وصفت ميشال أليو ماري وزير الداخلية الفرنسية أمس الجزائر بالشريك "الاستراتيجي والمفتاح" بالنسبة لباريس في الحرب على الإرهاب، وأنها مدعوة للعب دور أساسي في مشروع الإتحاد المتوسطي الذي لا يمكن المضي فيه من وجهة نظر المتحدثة من دون الجزائر، وفي سياق آخر كشفت ميشال أليو عن لقاء جمعها بوزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله جرى التطرق فيه إلى "التصور المتسامح لممارسة الديانات"، وأن الطرفين اتفقا على تكثيف التبادل في مجال مكافحة الانحرافات والتجاوزات التي تقوم بها بعض الجماعات الدينية ردا على الانشغال الجزائري بخصوص قضية التنصير. أوضحت ميشال أليو في لقاء صحفي مقتضب مع الصحافة الوطنية أمس بمقر الحماية المدنية أن لقاء جمعها بوزير الشؤون الدينية والأوقاف باعتبار أن وزير الداخلية في فرنسا يعنى في الوقت نفسه بالشؤون الدينية، وفي ردها على سؤال يتعلق بقضية التنصير الذي تمارسه بعض الجماعات المسيحية التي تعرف بأتباع الكنيسة الإنجيلية في الجزائر والذي يمثل أحد أهم انشغالات الجزائر، أجابت بالقول إن التصور المتسامح لممارسة الديانات كان على محور النقاش، وكذا الانشغال المشترك المتعلق بظهور جماعات دينية ونشاطاتها موضحة أن الطرفين اتفقا على تكثيف التبادل في مجال مكافحة هذه الانحرافات، وإن كانت الوزير تجنبت استعمال مصطلح التنصير إلا أن إجابتها حملت اعترافا ضمنيا بالتجاوزات التي تقوم بها بعض الجماعات الدينية في الجزائر وقالت إنها تمثل تهديدا للمواطنين، وكانت الصحافة الفرنسية أشارت عشية الزيارة إلى أن ميشال أليو ستسعى إلى مناقشة ما تصفه بقضية التضييق على الجماعات المسيحية في الجزائر، وأضافت المتحدثة أن وضعية الإسلام في فرنسا حظيت بجانب من الاهتمام المشترك خاصة بالنسبة لأماكن العبادة في فرنسا وذهبت إلى القول "لقد قمنا بإجراء معاينة حول الوضعية خاصة عدد المساجد التي شيدت في السنوات الأخيرة كما تطرقنا إلى دور مؤسسة الشؤون الإسلامية في فرنسا والتي سيكون لها دور في جمع التمويلات التي تسمح بتشييد المساجد وأماكن العبادة إلى جانب التشاور مع السلطات المحلية حول أماكن بناء هذه المساجد". وفي سياق ذي صلة أضافت الوزيرة الفرنسية أن انتخابات مجلس مسلمي فرنسا المقرر إجراؤها أواخر الشهر الجاري كانت في صلب المباحثات مع وزير الشؤون الدينية من خلال التطرق إلى الإجراءات التقنية لتحضير هذه الانتخابات، وعن الصراع الدائر حولها وحظوظ الجزائري أبو بكر دليل أوضحت "ما أستطيع أن أقوله أنها ككل أي انتخابات لم تحسم بعد وان الأصوات تجمع واحدة تلو الأخرى إلى غاية النتيجة النهائية". الجزائر "الشريك المفتاح" لفرنسا في محاربة الإرهاب على صعيد آخر أشارت المسؤولة الفرنسية إلى الأهمية التي توليها باريس للعلاقات مع الجزائر والتي وصفتها بالمتميزة والاستثنائية باعتبار أن الجزائر شريك استراتيجي لفرنسا، وقالت إن ما تم الاتفاق عليه مع وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني إنما هو تطبيق لورقة الطريق التي أعدها الرئيسين بوتفليقة وساركوزي خلال الزيارة التي قام بها هذا الأخير في ديسمبر الماضي، وقالت إن الاتفاق شمل مجالات الأمن تنقل الأشخاص والحماية المدنية والشرطة العلمية والتقنية، وأن هذا التعاون يشمل العلامات الجينية و بصمات الأصابع وأن تعميم هذه الطريقة بعد توفر الوسائل التقنية والمالية من شأنه التخفيف من نسبة الجريمة. وفي تطرقها إلى موضوع الساعة وهو الإرهاب فقد أكدت ميشال أليو ماري على أن الجزائر تمثل الشريك الأساسي أو "الشريك المفتاح" في الحرب على الإرهاب بالنسبة لفرنسا، وأشارت إلى أن الظاهرة التي تعدت الحدود يجب أن يكون الرد عليها دوليا وليس وطنيا وأن التهديدات الإرهابية تواجه جميع الدول دون استثناء. وفي ردها على سؤال يتعلق بمشروع الاتحاد المتوسطي الذي يدعو إليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاتحاد المتوسطي، أوضحت المسؤولة الفرنسية أن الأهم هو ما يحمله المشروع بالنسبة للمنطقة، وأبرزت أن الدراسات الاستراتيجية تؤكد أنه وبعد 20 أو 30 سنة لن يكون هناك مكان في العالم سوى للمجموعات الاقتصادية والديمغرافية الكبرى وفي مقدمتها الصين ب2.1مليار نسمة والهند وكذا أمريكا اللاتينية بحوالي 900 مليون نسمة ثم أمريكا الشمالية وبلدان إفريقيا بحوالي مليار نسمة، وإذا ظلت أروبا من جهة وبلدان المغرب العربي في الجهة المقابلة دون عمل مشترك أو تكتل فسيتحولون من وجهة نظر ميشال أليو إلى "أقزام" جغرافية واقتصادية لأن الاقتصاد ومثلما تذهب إليه المتحدثة يحتاج إلى أسواق وسكان، وبالتالي فإن المصلحة المشتركة تفرض على دول ضفتي المتوسط التكتل لإقامة فضاء ديمغرافي واقتصادي في مواجهة التكتلات الأخرى، خاصة في وجود قواسم مشتركة بين هذه الشعوب وهي عوامل ثقافية ومصالح وتهديدات مشتركة إلى جانب البحر الأبيض المتوسط الذي يعد أحد هذه القواسم، كما أن الهدف من إقامة هذا الاتحاد هو أن تصبح المنطقة مركز ثقل اقتصادي وثقافي وانساني، وشددت ميشال أليو على دور الجزائر في هذا الفضاء الذي تريده باريس بالقول" إن الجزائر مدعو للعب دور كبير في هذا الاتحاد ولا يمكن المضي في المشروع بدونه". ميشال أليو تطلب دعم زرهوني لإقامة نظام للمعلومات والتدخل في المتوسط لمحاربة المخدرات وبخصوص الزيارة التي كان يفترض أن يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي كوشنير إلى الجزائر فقد نفت المتحدثة ما جرى تداوله بخصوص إلغاء الزيارة وقالت إن الأمر يتعلق بمجرد تأجيل وليس إلغاء وأن كوشنير سيزور قريبا الجزائر، أما زيارتها إلى تلمسان فقد أكدت أن لا علاقة لها بقضية الحدود الجزائرية المغربية بل هي زيارة لأماكن دينية إلى مسجد ومقبرتين مسيحيتين وأخرى يهودية، وبالنسبة للقضية الصحراوية والموقف الفرنسي الداعم للرباط فقد أجابت وزير الداخلية الفرنسية بإجابة دبلوماسية ودعت الصحفيين إلى تجنب التأويلات والقراءات غير الصحيحة لأن الموقف الفرنسي ومثلما أوضحت المتحدثة منسجم مع قرارات مجلس الأمن الدولي. وبالنسبة لقضية تهريب والمتاجرة بالمخدرات التي تواجهها الجزائر عبر حدودها الغربية فقد اعتبرت وزير الداخلية الفرنسية أن المخدرات أصبحت مشكل يمس كل البلدان، يستدعي التأقلم معه وقالت إن المخدرات القادمة من بلدان أمريكا اللاتنية أصبحت تأخذ مسارات جديدة تمر عبر القارة الإفريقية، وأشارت إلى مبادرة الاتحاد الأوربي في إقامة نظام للمعلومات والتدخل في منطقة الأطلسي مركزه في لشبونة بالبرتغال والذي حقق نتائج جيدة بإحباط عدة في الأشهر الماضية، وهذا ما جعل الشبكات تتحول نحو القارة الإفريقية وخصوصا عبر السنغال ونيجيريا ثم الانتقال إلى بلدان شمال القارة و البحر المتوسط، ودعت المتحدث إلى ضرورة المبادرة بعمل مشترك في هذا المجال بإقامة نظام مماثل في البحر المتوسط، وطلبت دعما من وزير الداخلية نو الدين يزيد زرهوني ومن الجزائر لإنجاح هذا المشروع، قائلة "إن مثل هذا العمل يعنينا جميعا". وفي رده على سؤال حول التاريخ الاستعماري لفرنسا في الجزائر فقد عادت المتحدثة إلى التذكير بمواقف ساركوزي المنددة بهذا الماضي موجهة دعوة إلى الجزائر من أجل تجاوز الماضي والمضي نحو المستقبل.