والمتمثلة في إخطار البرلمان بشان إجراء تعديلات محدودة على دستور 96، وهو القرار الذي ارتقبه الأفلان ولمحت إليه العديد من المصادر التي رجحت أن يلجأ رئيس الجمهورية إلى مراجعة طفيفة على النص وعرضه على غرفتي البرلمانية مجتمعتين معا بدلا من الاستفتاء، وبررت ذلك بضيق الوقت، كما كشفت من جهة أخرى بان رئيس الدولة لن يتراجع عن تعديل شامل للدستور الحالي، بالنظر إلى قناعته بضرورة إجراء تعديلات عميقة على الدستور الحالي تعالج النقائص الكثيرة التي يعاني منها. وأعلن الأفلان في نفس السياق عن مساندته لمسعى رئيس الدولة الهادف إلى القيام بتعديل أعمق للدستور الذي سيعرض لاحقا للاستفتاء الشعبي وهذا، يضيف الحزب العتيد، "قصد تجذير الممارسة الديموقراطية وتوضيح صلاحيات مختلف المؤسسات وتعزيز الرقابة المؤسساتية وصون الحريات الفردية والجماعية". وأوضح رئيس الجمهورية أمس في خطاب ألقاه بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2008 - 2009 عن تعديل دستوري جزئي ومحدود، وقال القاضي الأول في البلاد أمام القضاة وإطارات العدالة وأعضاء الحكومة بأنه "نظرا للالتزامات المستعجلة والتحديات الراهنة فقد ارتأيت إجراء تعديلات جزئية محدودة ليست بذلك العمق ولا بذلك الحجم ولا بتلك الصيغة التي كنت أنوي القيام بها التي تتطلب اللجوء إلى الشعب، فقد فضلت اللجوء إلى الإجراء المنصوص عليه في المادة 176 من الدستور وإذا تم استبعاد فكرة التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء إلى حين فهذا لا يعني التخلي عنها". ويبدو أن رئيس الدولة قد تعمد الإشارة إلى قناعته الراسخة بضرورة إجراء تعديلات عميقة على الدستور الحالي مستقبلا حتى لا يقرأ قراره على أنه تراجع عن مشروع عمل لأجله منذ سنوات، وذكر الرئيس بوتفليقة من جهة أخرى بأنه عندما أعلن عن رغبته في تعديل الدستور كان قد أوضح "حينها الدواعي التي كانت تفرض ضرورة التكيف مع المرحلة القادمة ورغم أن القناعة كانت قوية بحتمية مراجعة الدستور في أقرب فرصة تتيحها الظروف إلا أن ثقل الالتزامات وتراكم الأوليات وتعدد الاستحقاقات حالت دون تجسيد هذا الهدف وفرضت مزيدا من التريث والانتظار". والمؤكد أن اختيار الرئيس القيام بتعديل طفيف للدستور الحالي لا يعني أنه سوف يكتفي بمراجعة المادة 74 منه المتعلقة بالعهدة الرئاسية كما كان يتوقع البعض ويروج البعض الأخر، وفي هذا الإطار أضاف بوتفليقة بأن مقاصد مشروع التعديل الدستوري الذي سيعرض على البرلمان بعد إدلاء المجلس الدستوري برأيه المعلل بشأنه طبقا لأحكام المادة 176 هو إثراء النظام المؤسساتي بمقومات الاستقرار والفعالية والاستمرارية وهو يرتكز على حماية رموز الثورة المجيدة و إعادة تنظيم و تدقيق و توضيح الصلاحيات والعلاقات بين مكونات السلطة التنفيذية وتمكين الشعب من ممارسة حقه المشروع في اختيار من يقود مصيره وأن ما نبتغيه من التعديل الدستوري هو إضفاء المزيد من الانسجام على نظامنا السياسي بإرساء قواعد واضحة المعالم. ويأتي قرار رئيس الجمهورية ليتوج العمل السياسي الكبير الذي قام به الأفلان خلال السنوات الأخيرة والهادف إلى مراجعة الدستور الحالي من أجل معالجة مختلف الاختلالات التي يعاني منها، فضلا عن السماح لرئيس الجمهورية بالترشح لعهدة رئاسية ثالثة وهو ما سوف يوفره التعديل المرتقب إدخاله على المادة 74 من دستور 96 المتعلق بالعهدة الرئاسية. ويعتبر الأفلان القوة السياسية الأولى التي دعمت مسعى تعديل الدستور، وتقدمت منذ حوالي عامين بمقترح لمراجعة النص إلى رئيس الجمهورية كان عبارة عن عصارة عمل متقن قام به فريق من الخبراء والمتخصصين ضمن لجنة شكلها الحزب وعملت دون انقطاع على مدار ستة أشهر كاملة. وتمحورت أهم مقترحات الحزب العتيد حول توحيد السلطة التنفيذية من خلال إلغاء منصب رئيس الحكومة وتعويضه بمنصب رئيس للوزراء أو وزير أول تقتصر مهمته على تنسيق عمل الجهاز التنفيذي الخاضع لرئيس الجمهورية، وفضلا عن ذلك مراجعة علاقات السلطات الثلاث، وتدعيم صلاحيات الرئيس في إطار البحث عن نظام يميل أكثر إلى النظام الرئاسي، وتوسيع الحريات زيادة عن توسيع دائرة إخطار المجلس الدستوري، والمطالبة بمراجعة المادة 74من دستور 96 بالشكل الذي يجعل الترشح لمنصب الرئاسة مفتوحا على أكثر من عهدة.